180 مليار دولار خسائر صناديق التحوط في 3 أشهر

وضعها أفضل من الاستثمارات العادية

صناديق التحوط لم تعد للأثرياء فقد ضخت صناديق المعاشات الحكومية والمؤسسات والصناديق الاستثمارية مليارات من الدولارات
TT

بدأ العصر الذهبي لصناديق التحوط يفقد بريقه. فالصناديق، التي تتجمع فيها الأرباح السريعة التي حددت وضعية عصر وول ستريت الذي شهد ثراء هائلا، تمر بمرحلة عصيبة من الانهيار غير المسبوق. وحتى بعض نجوم هذه الصناعة بدأوا في السقوط. لقد خسر هذا الجانب المالي المتقلب غير الخاضع للضوابط، الذي من المفترض أن يدر أرباحا في الأسواق المزدهرة والهابطة، 180 مليار دولار أثناء الأشهر الثلاثة الماضية. وبدأ المستثمرون، وخاصة الأفراد الأثرياء، في الخروج منها.

مع هبوط البورصة مجددا يوم الأربعاء، حيث هبط مؤشر داو جونز الصناعي بـ 514 نقطة، أو 5.7 في المائة، بدت أزمة صناعة صناديق التحوط التي يصل حجمها الى 1.7 تريليون دولار كبيرة جدا. لقد تخلصت بعض الصناديق من أسهمها في سبتمبر (أيلول) بعد أن هرب مستثمروها، ومن الممكن أن تتبعها في ذلك صناديق أخرى، ما يزيد من انهيار السوق.

لا أحد يعرف القدر الذي ربما يكون على صناديق التحوط بيعه من أجل الوفاء بعمليات السحب العاجلة. ولكن مع تزايد مأساة الصناعة، يخشى المديرون الماليون من أن مئات أو حتى الآلاف من صناديق التحوط قد تخرج من السوق.

تمتد الآثار المترتبة لتصل إلى خارج مانهاتن وغرينيتش في كونيتيكت، إلى تلك الحصون المالية لأصحاب صناديق التحوط. هذا لأن صناديق التحوط لم تعد للأثرياء. ففي الأعوام الأخيرة ضخت صناديق المعاشات الحكومية والمؤسسات والصناديق الاستثمارية مليارات من الدولارات إلى هذه الشركات الخاصة. في الوقت الرهن، وسط أسوأ وضع للسوق الهابط يأتي منذ أجيال، فشلت العديد من هذه الاستثمارات.

لن تختفي صناديق التحوط، في الحقيقة، إنها ما زالت منتعشة. فحتى العديد منها الذي شهد تعثرا هذا العام وضعه أفضل من قطاع الصناديق الاستثمارية، التي أصيبت أيضا بأضرار جراء عمليات السحب التي أجبرت مديريها على البيع.

ولكن يمثل انعكاس الوضع بالنسبة لصناديق التحوط تحولا كبيرا في وول ستريت وثقافتها المالية. منذ ظهور صناديق التحوط في التسعينات، لم تكتف بإعادة تشكيل القواعد المالية ولكن أيضا مفاهيم الثروة والمكانة. وقد ساعد ثراء صناديق التحوط على تضخيم سعر كل شيء من أعمال الفن الحديث إلى العقارات في مانهاتن. وحصل كبار المديرين على مكاسب بلغت مليارات من الدولارات في العام، وأصبحت إدارة صندوق تحوط حلم يراود الجميع في وول ستريت. أما حاليا، فعلى الأقل ذبل هذا الحلم.

يقول ريتشارد مور، مسؤول خزانة ولاية نورث كارولاينا، الذي يستثمر أموال معاشات الموظفين في صناديق التحوط «في الأعوام الخمسة أو الستة السابقة، بدا أنه من الممكن أن يطبع كل شخص بطاقة أعمال ويقول إنه يعمل في صندوق تحوط، ويجمع مبالغ من المال. هذا سينتهي إلى الأبد».

وهذا ما حدث مع بعض صناديق التحوط. لأول مرة، بدأت الصناعة في الانكماش. وقد انخفض عدد هذه الصناديق حول العالم بمقدار 217 صندوقا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ليصل إلى 10016، وفقا لمركز أبحاث صناديق التحوط.

لقد بدأ حتى بعض من أكبر مديري الصناعة في الاقتصاد في النفقات. فقد سرح ريتشارد بيري، الذي لم يواجه قط عام هبوط في صندوق التحوط الذي يديره منذ أكثر من عقد من الزمن، بعضا من موظفيه. وتحول بيري، الذي بدأ حياته العملية في غولدمان ساكس، من اختيار الأسهم إلى التركيز على أسواق الائتمان المتعثرة.

ويعاني مديرو ثلاثة صناديق تحوط أخرى كبيرة، كينيث غريفين ودانيال لويب وفيليب فالكون، من خسائر من رقمين حتى نهاية سبتمبر (أيلول).

قام ستيفن كوهين، المدير الكتوم لصندوق يسمى ساك كابيتال، بتسييل معظم أموال صندوقه، ليقلل من رأس المال المستغل في التجارة.

لقد أصيب الكثير من المستثمرين في صناديق التحوط، وخاصة الأفراد الأثرياء، بالصدمة جراء الخسائر التي تكبدوها هذا العام. وقد انخفض الصندوق المتوسط بمقدار 17.6 حتى يوم الثلاثاء، وفقا لأبحاث صناديق التحوط.

