طالبة فلسطينية: شعرت أنني إنسانة عندما نقلتني سيارة السفارة البريطانية إلى الحدود الأردنية

وزارة الخارجية البريطانية تخرج 21 طالباً من غزة.. والعشرات ينتظرون

TT

تتحدث الطالبة الفلسطينية اعتماد مهنا بحماس، كرامة الانسان التي تعتبر جزءا اساسياً من التنمية، وهو موضوع اطروحة الدكتوراه التي تعمل على تقديمها. وخلافاً لطلاب آخرين يدرسون تأثير الكرامة على تطوير المجتمع وخاصة في مجال تمكين المرأة، لدى اعتماد مهنا خبرة شخصية في هذا الصدد وقد عرفت معاناة اختبار هذه الكرامة في محاولة الحصول على المعرفة. فمهنا من بين العشرات من الطلاب الفلسطينيين من قطاع غزة، الذين منعتهم اسرائيل من الالتحاق بجامعاتهم الغربية، لتصبح من بين 21 طالباً حالفهم الحظ لتتكفل وزارة الخارجية البريطانية بإخراجهم من قطـــاع غزة كي يلتحقوا بجامعات بريطانية. وجاءت مهنا الى بريطانيا الشهر الماضي، وبعد شهرين من المحاولات الفاشلة للحصول على تصريح اسرائيلي لمغادرة غزة بعد حصولها على منحة من جامعة «ساسكس» جنوب بريطانيا. وبعد معرفتها باتفاقية اوروبية مع اسرائيل بالسماح لخروج الطلاب، قدمت مهنا طلباً للقنصلية البريطانية التي جعلت خروجها ممكناً بعد اصطحابها للحدود الاردنية.

وشرحت مهنا ترتيبات المغادرة، قائلة: «هناك مرحلتان، الاولى المراجعة الأمنية من قبل اسرائيل، واذا قالت اسرائيل ان هذا الشخص ممنوع من الخروج لا يوجد أي مجال لخروجه. عندئذ تبدأ مرحلة ثانية معقدة لتنسيق الخروج». وتابعت: «معبر رفح مهين لأي بني آدم، الاجراءات وعملية الخروج عند نقاط التفتيش مهينة وشعرت انني سأموت لو خرجت من هذا المعبر». وبعد حصولها على الموافقة البريطانية لتسهيل خروجها، قالت اعتماد «شعرت بأنني انسانة عندما خرجت بسيارة السفارة.. الأمر مريع ولا أعلم كيف يمكن للناس تحمل الظروف».

من جهته، اعتبر احمد الصوراني الذي وصل الى بريطانيا من غزة يوم 27 سبتمبر (ايلول) الماضي، ان مساعدة القنصلية البريطانية جيدة، ولكن ليست كافية. وقال: «الجهود التي قامت بها القنصلية جيدة وساعدتنا كثيراً ولكن هذا ليس للكل ومطلوب المزيد من الضغط على الحكومة الاسرائيلية لتسمح بدحول المزيد من الطلاب». وأضاف: «الجهد هذا بسيط وواجب على دول العالم الانتباه لغزة والمطلوب دور أكبر لأوروبا والأمم المتحدة وحكومات العالم». وتحدث مطولا عن المشاكل في غزة التي وصفها بـ«السجن الكبير»، قائلاً: «المشكلة اننا ضحايا تشابكات في المصالح السياسية والاقتصادية في هذه الخارطة المعقدة». حتى 26 يونيو (حزيران) الماضي، لم تسمح السلطات الإسرائيلية لأهالي غزة بمغادرة القطاع بغرض الدراسة في الخارج بسبب الحصار القائم. وبعد مناشدة من مؤسسات غير حكومية وجامعات وحكومات بالمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، قررت إسرائيل السماح بخروج الطلبة الحاصلين على بعثات دراسية، شريطة عبورهم خلال نقاط التفتيش الإسرائيلية، وأن يكونوا بصحبة مرافق مناسب من البعثة الدبلوماسية من غزة إلى الأردن عبر جسر الملك حسين. والتقت «الشرق الأوسط» مهنا والصوراني في مقر وزارة الخارجية البريطانية امس، حيث اقام وزير الدولة لشؤون الشرق الاوسط البريطاني بيل رامل، حفل استقبال على شرفهم. وقال رامل اثناء الغداء: «آمل ـ بل وأعتقد ـ بأن العلوم والفرص التي تحصلون عليها سوف تسهم في بناء الدولة الفلسطينية، التي نريد جميعنا أن نشهد تأسيسها ونموها».

ولم يكن لدى وزارة الخارجية البريطانية العدد الاجمالي للطلاب الحاصلين على منح دراسية والعالقين في غزة، لكن ناطقة باسم الخارجية قالت ان عددهم بالعشرات. وبينما استطاعت القنصلية البريطانية اخراج 21 طالبا بعد التعهد بنقلهم من غزة الى الحدود الأردنية على مسؤوليتها، الا انها تعمل من أجل اخراج المزيد من الطلاب الحاصلين على المنح في بريطانيا. ويدرس الصوراني في جامعة ساسكس، بعدما قدمت «مؤسسة الاغاثة الفلسطينية الزراعية» منحة له لدراسة التنمية وبناء الاكتفاء الذاتي الزراعي. وشرح الصوراني ان الهدف من دراسته «الهدف هو بناء قدرات المؤسسات الزراعية الفلسطينية القاعدية».

وقال: «نعمل على اعادة تأهيل الاراضي المدمرة بسبب الاجتياحات الاسرائيلية خلال السنوات السبع الماضية التي ادت الى تدمير عشرات الآلاف من الدنمات وحرمان المزارعين من عملهم لينظموا الى جيش العاطلين عن العمل». واضاف ان «الجدار الاسرائيلي يزيد من هذه المعاناة»، اذ بني على 20 في المائة من الاراضي الرزاعية في القطاع. وتابع: «الصراع الفلسطيني الداخلي ابعد الانظار عن هذا الموضوع المهم، ولفت الى ان 25% من العائلات الفلسطينية تعتمد على الزراعة لدخلها الخاص، ولذلك يكرس جهوده لتطوير الزراعة في غزة. وشدد الصوراني على ضرورة السماح للطلاب بمغادرة غزة للتواصل مع العالم، قائلاً: «كلما زادت الحصار والضغط، ضاق الفكر وزاد الضغط النفسي». وبينما ينشغل الطلاب في دراستهم التي بدأوها بعد وصولهم الى بريطانيا، هناك هاجس آخر يشغلهم اذ عليهم يوم ما العودة الى غزة من دون ان يعرفوا ظروف هذه العودة. وقالت مهنا: «احاول عدم التفكير بالموضوع ولكنه يشغلني، كيف سيمكن لي جمع اسرتي كلها معا».

يذكر ان ابنة مهنا في مصر، ولا تستطيع الذهاب الى غزة، حيث يوجد ابنها الذي لا يستطيع مغادرة غزة. وقالت اعتماد مهنا: «استشهد زوجي عام 2004 ولم نستطع الذهاب الى غزة بسبب اغلاق حدود رفح.. ولدي هاجس بأنني غير قادرة على لم شمل اسرتي».