ارتياح لبناني لمرسوم التبادل الدبلوماسي.. وسليمان يتمنى أن يكون فاتحة لإعادة «العلاقات المشرقة»

صلوخ في دمشق لبحث آلية إنشاء علاقات دبلوماسية بين سورية ولبنان

صورة العلمين السوري واللبناني في أحد شوارع دمشق عشية الاعلان عن قدوم وزير الخارجية اللبناني الى سورية لتوقيع اتفاق لتبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين (أ.ب)
TT

بعد أقل من شهرين على إصدار إعلان عن القمة الثنائية السورية اللبنانية التي انعقدت في دمشق الثالث عشر من شهر أغسطس (آب) الماضي بشأن إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد أمس مرسوما يقضي بإنشاء علاقات دبلوماسية بين سورية ولبنان، ويتضمن المرسوم الذي يحمل رقم 358 لعام 2008 أربع مواد تنص على إنشاء «علاقات دبلوماسية بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية اللبنانية» وإحداث «بعثة دبلوماسية للجمهورية العربية السورية بدرجة سفارة في عاصمة الجمهورية اللبنانية». وأن «تصنف العاصمة اللبنانية بيروت في الفئة الثامنة من المرسوم رقم 78 تاريخ 28/2/2006».

وكان البيان الخاص بالقمة الثنائية السورية ـ اللبنانية قد أعلن أنه في إطار «تعزيز العلاقات الاخوية القائمة بين البلدين الشقيقين ونتيجة للمباحثات التي أجراها الرئيسان بشار الأسد وميشال سليمان بتاريخ 13 أغسطس 2008 اتفق الرئيسان على إقامة علاقات دبلوماسية بين سورية ولبنان على مستوى السفراء بما ينسجم مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي بما في ذلك اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية»، كما تم تكليف وزيري خارجية البلدين باتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك وفق الأصول التشريعية والقانونية في كل من البلدين.

وفي هذا السياق يبدأ اليوم وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ زيارة إلى دمشق لمناقشة آلية إقامة العلاقات مع نظيره السوري وليد المعلم. وتتوقع الأوساط السياسية السورية أن يتم تعيين السفراء قبل نهاية العام الحالي. وهذه الخطوة التي شجعت عليها فرنسا وأطراف دولية تعتبر منعطفا هاما في تاريخ العلاقات بين البلدين، حيث تتم لأول مرة منذ حصول البلدين على استقلالهما. وقد أبدى الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان ارتياحه الى المرسوم الذي وقّعه نظيره السوري والقاضي بتبادل السفارات بين لبنان وسورية. وأفاد المكتب الاعلامي للرئاسة اللبنانية أن سليمان «تمنى ان يكون هذا القرار فاتحة لاعادة صفحة العلاقات المشرقة بين البلدين الشقيقين على كل المستويات وفي مختلف المجالات». وكان صلوخ قد أعلن أنه سيغادر اليوم الى دمشق على رأس وفد رسمي «لإجراء محادثات تتركز على آلية التبادل الدبلوماسي بين البلدين الشقيقين وعرض تفاصيل هذه المسألة وآلية تنفيذها». وأفاد أن «بياناً مشتركاً سيصدر في هذا الاطار عن وزارتي الخارجية اللبنانية والسورية يذاع في آن واحد في كل من بيروت ودمشق»، واعتبر أنه «يمكن القول إن العلاقات الأخوية وصلت الى أوجها». وقوبل الاعلان السوري عن اقامة العلاقات الدبلوماسية مع لبنان بارتياح رسمي وسياسي واسع. وقال وزير العدل ابراهيم نجار إن المرسوم «يثير ارتياحا كبيرا على المستوى السياسي كونه يضع حدا لتساؤلات عدة. ويفتح صفحة جديدة في العلاقات السيادية بين لبنان وسورية ويجعل من الندية التي أصر عليها الرئيس اللبناني ميشال سليمان في خطاب القسم واقعا قائما أثمرت مفاعيله القانونية والدستورية». وأوضح أنه يميز «بين العلاقات الدبلوماسية بحد ذاتها، وهي علاقات اعتراف متبادل ترسخ الإعتراف السوري بالسيادة اللبنانية الكاملة وبالاستقلال الناجز بعد عشرات السنين من التساؤلات والتحليلات والمغالطات، وإشكالية ابقاء المجلس الأعلى اللبناني ـ السوري وموضوع إعادة النظر بمعاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق بين لبنان وسورية والاتفاقات العديدة التي نتجت عنها». ولفت إلى أنه «قد لا تكون ثمة ضرورة للالغاء الكلي أو الجزئي لهذه الاتفاقات وهي بالعشرات».

وذكر أن «الاتفاقات اللبنانية ـ السورية هي الآن موضع تمحيص ودراسة مفصلة وموضوعية من قبل الدوائر المختصة في وزارة العدل وفي كل الوزارات المعنية»، مرجحا أن يتمسك لبنان «بما يتفق ومصالحه الاقتصادية والإنمائية والجغرافية، على أن يعاد النظر بشكل توافقي ولما فيه مصلحة البلدين المتبادلة في ما يتعين تحديثه وتطويره أو إعادة النظر فيه».

وقال عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي خريس: «يجب بناء علاقة سليمة ومتينة ومميزة بين لبنان وسورية. والكل يعلم ان الحوار الذي دعا اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري عام 2006 حصل خلاله اتفاق على اقامة علاقة دبلوماسية بين لبنان وسورية. وقد جاء المرسوم الذي وقعه الرئيس الاسد اليوم (امس) ليتوج هذا الاتفاق الذي نؤيده ونرحب به».

ورحب وزير الدولة نسيب لحود عقب زيارته رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أمس بهذه الخطوة، وقال «ان هذا مطلب لبناني مزمن وان اقامة علاقات طبيعية بين لبنان وسورية هي مطلب عارم من جميع اللبنانيين. والعلاقات الدبلوماسية خطوة اولى على طريق معالجة جميع الملفات العالقة بين البلدين. وهي من ثمار العمل الذي قام به رئيس الجمهورية في زيارته السابقة الى دمشق». وسئل: برأيك الا يوجد تفسير للتوقيت الان، فهل له علاقة بالزيارة التي قام بها الرئيس سليمان الى السعودية؟ فأجاب: «اعتقد ان هذا الموضوع حسم عندما زار الرئيس سليمان دمشق في الاسابيع الماضية، وكان متوقعا ان يحصل هذا الشيء في هذه المرحلة».

ورحب منسق الامانة لقوى «14 آذار» النائب السابق فارس سعيد بمرسوم العلاقات الدبلوماسية، واعتبر «ان هذا الانجاز يشير للمرة الاولى في تاريخ العلاقات اللبنانية ـ السورية الى اعتراف واضح من قبل الجانب السوري بنهائية الكيان اللبناني». وقال: «يأتي هذا الاعتراف تلبية لما اتفق عليه بين الجانب الفرنسي والجانب السوري في القمة الاخيرة في باريس واستكمالا للجهود التي قام بها الرئيس العماد ميشال سليمان لتصحيح العلاقات اللبنانية ـ السورية». وأضاف: «ان هذا الانتصار يشكل منعطفا جديدا في الحياة السياسية اللبنانية، وليس انتصارا للبنان على سورية انما انتصار للحق وبداية لتسوية العلاقات».