واحد من كل 10 صناديق معرض للإفلاس

تريليونا دولار قيمة صناديق التحوط الأميركية

يسري الآن شعور بالخوف من الانهيار في قطاع صناديق التحوط
TT

منذ عشرة أشهر فقط، كان ريمي ترافيليت في حالة مالية مزدهرة، لدرجة أنه دعا حوالي 100 موظف في صندوق التحوط الذي يديره إلى قضاء عطلة في البندقية. وقد أمضى هو وموظفوه عطلة نهاية الأسبوع في فندق باور ذي الخمس نجمات الذي يمتاز بالنجف المصنوع من زجاج المورانو والقوارب الصغيرة والمنظر الرائع المطل على الكنيسة التي تعود إلى القرن السابع عشر.

ولكن الآن، يبدو أن صندوق ترافيليت ـ مثل البندقية ـ يتعرض للغرق. فقد هبط صندوقه الرائد بنسبة 26 في المائة هذا العام، ويكافح ترافيليت من أجل التماسك مع الموظفين القلقين، بالإضافة إلى بعض المستثمرين.

وربما يكون أكثر شيء جدير بالملاحظة في ترافيليت هو أنه ليس ملحوظا على الإطلاق. فهناك الآلاف من مديري صناديق التحوط، مثله، غالبا ما يكونون شبابا ورجالا وتقريبا غير معروفين خارج الدوائر المالية، يواجهون حقيقة واقعية: لقد ولت أيام المال الوفير.

وترهق اقتصادات صناعة صناديق التحوط ـ وهي مربحة جدا في حالة تحسن الأوضاع ـ أكثر المديرين حنكة في حالة سوء الأوضاع. ويحاول المديرون البارعون الذين جمعوا ملايين أو حتى بلايين الدولارات من المستثمرين الأثرياء إقناع هؤلاء المستثمرين بالبقاء معهم. ففي قطاع صناديق التحوط التي تبلغ قيمتها تريليوني دولار، يسري الآن شعور بالخوف من الانهيار، ويقول بعض المحللين إن واحدا من بين كل عشرة صناديق معرض للإفلاس.

ويصر ترافيليت، الذي يبلغ من العمر 38 عاما وبدأ كمدير للأموال في الصندوق المشترك الكبير فيديليتي، على أن صندوقه ترافيليت وشركاءه، سيكون من بين الناجين. وقد مر الصندوق بفترات قاسية من قبل، لكنه يقول إنه لن يستسلم الآن. وقد قال ترافيليت في اتصال مع أحد المستثمرين يوم الخميس: «هناك حل سهل، ولكن لست أنا الذي سأتخذه. وأشعر بالتزام شخصي وأخلاقي تام يجبرني على الاجتهاد قدر استطاعتي خاصة في هذه الفترة الصعبة». ولكن ما زال المديرون مثل ترافيليت يواجهون تحديات هائلة. فقد انخفضت قيمة صندوقه إلى 3 مليارات دولار من 6 مليارات في أعلى قيمة حققها في عام 2006. وقد كان ذلك منذ ثلاثة أعوام عندما حقق عائدات من رقمين كما فعل العديد من الصناديق في أوج هذه الصناعة، قبل أن يزدحم فيها آلاف من المديرين الجدد، ويجعلوا الحصول على عمليات مربحة أمرا أكثر صعوبة.

وربما يكون من السهل وصف قصة ترافيليت بالمحلق عاليا الذي يسقط على الأرض. ولكن تهم ثروات صناديق التحوط كل المستثمرين تقريبا، سواء أكانوا كبارا أم صغارا. وفي الأعوام الأخيرة، ضخت صناديق المعاشات والأوقاف والمؤسسات الحكومية والاستثمارية، أموالا في هذه المؤسسات الاستثمارية الخاصة أملا في جني أرباح طائلة.

وحتى هذا العام، انخفض متوسط أرباح صندوق التحوط بنسبة 17 في المائة، وهو نصف نسبة انخفاض مؤشر ستاندرد أند بورز 500 في البورصة.

ومع زيادة الخسائر، يتشاور مديرو صناديق التحوط مع محامين لتحديد ما إذا كانت مهتهم الائتمانية تحتم عليهم أن يغلقوا أبوابهم، ويسيلوا ممتلكاتهم ويتبعوا إجراءات إعادة الأموال للمستثمرين، قبل استفحال الخسائر، أو أن يظلوا في العمل ويحاولوا الخروج من المأزق.

كان أنه من السهل أن يبدو صندوق التحوط نجما أثناء ازدهار السوق. وقد حقق ترافيليت أرباحا بنسبة 42 في المائة عام 2005، و17 في المائة عام 2004، و39 في المائة عام 2003. وقد كون ثروة بعد انفجار فقاعة التكنولوجيا وكان الجميع يصارع الأزمة.

ويقول ترافيليت إنه يعتقد في إمكانية الصمود. وقد أفاد في حوار أجري معه صباح يوم الجمعة الماضي، بأنه حوّل نصف أموال صندوق دلتا إنستيتيوشنال إلى نقود سائلة، وأنه يعتقد أن أوضاعه سوف تتحسن.

