الأزمة المالية العالمية تستحوذ على حصة الأسد في القمة الآسيوية الأوروبية

الدورة السابعة لملتقى 44 دولة تبدأ في بكين اليوم

TT

الأزمة المالية العالمية المتفاقمة ستستحوذ على نصيب الأسد من محادثات «آسيم» النصف سنوية للقمة الآسيوية الأوروبية، كما صرح بعض القادة المشاركين فيها لدى وصولهم أمس الى العاصمة الصينية بكين مكان انعقادها. وسينصب اهتمام القادة على القضايا الاقتصادية الآنية التي تفرض نفسها اليوم وغدا على هذه القمة، مثلما فرضت نفسها على جميع اجندة اللقاءات العالمية الطارئة التي عقدت خلال الأسابع الماضية. وكان من المقرر ايضا أن تركز القمة السابعة التي تبدأ اعمالها اليوم الجمعة وتستمر حتى إلى يوم غد السبت وتشارك فيها 27 دولة أوروبية و16 دولة آسيوية على جهود مكافحة تغير المناخ ودفع عجلة التنمية المستدامة. الا ان أزمة تدهور النظام المالي والركود الاقتصادي غيرت كل هذا.

وبعد محطتي كيبيك في كندا وكامب ديفيد الاسبوع الماضي واللقاءات الأوروبية السابقة، ينتقل الرئيس الحالي للاتحاد الاوروبي الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي ورئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروسو الى العاصمة الصينية.

وقال باروسو الذي التقى في وقت لاحق الرئيس الصيني هو جينتاو، إن الهدف الرئيسي من قمة «آسيم» هو الاتفاق على مبادئ إعادة هيكلة النظام المالي العالمي، ولكنه أردف ان تغير المناخ لا يمكن أن ينسى. وأكد «تحظى محاربة تغير المناخ بنفس القدر من الأهمية، الذي كانت تحظى به قبل الأزمة المالية».

وستكون القمة الآسيوية الأوروبية كما قال الرئيس ساركوزي سابقا، تحضيرا لقمة العشرين دولة التي ستعقد يوم 15 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ودعت اليها واشنطن أمس الأول. وسحضر هذه القمة مجموعة السبع الكبرى وروسيا اضافة الى السعودية وجنوب أفريقيا وتركيا والهند واندونيسا والصين والارجنتين واستراليا والبرازيل. واضاف باروسو إنه لا بد للاقتصاديات الآسيوية الكبرى مثل اليابان والصين والهند أن تلعب دورا كاملا في التغلب على الأزمة المالية العالمية. وأوضح المسؤول الاوروبي، كما جاء في تقرير الوكالة الألمانية، أن المجتمع الدولي في حاجة إلى مستوى غير مسبوق من التعاون العالمى، لإصلاح المؤسسات المالية والقضاء على الفقر ومواجهة الأسباب الجذرية الأخرى للأزمة.

واضاف باروسو للصحافيين «نحتاج إلى الاستفادة من دروس الأزمة لإصلاح النظام المالي العالمي. نريد مشاركة آسيا»، مؤكدا أن مشاركة الصين والهند واليابان حيوية للتوصل لحل عالمي للأزمة. ولدى وصلهم الى بكين عقد العديد من زعماء دول آسيا وأوروبا لقاءات جانبية مع بعضهم البعض ومع المسؤولين الصينيين.

وعقد الرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانج يودويونو وسلطان بروناي حسن بلقية، ورئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني، والرئيسة الفنلندية تاريا هالونين لقاءات مع الرئيس الصيني هو جينتاو. كما عقد رئيس الوزراء الصيني الذي سيترأس بلاده للقمة، مباحثات مع نظيريه السنغافوري لي هسين لونج والايرلندي بريان كوين.

وشدد نائب الرئيس الصيني شي جينبينج في خطاب أمام منتدى اقتصادي سبق القمة، على ضرورة الاشراف على المؤسسات المالية، وإقامة آلية للتحذير من الازمات المالية، معتبرا هذه العناصر «حتمية» لتحقيق التعاون المالي العالمي.

