بوش أحد أبخل مانحي العفو الرئاسي: 171 حالة عفو مقابل 396 في ولاية كلينتون

قصة أحد أصحاب الحظ من المشمولين بعفو رئاسي في نهاية ولاية بوش

TT

لم يكترث ليسلي كولير، القائم على إدارة مزرعة حبوب تبلغ مساحتها 600 فدان، كثيرا بالإدانة في جريمة قتل نسرين أصلعين إلا ان الخسارة الأكبر بالنسبة له هي فقدان البنادق التي يستخدمها في الصيد بسبب حرمانه من استخدامها. وبالنسبة لأم جون كولير، فقد كان شيئا مؤلما أن ترى اسم ابنها يتلطخ في المدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 5000 شخصا والموجودة في جنوب شرق ميسوري، حيث عاشت العائلة واشتغلت بالزراعة وعملت بالصيد على مدى أربعة أجيال. أما بالنسبة لصديق العائلة، لاني بلاك، وهو نائب سابق في ولاية ميسوري، فإن إحساسه بالظلم البين في هذه الجريمة هو ما دفعه لمساعدة كولير وأمه، عندما بدآ، قبل عقد مضى، في إجراءات الحصول على عفو رئاسي. وخلال الأسبوع الماضي، ظهر أن هذه المساعي سوف تكلل بالنجاح، حيث أصبح كولير، 50 عاما، من بين 14 شخصا سيحصلون على عفو أحد أبخل مانحي العفو الرئاسي خلال التاريخ الحديث. ويعد العفو الرئاسي، الذي يعفي المدانين من العقوبة وعادة ما يكون في الأيام الأخيرة من الفترة الرئاسية، تقليدا أميركيا مع اقتراب عيد الشكر. ونص الدستور على سلطة العفو الرئاسي لمساعدة الرئيس على نشر المشاعر الطيبة، خاصة في الأوقات الحرجة مثل تلك التي تلي حدوث عصيان مسلح أو تمرد. وعادة ما يركز الرأي العام على القضايا الأكثر شهرة والتي يكون حولها خلاف كبير، مثل العفو الذي قام به جورج واشنطن عن المشاركين في تمرد «ويسكي» المسلح ضد الضرائب الكبيرة على الكحوليات عام 1795، والعفو الاستباقي الذي قام به جيرالد فورد عن ريتشارد نيكسون عام 1974 وعفو بيل كلينتون عام 2001 عن الممول الهارب مارك ريتش، التي كانت زوجته السابقة مساهما رئيسا في مكتبته الرئاسية. وتركزت تخمينات الرأي العام على عمليات العفو الرئاسي المقبلة والمتوقع أن يصدرها بوش على رئيس الطاقم السابق لنائب الرئيس ديك تشيني لويس ليبي، ومسؤولين آخرين في الإدارة تورطوا في بعض الأمور مثل برنامج التنصت المحلي أو على النائب السابق لولايات كاليفورنيا، راندي كونيانغام، الذي أدين بالاحتيال. وفي التاريخ الحديث، فإن قائمة الذين حصلوا على عفو كانت تشمل بشكل خاص المدانين الذين لهم علاقة مع شخصيات بارزة في السلطة الأميركية اكثر من المواطنين العاديين، من أمثال كولير، الذين أدت الجرائم الصغيرة نسبيا التي قاموا بها إلى أن يوصفوا بأنهم مجرمون. وبالنسبة لمعظمهم، فإنهم يقومون تلقائيا بملء طلب للحصول على عفو رئاسي بمكتب المحامي في وزارة العدل، الذي يفحص الآلاف من الطلبات الشبيهة قبل أن يرفع توصياته إلى الرئيس، وهو غير ملزم بالموافقة عليهم. وفي قضية كولير، الذي ليس لديه علاقات مع شخصيات بارزة في واشنطن، والذي لم يقدم يوما تبرعات سياسية فيدراليا، كان الأمر مجرد إجراء مثل ما يقوم به الآخرون، حسب ما قالته والدته في مقابلة أجريت معها الأسبوع الماضي. وتقول: «كان الهدف بالنسبة لي هي تبرئة اسمه». وقال كولير في مقابلة معه إن الجريمة التي ارتكبها كانت غير محتملة وغير مقصودة، فبينما كان يقوم بالصيد، لاحظ ظهور ديك رومي بري مرة أخرى، بعد عقود من اعتقاده بأنه اختفى. وكان يخشى من أن الذئاب الموجودة في المنطقة سوف تعطي لهم فرصة في التوالد. وقام كولير بنصب شرك بأن وضع لحما وعليه احد المبيدات وهو طبقا للقانون الفيدرالي، لا يجب أن يستخدم كسم للحيوانات. نفقت سبعة ذئاب بعد أن أكلت اللحم البقري، كما نفقت حيوانات اخرى تغذت على جثثهم، وكان معهم نسران أصلعان. وعثر أحد المارة على النسرين، وقام بإخطار السلطات الفيدرالية، التي قامت بتحديد السم الذي قتلهما وتعقب عملية شرائه، لتصل إلى كولير، الذي أقر بأنه مذنب في تهمتين، وهما مخالفة قانون حماية العقاب الذهبي والنسر الأصلع، وبجنحة الاستخدام غير القانوني للمبيد. ولأنه ليست له سابقة جنائية، فقد علقت العقوبة ووضع تحت الرقابة لمدة عامين، وأجبر على دفع غرامة 10 آلاف دولار. ثم كان على كولير أن يتخلى عن بنادق الصيد التي لديه، الأمر الذي كان بمثابة ضربة لنمط معيشته. ويقول كولير: «لدينا إرث في الصيد في هذه العائلة، هذا ما نقوم به». وقال له مسؤول محلي في مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية، إن بامكانه استعادة بنادقه إذا حصل على عفو رئاسي. ويقول كولير: «أضاف المسؤول (حظ سعيد، اذ ان احتمال الامر ضعيف جدا)». ومن بين الآلاف من الالتماسات للحصول على عفو أو عقوبة مخففة التي تبلغها بوش خلال فترة رئاسته، وافق على 171 منها فقط وبدل العقوبة في ثمانية أحكام. وفي المقابل، فإنه بنهاية رئاسته، كان كلينتون قد منح 396 عفوا رئاسيا وبدل الأحكام في 61. وفي المعتاد، تنظر وزارة العدل في الطلبات، ثم ترسلها إلى البيت الأبيض مع توصيات، وليس ملزما أن يعمل الرئيس وفق ذلك، ولا تقوم أي من وزارة العدل أو البيت الأبيض بالتعليق على كيفية إصدار الرئيس بوش لقرارات عفوه، ويمكن أن تكون العملية غامضة حتى بالنسبة لمن لهم علاقات بشخصيات بارزة. ولم يكن لدى كولير مثل تلك الشخصيات البارزة، وبدأ التفكير في احتمال حصوله على ذلك عندما كان كلينتون رئيسا، وأشار إليه بعض الأعضاء المحليين في الحزب الجمهوري بأن عليه أن يقوم بمساهمات سياسية على مستوى عال، ولكنه قال: «تكلمت مع بعض المسؤولين الحكوميين، وقالوا لا، الأمر لا يستحق أن تقوم بذلك».

* خدمة «نيويورك تايمز»