يقول باتريك ويلتون، رئيس شركة ويلتون الاستثمارية التي ارتفع صندوقها بمقدار رقمين هذا العام «نرى الكثير من الصدمات والتراخي، وإعادة تقييم أوضاع مخصصاتهم، وما الذي يجب فعله في المستقبل» ويضيف ويلتون أن العديد من المستثمرين كانوا يأملون في أن صناديق التحوط ستحميهم من الانخفاض الحاد للسوق الكبيرة، ولكن في كثير من الحالات هذا لم يحدث.

يدور الحديث في وول ستريت الآن حول قدر الأموال التي من الممكن سحبها من صناديق التحوط، وما هي الصناديق التي ستتحمل آثار عمليات السحب.

وضعت الصناديق مليارات من الدولارات النقدية جانبا استعدادا لعمليات السحب، ويطلب العديد من الصناديق البارزة من مستثمريها ترك أموالهم في الصندوق لمدة أعوام. من الممكن أن يساعد هذا على تخفيف جزء من الضغط.

ولكن لأن صناديق التحوط غير خاضعة للنظم، فلا يمكنها الإفصاح عن هوية مستثمريها أو ما إذا كانت تلقت طلبات سحب. وبينما من المعقول سحب أموال من الصناديق ذات الأداء الضعيف، إلا أن المستثمرين قد يتركون أيضا الصناديق التي تبلي بلاء حسنا لتعويض خسائرهم في أماكن أخرى.

كانت المؤسسات، من صناديق معاشات وأوقاف وما يشابهها، قد اتجهت إلى صناديق التحوط بعد أن أخفقت بورصة ناسداك في مطلع القرن. وقد ازدهر العديد من صناديق التحوط مع انهيار أسهم التكنولوجيا، ما أدى بهؤلاء المستثمرين إلى الاعتقاد بأنها ستستمر كذلك في المستقبل.

على سبيل المثال قال روبرت دينيس المدير الاستثماري للجنة مراقبة المعاشات بولاية ماساتشوستس إن مقاطعة نورفوك بدأت مع اللجنة في دخول هذا المجال. وأعجب دينيس بأن صناديق التحوط كانت أفضل بكثير من سوق المال الموسعة. وعلى الرغم من أن دينيس يقول إنه أدرك المخاطر التي تأتي من اختيار صناديق التحوط، إلا أنه يعتقد أنها ما زالت استثمارا جيدا. في الأسبوع المقبل، تجري لجنة الولاية تصويتا حول ما إذا كان سيُسمح لبعض البلدات ذات صناديق معاشات أقل من 250 مليون دولار الاستثمار في صناديق التحوط، وهي الخطوة التي يؤيدها دينيس.

يقول دينيس «إن صناديق التحوط تمر بعام سيئ بالتأكيد، ولكنها ما زالت تتحمل الوضع أفضل من سوق الأسهم. وتكبد خسائر مالية أقل من الاستثمارات الأخرى، على الرغم من أنه ليس أمر رائع، إلا أنه ما زال على الأقل يحقق الرضا».

ولكن الآن، بعد انتهاء أيام الأرباح السهلة، أعلن بعض مديري الصناديق فشلهم. كان أحد المديرين، وهو أندرو لاد، فظا في قراره. فقد كتب إلى مستثمريه أخيرا: «كنت في اللعبة من أجل المال» وقد حقق بالفعل ثروة من المضاربة ضد أسواق الرهن العقاري، وسمى هؤلاء الذين كانوا على الجانب المقابل من معاملاته التجارية «بُلهاء». وكتب أيضا «لدي الآن ما يكفي من ثروتي الخاصة لأديرها» ولكنه لم يجب على الاتصالات الهاتفية سعيا وراء تعليقه.

وأي قدر من الثروة حصل عليه. صناديق التحوط، أكثر من كونها أي شيء آخر، هي وسائل تمكن مديريها من اقتطاع أكبر قدر من الأرباح. ويعرف اقتصاد الربح في هذه الصناعة بـ«اثنين و20» فيجمع المديرون أجر إدارة سنوية تبلغ 2 في المائة من الأصول الموجودة في صناديقهم، وفوق هذا، يحصلون على 20 في المائة من أية أرباح. في العام الماضي، يقال إن أحد المديرين، هو جون بولسون، أخذ 3 مليارات دولار.

ولكن مع وقوع الصناعة تحت وطأة الضغوط، أثيرت تساؤلات حول هذه الأتعاب الطائلة. ويبدأ مور ومستثمرون آخرون في التساؤل حول ما إذا كانت صناديق التحوط تستحق كل هذه الأموال. ويخطط غريفين، الذي يدير مجموعة سيتادل الاستثمارية في شيكاغو، إقامة صناديق بأتعاب أقل.

من الممكن أن تأتي تغيرات أخرى من بينها زيادة القيود. ومن المقرر أن تعقد لجنة مجلس النواب للرقابة والإصلاح الحكومي جلسة استماع حول التنظيم الحكومي الشهر المقبل مع خمسة مديرين لصناديق تحوط يقال إنهم حصلوا على مليار دولار العام الماضي: وهم غريفين وفالكون وبولسون وكذلك جورج سوروس وجيمس سيمونز.

* خدمة «نيويورك تايمز»