الوزير صلوخ: التبادل الدبلوماسي مع سورية يسير «وفق المنهج الطبيعي»

قال لـ«الشرق الأوسط» إن المرحلة الصعبة في لبنان شارفت على نهايتها.. والرئيس سليمان جاهز للاضطلاع بالدور المناسب لتعزيز التضامن العربي

TT

أكد وزير الخارجية اللبناني فوزي صلّوخ، أن تبادل فتح سفارتين، لبنانية في دمشق وسورية في بيروت، سيتم قبل نهاية السنة، مطمئنا الى ان لا تأخير في تسمية السفيرين ذلك أن الأمر يسير «وفق المنهج الطبيعي». وإذ رأى، في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط»، ان الانتشار السوري على الحدود الشمالية «يساهم في تعزيز الأمن على الجانب اللبناني» لفت الى أن «المرحلة الصعبة التي شهدها لبنان خلال السنوات الثلاث الفائتة، شارفت على نهايتها» مكررا مرات عدّة ان لبنان «استعاد عافيته». وفي ما يلي نص الحوار:

* أين أصبحت التحضيرات اللوجستية لتنفيذ اتفاق سورية ولبنان لجهة فتح السفارتين؟

ـ الموضوع التأسيسي بات في حكم المنتهي، بعد توقيع الاعلان المشترك بين وزيري خارجية البلدين. الآن كل بلد يقوم بإجراءاته لناحية فتح السفارة وتعيين الطاقم الدبلوماسي. اذن الأمور تسير بشكل طبيعي من دون أي عراقيل.

* لماذا التأخير في تسمية السفيرين؟

ـ عملية ترشيح سفير ولاحقاً تعيينه تتطلب آلية داخلية، ولاحقاً آلية بين البلدين. وهذه آليات متعارف عليها ومنصوص عنها في اتفاقية فيينا. ونحن في لبنان لدينا أيضاً آلية داخلية لاختيار السفراء. ولذلك لا نستطيع الكلام على تأخير في التعيين. بل ان الأمور سائرة وفق المنهج الطبيعي. وقد وضعنا تصوراً زمنياً قوامه أن تكون السفارة عاملة قبل نهاية العام الحالي.

* هل بحثتم في قضية الانتشار العسكري السوري على الحدود الشمالية للبنان؟

ـ هذا الموضوع تم البحث فيه قبل ذلك في اتصال هاتفي بين فخامة الرئيس (اللبناني العماد) ميشال سليمان، وسيادة الرئيس (السوري) بشار الأسد. وقد أعلن فخامة الرئيس عن فحوى الموقف السوري. وهو، في أي حال، موضوع سيادي داخلي سوري ما دام الانتشار مقتصراً على الاراضي السورية. وقد أعلن الأخوة السوريون أن الهدف منه ضبط الأمن على جانبهم من الحدود. وهذا يساهم أيضاً في تعزيز الأمن في الجانب اللبناني.

* ماذا عن الوساطة التي يمكن أن يضطلع بها الرئيس ميشال سليمان بين السعودية وسورية؟

ـ لا نستطيع الكلام عن وساطة، فالبلدان لديهما علاقات أخوية راسخة سوف تستعيد زخمها عاجلاً أم آجلاً. وهما بلدان محوريان ضمن منظومة العمل العربي المشترك. فخامة الرئيس سليمان كان قد أعلن خلال زيارته الى المملكة العربية السعودية أنه في الوقت المناسب، سيكون جاهزاً للاضطلاع بالدور المناسب لتعزيز التضامن العربي، وخصوصاً أن لبنان استعاد عافيته السياسية بعد اتفاق الدوحة وانتخاب فخامة الرئيس. التضامن العربي هو مطلب الجميع، وكل من يمكنه موقعه من القيام بدور ايجابي في صدده يجب ألا يتأخر.

* كيف تقرأ التحركات السياسية اللبنانية من الخارج بعدما زار رئيس تكتّل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون ايران ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط ورئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع، مصر؟

ـ هذه زيارات يقوم بها قادة سياسيون لبنانيون الى بلدان مهتمة بالأوضاع في لبنان، وخصوصا ان لبنان استهل مرحلة سياسية جديدة. وبالتالي من الطبيعي أن يحصل تشاور مع الاطراف المهتمة بالوضع اللبناني. وكذلك فإن المنطقة تشهد تغيرات نوعية تؤثر على الاوضاع في لبنان، وبالتالي من الطبيعي أن يهتم القادة اللبنانيون باكتشاف ملامح هذه المرحلة.