ويقول ترافيليت: «لم نكن لنعمل بهذا الجهد ونستثمر في الشركة لو لم نكن نرى الفرصة الكبرى».

ولكن صندوق ترافيليت، الذي تأسس في نيويورك عام 2000، يعاني من وضع أسوأ من صناديق التحوط الأخرى، لأن الصندوق حقق 6 في المائة فقط أرباحا في العام الماضي، و2 في المائة فقط عام 2006، وفقا لما ذكره أحد المستثمرين. وربما يختار المستثمرون الذين يدرسون ما إذا كانوا سيتركون صندوق ترافيليت إلى الصناديق الأخرى والبقاء مع الصناديق، التي حققت لهم المزيد من الأموال أخيرا.

وكثير من الأموال المستثمرة في صندوق ترافيليت هي أموال ترافيليت ذاته. لذا يمكنه ـ إلى حد ما ـ أن يختار الاستمرار بغض النظر عن هرب المستثمرين. وفي عالم صناديق التحوط، أعاد المتعاملون تحقيق أرباح وثروات تفوق ثرواتهم الأصلية عشرات المرات، وربما يعود ترافيليت أيضا للتأثير مجددا في الأعوام المقبلة.

وربما تكون هذه رحلة بالنسبة لترافيليت، الذي نضجت قدرته على انتقاء الأسهم أثناء دراسته في أكاديمية فيليبس إكسيتير. وبعد تخرجه في كلية دارتماوث، تولى وظيفته في فيديليتي. وفي عمر 25 عاما، كان يدير صندوق استثمار قيمته 500 مليون دولار.

واليوم يتمتع ترافيليت بمظاهر النجاح، وما زال ثريا وفقا لبعض المعايير. فلديه منزل في بارك أفينو، ويمضي إجازاته في أماكن مثل جزيرة فيشرز الخاصة في لونغ أيلاند ساوند، التي تجذب شواطئها أصحاب الأموال منذ فترة بعيدة. وفي عام كانت فيه الأحوال جيدة مثل عام 2005، حقق صندوقه مئات الملايين من الدولارات، التي كانت تقسم بينه وبين شركاء قليلين بعد دفع التكاليف.

وعلى خلاف بعض مديري صناديق التحوط الذين يستخدمون نماذج وصيغ كومبيوتر معقدة لتحديد الاستثمارات، يختار ترافيليت الأسهم بطريقة قديمة: البحث في أسس الشركات مثل الأرباح والمبيعات. وقد حقق أرباحا طويلة المدى مع شركات كبيرة وصغيرة، بناء على الأبحاث والاجتماعات التي عقدها مع مديري هذه الشركات. وقد سرت بعض الأقاويل في مجتمع انتقاء الأسهم بأن ترافيليت يدفع إلى طلاب الجامعة من أجل حصر السيارات المتوقفة أمام أماكن التسوق كجزء من أبحاثه.

وما زال ترافيليت يمضي معظم وقته في دراسة الشركات، على الرغم من الاضطراب الذي تشهده السوق الآن، ويقول إنه يعتقد أن هناك أرباحا يمكن تحقيقها عندما تمر العاصفة.

وقال في حديث مع أحد المستثمرين: «لا أدري إذا ما كانت السوق سوف تتحرك من هنا إلى أعلى، أم إلى أسفل. ولكن دعني أحدثك بأن هناك أخطاء هائلة في تحديد الأسعار في كل مكان».

وبينما يضارب ترافيليت على بعض الأسهم وضد البعض، إلا أنه أصيب بالأسى في سبتمبر (أيلول)، حيث تكبد خسارة فادحة في أكبر أسهمه، شركة ألترا بتروليم في هوستون، والتي انخفضت من 84 دولارا منذ ثلاثة أشهر إلى 40 دولارا يوم الاثنين، قبل أن يرفع السهم من السوق. وفي منتصف سبتمبر، عندما حظر المراقبون البيع على المكشوف، وقع ترافيليت، كما هو الحال مع العديد من مديري صناديق التحوط، تحت ضغوط كبيرة. وكان عليه أن يخرج من الأسهم المكشوفة. ومع نهاية الشهر، كان قد خسر 18,5 في المائة. وبدأ آخرون في الصناعة في التساؤل عندما سرّح ترافيليت عددا كبيرا من موظفيه في منتصف الشهر. وقال إن تخفيض عدد موظفيه كان بسبب التحديث التكنولوجي. وفي الأسبوع الماضي، غادر موظفان كبيران العمل، ولكن قال ترافيليت إن مغادرتهما لم تكن بسبب أداء الصندوق.

وقد ارتفعت أرباح صندوق ترافيليت بنسبة 4,5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفقا لما صرح به أحد المستثمرين، بينما كان متوسط ما تحققه صناديق التحوط في هبوط. ولكن يعرف ترافيليت أن الساعة تقترب، وعليه أن يحتفظ بموظفيه ليظل لديه الأمل في العودة مجددا. وفي نهاية أغسطس (آب)، قام شخصيا بمنح مكافآت لكبار مديريه عن هذا العام، وأخبرهم أنه إذا لزم الأمر سيضخ المزيد من أمواله الخاصة في الصندوق عام 2009، ليؤمن رواتبهم.

* خدمة «نيويورك تايمز»