رحيل أحمد عبد العال أبرز التشكيليين السودانيين

صمم شعارات أكثر من 500 مؤسسة بينها التلفزيون السوداني

احمد عبد العال
TT

غيّب الموت امس الدكتور احمد عبد العال، احد ابرز الفنانين التشكيليين في السودان، ومن الاكاديميين اللامعين في مجال تدريس علوم الفن التشكيلي في السودان، وذلك إثر علة لم تمهله طويلا، وخرجت الآلاف في العاصمة في موكب مهيب طاف بجثمانه عدة شوارع قبل ان تشيعه الى مثواه الاخير في مقابر بمقابر «بري» بالخرطوم، وقاد موكب التشييع الرئيس عمر البشير، كما شارك في المناسبة عدد من الوزراء الاتحاديين ورجالات الإعلام والمسؤولين بالدولة.

وعدَّد المشيعون مآثر الفقيد وإسهاماته في المجالات الفكرية والثقافية والإبداعية، ويجمع التشكيليون والنقاد على ان عبد العال يعتبر التشكيلي الاكثر تجويدا وانتاجا في السودان، ويقولون ان فنه يتغلغل في نسيج الحياة اليومية، ويرصدون في هذا الخصوص انه صمم النصب وشكل «شعارات» العديد من المؤسسات، بلغت اكثر من 500، كما صمم شعار تلفزيون السودان في شكل «لا إله إلا الله»، وصمم الرسومات التي تحملها العملة السودانية الحالية، التي طرحت للتداول العام الماضي. وفي مجال الخط ابتدع خط عربي باسم «البردة» وصار ضمن خيارات الخطوط العربية المجازة في برامج الخطوط العربية المتداولة. ويعتقد النقاد أن عبد العال عمله الأساسي والذي أعطاه كل عمره وشبابه هو التشكيل، وذكر في حوار صحافي سابق معه بانه يرسم اغلب ساعات اليوم، وحتى اثناء السفر، ويهيئ لنفسة مراسم في المنزل ومكان العمل.

ولد عبد العال في مدينة كسلا بشرق السودان في عام 1946 م، وتلقى فيها تعليمه الاولي والوسطى، قبل ان ينتقل الى الخرطوم طالبا في الكلية المصرية الثانوية بالخرطوم، ثم جامعة القاهرة فرع الخرطوم، والتحق مباشرة بكلية الفنون الجميلة حيث تخرج فيها في نهاية الستينات من القرن الماضي، وحصل على بعثة دراسية في جامعة السوربون بفرنسا ونال فيها درجتي الماجستير والدكتوراه في جمالية الخط العربي، وفي علم الجمال الاسلامي. وأسس عبد العال مدرسة فنية في السودان لها انصارها باسم «مدرسة الواحد» تقوم على فكرة توظيف الحضارة الاسلامية في الفن بوصفها حضارة توحيدية كونية، وتعمل من داخل الفكرة لدغم ماضي الأمة في حاضرها.

واعتبر الروائي السوداني والناقد عيسى الحلو رحيل عبد العال فاجعة حقيقية هزت الوجدان الثقافي بعمق، وقال لـ«الشرق الاوسط» ان من تأثيرات عبد العال على الفن التشكيلي السوداني أنه أعطى اللوحة التشكيلية ذات الاتجاه التجريدي مضموناً حينما ركبها من شخوص يسردون حكاية ما داخل اللوحة، ما يمكن ان نطلق على لوحته «اللوحة الدرامية»، وقال ان لوحات الراحل تمزج بين التجريد والتجسيد. أما التشكيلي عبد المنعم حمزة فقال ان عبد العال يعتبر التشكيلي السوداني الاول في مجال غزارة الانتاج وجودته في ان واحد، واضاف «انه ينشط تشكيليا طوال اليوم»، ومضى انه دائما يحض التشكيليين السودانيين على مواصلة العمل والتجريب في مجالهم، وحسب حمزة فان عبد العال «يستدعي الزمن الماضي ليجعله يمشي بين الناس في الحاضر».