زعيم خاطفي الرهائن الصينيين لـ«الشرق الأوسط»: نريد مغادرة المنطقة فورا

أبو حميد روى تفاصيل عملية الاختطاف.. السفير الصيني: العملية لا تستهدفنا وحدنا * نائب يحذر من استخدام القوة

TT

طالب خاطفو الرهائن الصينيين التسعة المحتجزين منذ نحو اسبوع، في منطقة غير معروفة بولاية جنوب كردفان، مغادرة الشركات الصينية، ووقف جميع انشطتها في استخراج النفط بالمنطقة فورا، كشرط لاطلاق الرهائن، في أول تصريح علني لهم، مؤكدين ان مطالبهم سياسية وليست مالية، كما تقول الخرطوم، وانهم ينتمون الى حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور بزعامة خليل ابراهيم. ونفى السفير الصيني لدى السودان لـ«الشرق الأوسط»، ان يكون تلقى أية مطالب من الخاطفين، وقال ان بلاده تدرس تأثيرات مثل هذه العمليات، قبل ان يؤكد ان الاستهداف في مناطق البترول ليس موجهاً ضد الصينيين وحدهم. ولم ينف مصدر رفيع في حركة العدل والمساواة، أو يؤكد انتماء المجموعة الخاطفة الى الحركة، مشيرا الى وجود عدد من المجموعات التابعة لها منتشرة في المنطقة.

وأكد أبو حميد أحمد دناي زعيم المجموعة الخاطفة، وقائد قوات حركة العدل والمساواة في قطاع كردفان، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، عبر الهاتف الجوال، إن جميع الرهائن في صحة جيدة ويحظون بمعاملة كريمة، وتابع: «نتعامل معهم بأخلاق المسلمين ونقوم بخدمتهم رغم حاجز اللغة.. استطيع التأكيد أنهم بصحة جيدة الآن». وبدا أبو حميد حذراً في الرد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول المكان الذي أُقتيد إليه العمال التسعة، واكتفى بالقول إنهم لم يغادروا ولاية كردفان. وكان محمد الدويك بخت، معتمد محلية ابيي، قد قال لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق «إن السلطات حددت موقع الخاطفين بشكل دقيق، ووضعت خطة مرنة لتحرير الرهائن بصورة سلمية. وروى أبو حميد الذي قاد بنفسه عملية اختطاف العمال الصينيين، تفاصيل العملية، قائلا انها «تمت في منطقة تقع إلى الشرق من حقل، دفرة، النفطي غرب كردفان. وقال: «كان العمال الصينيون في طريقهم بسياراتهم إلى معسكراتهم بالقرب في المنطقة الثكنات.. عندما قمنا باعتراضهم بواسطة سيارتي، لاندكروزر، على متنها، 14 عنصر من قواتنا». وأضاف: «قمنا بإيقاف السيارات واقتدناهم الى مناطق خاطعة لسيطرتنا من دون مقاومة». وقالت مصادر حكومية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» ان الخاطفين بعثوا برسالة الى السفارة الصينية والجهات المعنية الاخرى، يطالبون فيها باستيعاب 500 من عناصرهم في مواقع النفط في ابيي، وإيجاد ضمانات بخلق مشروعات في المنطقة، مقابل الإفراج عن الرهائن.. لكن أبو حميد، قال «ليست لنا أية مطالب مادية، بل نريد من الشركات الصينية مغادرة المنطقة فورا، لأنها تعمل مع الحكومة». وقال أبو حميد الذي ينتمي الى قبيلة المسيرية العربية، التي كانت تناصر الحكومة في المنطقة، انه جرى إخطار قيادة حركة العدل والمساواة بالعملية، التي أوضح أن من دوافعها ايضا التنبيه الى الإهمال التنموي الذي تعيشه المنطقة المنتجة للنفط، وعدم قيام شركات البترول بالمساهمة في الخدمات، أو توفير فرص عمال لأبناء المنطقة. واضاف «لن نسمح مجدداً بعمل شركات البترول في المنطقة»، وأكد ان حركته سبق لها احتجاز، 3 هنود ومصري وعراقي أطلقت سراحهم جميعاً نافياً مطالبتهم بفدية مالية. من جهته قال جبريل ابراهيم احد مستشاري زعيم حركة العدل، (شقيقه)، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، «ليس لدينا تقرير حاليا عما يدور في الميدان، حاليا»، موضحا انه سيقوم باتصالات لاجلاء الأمر، لكنه اشار الى عدم معرفته لقائد المجموعة، أبو حميد، وقال ان لدى الحركة العديد من القادة الميدانيين المنتشرين في المنطقة.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، ان قائد المجموعة الخاطفة كان من منسوبي قوات الدفاع الشعبي التابعة للحكومة، وأنه حارب في الجنوب، وتم تسريحه بعد اتفاقية السلام مع الجنوب. واشار الى ان هذه المجموعة لم تتلق أي دعم مادي من الحكومة بعد تسريحها، وهي أحدى ضحايا اتفاقية السلام التي وقعت مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، في مطلع يناير (كانون الثاني) عام 2005. في السياق ذاته فسر عضو المجلس الوطني عن دوائر كردفان محمد عبد الله حادث الاختطاف بأنه نتيجة للغبن الذي أصاب أهل المنطقة بعد تذويب ولايتهم (غرب كردفان)، في ولاية جنوب كردفان من دون أسباب موضوعية بحد قوله الى جانب عدم اسهام شركات النفط في التنمية، نافياً ضلوع حركة العدل والمساوة في اختطاف العمال الصينيين، وحذر من أن الإقدام على تحرير المحتجزين عسكرياً سيدخل المنطقة في مواجهات مسلحة واسعة.