بينما أعرب تشين جانج المتحدث باسم الخارجية الصينية عن أمله في أن يولي قادة أسيم «اهتماما لمخاوف الدول النامية» وتحقيق استقرار الاقتصاد لعالمي والنظام المالي.

وتضم قمة «آسيم» هذا العام عدة أعضاء جدد أبرزهم الهند وباكستان مما يعني ان الوفود تمثل 50 إلى 60 في المائة من سكان واقتصاد العالم.

وخلال وجوده في بكين يسعى رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو لنيل تأييد قادة أوروبا للحصول على دعوة للحضور قمة واشنطن. وكثفت إسبانيا من نشاطها الدبلوماسي بعد الاعلان عن قائمة الدول المشاركة للحصول على دعوة. وقال ثاباتيرو إنه يجب حضور إسبانيا القمة لأن اقتصادها ثامن الاقتصادات الكبرى في العالم.

وقد أيد كل من الرئيس الفرنسي ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني غوردون براون ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو موقف أسبانيا المطالب بحضور القمة ولكن الولايات المتحدة هي صاحبة القرار النهائي في تحديد المشاركين بها.

ورحبت بكين باقتراح الولايات المتحدة في محاولة لتجنب خطر حصول انكماش عالمي، مؤكدة انها تدرس «ايجابا» مسألة مشاركتها في هذه القمة.

واعلن المتحدث باسم الخارجية الصينية كين غانغ للصحافيين «ان الصين تعتبر ان على المجتمع الدولي ان يزيد من تعاونه.. لنواجه معا الازمة المالية الحالية والمحافظة على استقرار النظام الاقتصادي والمالي العالمي».

وبتحديد مكان وتاريخ القمة يكون الرئيس بوش قد وفى بالوعد الذي قطعه السبت للرئيس ساركوزي ورئيس المفوضية الاوروبية باروزو بشأن التفاهم حول سلسلة من القمم واستضافة الاولى منها في الولايات المتحدة.

ويقول بعض المراقبين انه وبعدما حصل على دعم الولايات المتحدة لعقد قمة دولية حول الازمة المالية، سيحاول الرئيس ساركوزي في بكين تعبئة مجمل الدول الآسيوية وعلى رأسها الصين، لحملته من اجل «اعاد تأسيس» الرأسمالية، كما صرح سابقا. ويريد توسيع مجموعة الثماني لتضم 13 او 14 بلدا من الدول الناشئة وانتهاز فرصة اجتماع هذا «النادي» لضم عملاقي القارة الآسيوية الى مشروع «اتفاقات بريتون وودز جديدة».

وكرر الرئيس الفرنسي الثلاثاء امام البرلمان الاوروبي «يجب ضم الصين والهند لهذا النقاش الاساسي، وسيكون هذا موضوع..الزيارة التي نقوم بها للصين».

وقال ديفيد اوين السياسي البريطاني المخضرم والذي عمل وزيرا للخارجية سابقا في مقابلة مع «بي.بي.سي» أمس الأول انه «حان الوقت لنبتعد عن التفكير السابق القائم على اننا، أي الدول السبع الكبرى، هم من يقرروا في حل الازمات الاقتصادية»، مضيفا ان الأزمة الحالية اثبت اهمية التحرك العالمي الأوسع في التعامل معها. ووافق رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ على مشاركة بلاده في «سلسلة» اجتماعات مجموعة الثماني المقررة بداية من الشهر المقبل. وينتظر ان تقوم الصين رسميا بالخطوة ذاتها خلال القمة الاوروبية الاسيوية.

واشارت الرئاسة الفرنسية الى ان الصين والهند قاطرتي الاقتصاد الآسيوي، كانتا تأملان في تجنب الازمة لكنهما تأثرتا بالازمة المالية العالمية التي نشأت في الولايات المتحدة.