في لغة قُدامى السعوديين والخليج.. تختلف التسميات والأشهر واحدة

«طباخ التمر» و«قصيّر» و«الصفري» و«المربعانية» أسماء لشهور السنة وفصولها

البيوت السعودية والخليجية تكاد لا تخلو من التمر أو الرطب، في فصل الصيف منذُ قديم الأزل («الشرق الأوسط»)
TT

أشهر السنة في العقود الماضية بالنسبة للسعوديين، والخليجيين بشكل عام، كانت ذات تسميات، تختلف اختلافاً جذرياً عن ما تُسمى به خلال العقود القريبة الماضية، أو خلال العقدين الماضيين.

وإذا سئُل أي من أبناء هذا الجيل من السعوديين والخليجيين، عن موقع شهر«قصير» في سلم الأشهر السنوية، فبالتأكيد، لن يعي موقع ذاك الشهر، إلا إذا كان ذا ثقافةً شعبية تختلف عن أبناء جيله، نتيجة قربه من كبار السن.

كان القُدامى من الأجيال السابقة، يُطلقون على بعض الأشهر السنوية، أسماء تميل للغة الشعبية، لارتباطها ارتباطاً مُباشراً بأرزاقهم، التي كانوا يعيشون عليها في السابق، مثل «التمور» في السعودية، وهي القوت الأول والأخير الذي يعتمدون عليه في السابق بشتى مجالات حياتهم، قبل ظهور النفط في منطقتهم.

وحسب الراوي السعودي محمد الشرهان، فقد كان السعوديون يطلقون على مُنتصف شهر أغسطس (آب) الماضي، الذي تصادف هذا العام مع شهر شعبان، اسم «طباخ التمر، أو طباخ الرطب» لارتباطه بموسم حصاد التمور وإنتاجها، وهي الفترة التي ترتفع فيها درجة الحرارة الشديدة عن غيرها من الأشهر، وهو ما يساعد على استواء ونضج التمور. ما يوازي شهر «أغسطس» أو «طباخ التمر» حسب تسميته الشعبية، يأتي شهر آخر مرتبط بإنتاج زراعي آخر، وهو «العنب»، حيث يُطلق السعوديون على أواخر شهر أغسطس. والأهم، أن تلك الأيام التي يصفها السعوديون القُدامى، بـ«طباخ العنب» نظراً لاتصافها بدرجة حرارة يحتاجها العنب للاستواء والنضج، وبالتالي بيعه أو أكله كلا على حسب رغبته.

وفي السابق، كان يُقال، «شهر آب مذوب المسمار على الباب» وهو وصف من الأوصاف التي يصفون بها شهر «آب» في قديم الزمان في السعودية، كونه الشهر الذي يشهد ارتفاعاً شديداً في درجة الحرارة، لا يُطفئ لهيبُها، سوى قطع أقمشة كانت تُبلل بالماء، لجلب البرودة لهم، وهو ما كان يُعتبر بمثابة أجهزة التكييف في الفترة الحالية، ولكن الطريقة كانت بدائية للغاية حسب الإمكانات الموفرة لهم في ذاك الزمان.

فصل «الصيف»، له تسمية أخرى في حياة أهالي الخليج بشكل عام، حيث كان يُطلق عليه الـ«قيظ» وهي الفترة التي تكون فيها درجة الحرارة، أشد من غيرها من فترات السنة، وهي نفس الفترة الحالية التي تصل فيها درجة الحرارة إلى ما فوق الـ«50» درجة مئوية. وهناك ما مجموعه 40 يوماً خلال فصل الشتاء، يُطلقون عليها أيضاً، اسم الـ«مربعانية» وهي الفترة التي تشتد فيها البرودة عن غيرها خلال فصل الشتاء، واشتقوا ذاك الاسم، كون تلك الفترة لا تتجاوز الأربعين يوماً، مهما كانت الأسباب.

«الصفري» وهو الاسم المُشتق من أصوات الرياح القوية التي يتمتع بها فصل الخريف، والذي تنشط فيه الرياح على خلاف غيره من الأشهر، وهي التي تُسبب صوتاً شبيه بـ«الصفير» لدى اختراقها السعف، أو الأوراق في أعلى النخيل. الوسم ومجملها 52 يوما، تبدأ في الغالب، من منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) حتى بداية شهر ديسمبر (كانون الأول)، وهي الأيام التي تكثر فيها نسبة هطول الأمطار، وتكتسي الأرض خضرة، وتكثر فيها الأعشاب البرية الخاصة بتلك الأيام، مثل «الشيح، والروض، والنفل، والفقع»، الذي يحرص أبناء منطقة الخليج على جمعة من الأرض، وأكله عوضاً عن اللحم في بعض وجباتهم الرئيسية. وتغنت كثير من الأشعار والقصائد، في تلك الفترة، ببعض أيام السنة، وهي ما يعتبره أبناء الخليج من كبار السن والقُدامى، نوعاً من الحكمة، والبصيرة، مثل ما يرى أبناء الجيل الحالي، في بعض تصرفاتهم وتسمياتهم لبعض الأشياء، حكمةً وبصيرة مع فرق التشبيه ما بين ذاك الجيل، والجيل الحالي.

ما يحويه الإرث السعودي خاصة، والخليجي عامة، يحتاج لمساحة أكبر، وهو الإرث الذي أبى أن يندثر، لوجود من يتشبث به بأحوال وطُرق عدة، بل وبلغ الأمر أن كثيرا من الشباب في منطقة الخليج، باتوا مُتمسكين بذاك الإرث عن طريق حرصهم على الاحتكاك بكبار السن وحضور «ديوانياتهم» التي تشتهر بها منطقة الخليج.