وزير مغربي: حان الوقت لبناء وتجديد منظور إعلامي جديد للهجرة

ندوة في الرباط تدعو إلى انتهاج سياسة أكثر جرأة وعمقا إزاء الظاهرة

إدريس اليزمي، رئيس مجلس الجالية المغربية في الخارج، ومحمد عامر، الوزير المنتدب المكلف الجالية المغربية وخالد الناصري، وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة لدى مشاركتهم في المائدة المستديرة في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

قال خالد الناصري، وزير الاتصال (الإعلام)، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، إن الانشغال الإعلامي الرسمي بظاهرة الهجرة دائم ومستمر، انطلاقا من الأهمية التي تحظى بها الجالية المغربية المقيمة في الخارج، سعيا وراء ترسيخ الاهتمام الإعلامي بشؤونها كخدمة عمومية، ولذلك تعمل مؤسسات القطاع المسموع والمرئي على تضمين مخططاتها لبرامج تعنى بشؤون أفراد الجالية، وتتناول قضاياهم، وتفتح لهم المجال للتعبير بكامل الصراحة عن انتظاراتهم وتطلعاتهم.

وأضاف الناصري، خلال افتتاح مائدة مستديرة نظمتها أمس في الرباط الوزارة المكلفة الجالية المغربية في الخارج، بتعاون مع وزارة الاتصال، ودعم من مجلس الجالية المغربية، أن الهدف هو ترسيخ علاقة الجالية المغربية بالوطن الأم، والتطرق للتحول النوعي الذي تعيشه، والتعريف بأسباب قدرتها على تحقيق الاندماج الفعلي في النسيج الاجتماعي ببلدان الإقامة، وتسليط الأضواء كذلك على إسهامها في المشاريع التنموية في المغرب كقوة استثمارية، في إطار استمرار روابطها بوطنها. وأوضح الناصري أن المائدة المستديرة حول الإعلامي هي وقفة تأملية تشكل محطة متميزة في الولوج إلى عمق الموضوع المطروح للنقاش، تحت شعار: «الإعلام والجالية المغربية بالخارج: أي ارتباط من أجل أي هدف؟». ودعا الجميع، كل من موقعه إلى الاجتهاد، للوصول إلى تعامل أحسن مع الإشكالية، والتعريف أكثر وبطريقة مهنية بأوضاع وطموحات مغاربة المهجر، الذين يطالبون وطنهم عن حق، بالمزيد من الاستماع إليهم، ووطنهم يمد إليهم دائما يد الإخوة والتقدير والاحترام، لتشبثهم الدائم بجذورهم وهويتهم، ودفاعهم عن قضايا الأرض التي ينتمون إليها.

وألقى إدريس اليزمي، رئيس مجلس الجالية المغربية في الخارج، نظرة تاريخية على تعامل الإعلام الأجنبي، خاصة في فرنسا مع ظاهرة الهجرة، وربطها بالدين، انطلاقا من التداعيات التي أثارتها زيارة المطربة المصرية أم كلثوم لباريس، وإحيائها لحفل ساهر في قاعة الأولمبيا.

وقدم اليزمي ايضا قراءة مستفيضة في التعاليق التي تعاملت بها الصحافة الفرنسية على امتداد السنين، مع الهجرة، مستعرضا بعض العناوين و«المانشيتات» الرسمية لأغلفة المجلات الأسبوعية والصفحات الأولى من الجرائد اليومية، وهي عناوين صادمة مثل: «الإسلام يستقر في فرنسا»، و«الإسلام يبحث عن صوته في فرنسا»، و«الحقيقة حول الإسلام في فرنسا»، و«فرنسا والجهاد»، و«شبكات الجهاد في فرنسا» و«الضواحي: ما لا نجرؤ على قوله».

وأشار اليزمي إلى أن مجلس الجالية يواكب هذه المائدة المستديرة حول الهجرة والإعلام، بكل اهتمام، ويأمل أن تسفر عن الصيغ والتصورات الكفيلة بالنهوض بقضايا الهجرة في الخارج، وأن تجيب على الأسئلة الحقيقية التي يتعين طرحها في هذا السياق، داعيا إلى البحث الجماعي وإعمال التفكير للخروج بمقترحات ملموسة تستهدف بناء سياسة إعلامية جديدة تكون قادرة على مواجهة التحديات المطروحة في هذا المجال.

وأكد محمد عامر، الوزير المغربي المنتدب لدى الوزير الأول المكلف الجالية المقيمة بالخارج، أنه حان الوقت لتجديد وبناء منظور إعلامي جديد للهجرة، مضيفا أن ذلك لا يتوقف على الحكومة فقط، بل هو عمل مشترك يجب أن يساهم فيه الجميع. وأوضح أن العوامل والدوافع التي تعطي لموضوع المائدة المستديرة راهنيته وخصوصيته، «الظرفية الاقتصادية والمالية التي يتسم بها المشهد الدولي حاليا، وتداعياتها الاجتماعية والإعلامية المحتملة على التعايش بين الجاليات الأجنبية ومجتمعات بلدان الإقامة، كما تضاف إلى ذلك العلاقات المتشابكة التي أصبحت تطرحها قضية الهجرة بالهوية الثقافية وجلب العمالة المهاجرة، والاتهامات الخاطئة بكون الهجرة مصدرا للمشاكل، وما ينجم عنها من تشدد متزايد، وتقييد متصاعد للتدفقات البشرية في سياسات الدول المستقبلة».

وابرز عامر أن لتنظيم المائدة المستديرة حول الإعلام والهجرة هدفين رئيسيين، يمثل الأول في تشخيص حقيقي للوضع الحالي للإعلام الموجه إلى الجالية المغربية بالخارج، بإيجابياته وسلبياته، وبنقط قوته وضعفه، بينما يتجسد الهدف الثاني في طرح تصورات بديلة، أو بسط أفكار جديدة، أو تقديم اقتراحات بناءة، «من اجل تحديد الخطوط العريضة لاستراتيجية إعلامية طموحة تواكب التغيرات المتلاحقة، وتساعد على تجاوز السمة الأساسية التي تطبع التعامل الإعلامي مع قضايا الهجرة المغربية الدولية، والتي تتصف بالموسمية في التعامل الإعلامي مع قضايا الهجرة، وبالصورة النمطية للمهاجر المقيم في الخارج».

وتطرقت المائدة المستديرة إلى مجموعة من المحاور الأساسية، منها «الصحافة وتحديات الهجرة»، و«وسائل الإعلام والهجرة، خلق وسائل إعلام متنوعة ومنفتحة»، وكلها مواضيع أثارت الكثير من النقاش، وكان هناك إجماع على ضرورة نهج سياسة إعلامية جديدة أكثر جرأة وعمقا في تناول قضايا الهجرة بكل الموضوعية والشفافية اللازمتين، بناء عن وعي حقيقي بتحولاتها في مختلف بلدان العالم.