وقال السفير الصيني في الخرطوم لي شانغ لـ«الشرق الأوسط» أن تكون سفارة بلاده قد اجرت اتصالات مباشرة او غير مباشرة بالخاطفين، لكنه أكد انها تواصل مساعيها مع الحكومة السودانية للوصول إلى حل سريع، وقال: «حتى الآن لم يحدث شيء ايجابي»، وأشار إلى عدم تلقيه معلومات بشأن نية الحكومة القيام بعمل عسكري لتحرير الرهائن. وقال شانغ أنه لم يتم إبلاغه ما اذا كان العمال الصينيون قد خالفوا تعليمات السلامة الداخلية ولوائح المرور بالتحرك خارج المسافات المسموح بها. وأضاف أن بلاده ستدرس تأثير مثل هذه الحوادث واحتمال أن تحجم عمل الشركات الصينية في المناطق الخطرة بالسودان، لكنه عاد للقول، «الاستهداف في مناطق البترول ليس موجهاً للصينيين وحدهم».

وتعبر حادثة الاختطاف هذه هي الثالثة من نوعها تحدث للصينيين في السودان الذين تضاعف وجودهم في السودان بصورة كبيرة في العشرة اعوام الاخيرة، حيث تعرض صينيان الى عملية اختطاف في عام 2004 من قبل الحركات المسلحة في دارفور، والثانية وقعت وسط اجانب يعملون في مجال النفط، حيث قامت مجموعة مسلحة باسم «مجموعة عبد الله فضل الله» باختطاف 4 منهم في جنوب كردفان خلال وقت سابق من هذا العام، تم تحرير 3 منهم فيما لا يزال احدهم مفقودا.

ويعمل المخطوفون التسعة في الشركة الوطنية الصينية للبترول، اكبر شركات النفط في الصين، التي تشارك بالجهد الاكبر في «كونسورتيم» دولي يضمها الى جانب شركة «بتروناس» الماليزية و«تلسمان» الكندية و«سودابت» السودانية التي تبلغ حصتها 5% فقط.

ويبلغ عدد الصينيين في السودان نحو8 آلاف، حسب السفارة الصينية في الخرطوم، يعملون بشكل اساسي في عملية انتاج النفط في كردفان والجنوب، والخرطوم، الى جانب آلاف منهم يعملون في انشاء سد مروي على نهر النيل، وآخرين في عدة مشاريع في اغلب انحاء السودان خاصة مشاريع الطرق والجسور المياه والكهرباء. وتبلغ عدد الشركات الصينية في السودان اكثر من 100 شركة متنوعة. وتشير الارقام الرسمية الى ان حجم التجارة السودانية مع الصين بلغ نحو 10 مليارات دولار اميركي في العام، اغلبها في مجال النفط، فيما يبلغ حجم التجارة الصينية مع السودان نحو 5 مليارات و600 مليون دولار في العام عبارة عن بضائع تصل مباشرة من الصين.