* ماذا عن اجواء المصالحات في لبنان؟ هي نتيجة ماذا وإلى أين ستقود؟

ـ هذا الموضوع هو أحد الأمور الأكثر ايجابية التي تحصل في لبنان. الوفاق الوطني اللبناني هو الذخيرة الاساسية التي تحمي لبنان وتجعله بمنأى عن التقلبات والمطبات السياسية الداخلية والخارجية. وهناك وضع اقليمي يشهد مخاضاً قد يؤدي به الى التهدئة. وهذا يفرض علينا لملمة الوضع الداخلي لنستفيد من هذه التهدئة. وقد يشهد أيضاً توتراً ما يفرض علينا كذلك لملمة الوضع لنبقى بمنأى عن التوتر. لكن من الملاحظ أن المرحلة الصعبة التي رافقت السنوات الثلاث الأخيرة قد شارفت على نهايتها وذلك لأسباب عديدة. وبالتالي من الطبيعي ان يعمل القادة اللبنانيون على تحضير البلاد للمرحلة المهمة المقبلة التي سوف تشهد انتخابات نيابية تفترض أجواء سياسية مناسبة يرجح فيها التنافس الهادئ على المناكفة.

* ما تعليقك على الكلام الوارد على «وكالة الصحافة الفرنسية» عن ان اسرائيل تبحث في التفاوض على اتفاق عدم اعتداء مع لبنان؟

ـ من وقت الى آخر نسمع تسريبات اسرائيلية حول هذه الأمور. بالنسبة الينا الموقف واضح، وهو انه إذا أرادت اسرائيل الاستقرار فما عليها سوى التزام القرار 1701 الذي يتضمن آلية تكفل إذا التزمتها اسرائيل، تحقيق الانسحاب الاسرائيلي من الاراضي اللبنانية التي ما زالت محتلّة. ونعتقد ان القرار 1701 يفي بالغرض ولا يحتاج الى عملية تفاوضية او تبادلية، بل انه قرار نافذ على اسرائيل تنفيذه.

* هل يضع لبنان تصورا لمسار المفاوضات مع اسرائيل إذا استؤنفت المفاوضات يوما ما، وخصوصا في ظل المفاوضات غير المباشرة بين سورية واسرائيل؟

ـ هناك تمييز واضح في موقفنا بين الملفات الثنائية مع اسرائيل والتي تحكمها قرارات دولية نافذة لا تحتاج الى أي تفاوض سواء لناحية ضرورة انسحاب اسرائيل من الاراضي اللبنانية المحتلة في بلدة الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا. كذلك لناحية وقف الخروق والتعديات والافراج عن خرائط الالغام والقنابل العنقودية واحترام حق لبنان السيادي بمياهه. ومن جهة اخرى، هناك عملية السلام في الشرق الاوسط التي يشترك لبنان في الموقف بصددها مع بقية الدول العربية من خلال المبادرة العربية للسلام ومرجعية مدريد المعروفة. لذلك، فإن السؤال الافتراضي حول المفاوضات سيوجب تقويم الموضوع انطلاقا من الموقف اللبناني الذي شرحته آنفا.

* هل يمكن التحدث اليوم عن تلازم المسارين اللبناني والسوري في عملية السلام؟

ـ هذا الموضوع يحتاج الى تعريف في ضوء موقف لبنان الذي شرحته في جوابي عن السؤال السابق، في ما يتعلّق بالقضايا العالقة ثنائيا مع اسرائيل ليس هناك مسار لبنان بالمعنى التفاوضي، لأنه كما قلت القضايا العالقة لا تحتاج الى تفاوض كونها محكومة بقرارات دولية غير مشروطة ونافذة. أما بالنسبة الى عملية السلام بشكل عام فلبنان ملتزم مبدأ السلام العادل والشامل وفق مرجعية مدريد التي تفترض اطلاق كل المسارات، وبالتالي فإن تلازم المسارات يصبح امرا قائما. تلازم المسارين اللبناني والسوري له خلفيته التاريخية في التسعينات حين اعتمد الفلسطينيون مسار أوسلو فلم يبق في اطار عملية مدريد سوى لبنان وسورية. ولكن في الاساس تلازم المسارات يعني تلازم كل المسارات العربية، استنادا الى مبدأ السلام الشامل والعادل. وهو مبدأ يفترض انه ما زال قائما.

* غاب الحديث اليوم عن مصير مزارع شبعا، هل لا يزال مشروع انسحاب اسرائيل منها ووضعها تحت وصاية الامم المتحدة، قائما؟

ـ نحن يهمنا ان يتم الانسحاب الاسرائيلي من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وأن يتم احترام حقوق لبنان السيادية، سواء لجهة المياه أو لجهة حق السكان باستثمار اراضيهم أو لناحية السيادة اللبنانية على هذه الاراضي. وتسهيلا لهذا الأمر قدمت الحكومة اللبنانية السابقة مقترحا توضع بموجبه المناطق تحت سلطة الامم المتحدة موقتا بعد الانسحاب الاسرائيلي الكامل منها. ورغم هذا المقترح لم تتجاوب اسرائيل مع المساعي التي حصلت. غير اننا ما زلنا مصرّين على ضرورة الزام اسرائيل الانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا في اطار الآلية التي نص عليها القرار 1701.