باكستان تنفي طلب مساعدات من صندوق النقد

الأزمة الاقتصادية لصالح الجماعات المتطرفة

TT

يسود الغموض الموقف الاقتصادي في باكستان، ففي الوقت الذي اعلن فيه صندوق النقد الدولي، ان باكستان طلبت رسميا اجراء محادثات حول انعاش اقتصادها تصل قيمته الى 5.4 مليار دولار، اكد شوكت تارين المستشار المالي لرئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني «لم نطلب مساعدات حتى الآن. ولن نفعل ذلك حتى انتهاء المحادثات، وعندما نتأكد انه لا خيار آخر امامنا»، معترفا أن بلاده بحاجة الى ما «يتراوح بين 5.3 الى 5.4 مليار دولار بالعملات الأجنبية في غضون الايام الثلاثين المقبلة». واكد تارين ان حاكم المصرف المركزي الباكستاني وممثلين عن وزارة المالية زاروا دبي لاطلاع صندوق النقد الدولي على خطتهم لمكافحة الازمة». واضاف أن «المحادثات مع صندوق النقد الدولي جارية من اجل تقليص عجز الموازنة الى 4.3 في المائة ومرونة في اسعار الصرف والسيطرة على العجز الضريبي». وفي الوقت ذاته ذكر مسؤولون في وزارة المالية لـ«الشرق الأوسط» ان محادثات دبي تتعلق بالدراسة السنوية لبرامج الصندوق السابقة لباكستان وليست لها علاقة بمساعدات اقتصادية جديدة لباكستان في المستقبل.

وذكر مسؤولون باكستانيون ان الدول الصديقة مثل السعودية والامارات والصين والولايات المتحدة، ستتعهد بنوع من المساعدات المالية في اجتماعات «منتدى اصدقاء باكستان» المزمع عقد في الايام القليلة المقبلة في دبي.

واوضح دومنيك شتراوس كاهن مدير صندوق النقد الدولي، الذي أعلن ان باكستان تقدمت بطلب مساعدة اقتصادية، ان المحادثات ستبدأ خلال الأيام القليلة الماضية.

وكان الصندوق قد كشف في تقرير نشر الاثنين الماضي، عن أن الوضع المالي في باكستان «تدهور كثيرا» في الشهور الأخيرة بسبب الاضطرابات السياسية ونشاطات الجماعات الاسلامية المسلحة، والارتفاع الحاد في اسعار النفط والمواد الغذائية الاساسية.

وتجد هذه البلاد الفقيرة البالغ عدد سكانها 168 مليون نسمة وتعصف بها موجة من الاعتداءات، ويكافح جيشها الجماعات الاسلامية على طول حدودها مع افغانستان نفسها تحت مجهر المجتمع الدولي، نظرا الى دورها كحليف للولايات المتحدة في «الحرب على الارهاب» ولأنها القوة النووية الاسلامية الوحيدة.

والجدير بالذكر ان اية تسهيلات مالية من صندوق النقد الدولي لا تحظى بشعبية في اوساط الشعب الباكستاني، حيث اضطرت الحكومات الباكستانية السابقة الى رفع اسعار الوقود والكهرباء والنفط بسحب الدعم على تلك السلع بضغط من الصندوق. وأوضح الدكتور تنوير احمد خان مدير عام معهد الدراسات الاستراتيجية في اسلام اباد «اية مساعدات مالية لباكستان من الصندوق، ستأتي مشروطة وستضعف ثقة الناس في حكومة حزب الشعب الباكستاني».

ووجهة نظر خبراء الأمن أن الأزمة الاقتصادية التي تواجهها باكستان ستستغل مباشرة من جانب المتطرفين والمتمردين في شمال غربي البلاد. وأشار خان «هذا موقف تتلاشى فيه بسرعة سلطة ومصداقية الدولة والحكومة الباكستانية، ويشعر الناس أن الدولة والحكومة فشلت في مواجهة الأزمة الاقتصادية بطريقة فاعلة، وهو الأمر الذي يصب في مصلحة الجماعات المتطرفة».

والجدير بالذكر أن القيادات الباكستانية تبذل جهدا كبيرا لضمان المبلغ المطلوب من دول صديقة، ولكن هذه الجهود لم تؤد حتى الان الى نتائج ايجابية. وقد ذكر مساعد وزير الخارجية الاميركي ريتشارد بوتشر بعد اجتماعه بالرئيس الباكستاني هذا الاسبوع، ان اية مساعدات نقدية في الوقت الراهن غير ممكنة في ظل الظروف المالية الحالية.