رئيس وزراء تركيا يلوح بتقليص سلطات المحكمة الدستورية

إرجاء محاكمة 86 متهما بقضية «المؤامرة» لقلب حكومة أردوغان

طالبات تركيات يتظاهرن ضد قرار منع الحجاب امام مبنى جامعة اسطنبول أمس (أ.ب)
TT

في خطوة قد تشدد من توتر العلاقات بين الحكومة والمحكمة العليا التركية، نوه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان امس الى انه قد يسعى لتقليص سلطات المحكمة الدستورية. وجاء تصريح اردوغان بعد ان الغت المحكمة العليا رفع الحظر الذي امرت به الحكومة على ارتداء النساء للحجاب في الجامعات.

وكانت المحكمة الدستورية قد ألغت في يونيو (حزيران) تعديلا دستوريا لرفع هذا الحظر في نكسة لحزب العدالة والتنمية ذي الجذور الاسلامية قائلة انه ينتهك الدستور العلماني لتركيا. وقال اردوغان في مؤتمر صحافي: «ينبغي ان اقول علنا ان المحكمة الدستورية ليست فوق الدستور ووفقا لدستورنا فان الحقوق والحريات الاساسية تتحدد وفقا للقانون وليس بالتفسيرات».

وكان بعض نواب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم ورئيس البرلمان كوكسال توبتان وزعيم حزب الحركة القومية اليميني المعارض دولت بهجلي قد اقترحوا جميعا الحد من سلطات المحكمة قائلين انها انتهكت مبدأ الفصل بين السلطات.

وردا على سؤال اذا كان حزب «العدالة والتنمية» يؤيد هذه الخطوة، قال اردوغان: «نحن مستعدون للقيام بعمل يؤدي الى نتائج ايجابية لصالح البلاد». وعبر حزب المعارضة الرئيسي العلماني المتشدد، «حزب الشعب الجمهوري»، عن رفضه لهذا التغيير. وتعتبر المحكمة معقلا للمؤسسة العلمانية الشديدة الارتياب تجاه حزب «العدالة والتنمية»، وهي تتهم الحزب بانه يضمر جدول اعمال اسلامياً خفياً، الامر الذي ينفيه الحزب الحاكم.

وقضية الحجاب واحدة من القضايا المشحونة بالتوتر في تركيا الدولة ذات الغالبية المسلمة والدستور العلماني وكانت مصدرا لانعدام الاستقرار السياسي في الدولة التي تسعى الى عضوية الاتحاد الاوروبي. واستبعدت المحكمة في مسوغات قانونية نشرت اول من امس اي احياء لقضية الحجاب المتنازع عليها لحين وضع دستور جديد للبلاد. ويبدو احتمال تغيير الدستور في اي وقت قريب ضئيلا لان تركيا تمر بحالة استقطاب شديد حول دور الاسلام. وكانت محاولة الاصلاح الخاصة بالحجاب حافزا لقضية اخرى قضت فيها نفس المحكمة باغلبية ضئيلة في يوليو (تموز) الماضي بعدم اغلاق حزب «العدالة والتنمية» بعد اتهامه بالقيام بنشاطات اسلامية. ومن المتوقع ان تنشر المحكمة المسوغات القانونية لهذا الحكم اليوم.

وتشهد تركيا مشادات سياسية بسبب الصراع الدائر بين قوى العلمانية الحزب الحاكم ذات الجذور الاسلامية. وضمن هذه الاجواء، تدور محاكمة 86 متهماً من شبكة علمانية حاولت قلب حكومة اردوغان. واستؤنفت امس محاكمة المعتقلين الذين يشتبه في انتمائهم الى شبكة مسلحة سرية باسم «ارغينيكون». وارجأت المحكمة البت في القضية الى يوم الاثنين المقبل، بينما رفضت المحكمة اطلاق سراح 46 متهماً كانوا معتقلين بشكل موقت. وبدأت المحاكمة الاثنين الماضي في سجن «سيلفيري» قرب اسطنبول غير ان الجلسة سرعان ما غرقت في الفوضى بسبب ضيق قاعة المحاكمة التي لم تتسع للمتهمين ومحاميهم والمراقبين وحشد الصحافيين. وقررت المحكمة على اثر هذه الجلسة الاولى الاستماع اولا الى افادات المتهمين الـ46 الموضوعين في الحجز الموقت على ان تستمع الى الموقوفين الاربعين الاخرين في جلسة لاحقة.

وقررت المحكمة ايضا السماح فقط لستة صحافيين اتراك بدخول قاعة المحاكمة وثبتت شاشة في قاعة الانتظار للسماح لباقي الصحافيين بمتابعة المداولات. كما سمح القضاة لكل من المتهمين بثلاثة محامين فقط في قاعة المحاكمة. واحتج المحامون على هذه الاجراءات امس معتبرين انها انتهاك لحقوق موكليهم. وقال محام ان «خفض عدد المحامين الى ثلاثة في حين يصل بيان الاتهام الى 2455 صفحة تضاف اليها 450 ملفا من الوثائق الملحقة، فهذا انتهاك لحقوق الدفاع». ويواجه اعضاء شبكة «ارغينيكون» تهماً بالسعي الى اشاعة الفوضى في البلاد من خلال مضاعفة المظاهرات غير القانونية والاغتيالات بهدف اطاحة حكومة حزب «العدالة والتنمية» المنبثق عن التيار الاسلامي. وبحسب وسائل الاعلام التركية، فان الهدف من وراء اشاعة مناخ العنف، دفع الجيش التركي الى التدخل وهو الذي قام في الماضي باربعة انقلابات عسكرية وهدد الحكومة العام الماضي بالتدخل للدفاع عن النظام العلماني.

وبالاضافة الى محاولة قلب الحكومة، تشمل لائحة الاتهامات السعي الى اغتيال الحاصل على جائزة «نوبل» للثقافة اورهان باموك واغتيال مسؤولين اكراد من اجل احداث ارباك في البلاد.