سجن البابوات القديم يحتضن معرض الماركات التجارية الإيطالية

شعاره «الفن الذي نبغ بالجودة والتفوق»

نماذج في المعرض المبتكر للعلامات التجارية المسجلة في ايطاليا («الشرق الأوسط»)
TT

شعارالشركة وعلامتها التجارية التي يمكن تمييزها بسهولة هما سر النجاح الصناعي والتجاري في العالم. هذه هي الرسالة التي يوجهها المعرض المبتكر للعلامات التجارية المسجلة في ايطاليا الذي افتتح منذ أيام في العاصمة الايطالية، روما، ليبرز علاقة الفن بالتجارة واستضافه لأول مرة حصن سان أنجلو (أو القديس الملاك) الذي بناه الامبراطور الروماني ادريانو عام 123 بعد الميلاد ليكون مثواه الأخير وحوّله حكم البابوات في القرون الوسطى الى حصن حربي وسجن لمعارضي الكنيسة الكاثوليكية ثم أصبح متحفا فنيا من أهم آثار روما السياحية قرب الفاتيكان في عهد الجمهورية الايطالية. اختيار الحصن كان مقصودا لأنه رمز لروما وشعار لايطاليا يعرفه كل من زارها أو قرأ عنها وشعار المعرض هو: «الفن الذي نبغ بالجودة والتفوق» والمشاركون هم عشرات الشركات الايطالية المعروفة مثل فيراري وألفا روميو للسيارات ودوكاتي للدراجات النارية وباريلا وبوتوني للمعجنات وبينيتون ولويزا سبانيولي وبورسالينو للملابس والقبعات ولاغوستينا وأليسي وغوزيني لأدوات المطبخ ولافاتزا للقهوة وبيروجينا للشيكولاتة وايني للبترول وأنسالدو للإنشاءات ووكالة الصحافة الايطالية للأنباء (أنسا) رابع أكبر وكالة اخبارية في العالم.

وعقدت الهيئة المنظمة للمعرض برعاية وزارة الثقافة مؤتمرا صحافيا في الهواء الطلق على سطح الحصن في يوم خريفي مشرق معتدل الحرارة في نفس المكان الذي دارت فيه أحداث الفصل الأخير لاوبرا «توسكا» الشهيرة للموسيقار بوتشيني الذي تحتفل ايطاليا بعيد ميلاده الـ 150، وقال جيوسيبي دي ريتا رئيس معهد الدراسات والأبحاث CENSIS إن تعاون الفنانين مع المؤسسات التجارية ورجال الأعمال هو الذي يدفع عجلة التنمية الاقتصادية، وأردف «كانت صناعة السيارات والغذاء في حالة عجز في الخمسينات ثم اكتشفت أن العلامة التجارية المميزة هي مفتاح التسويق الناجح وزيادة المبيعات فلجأ رؤساؤها الى كبار المصممين والفنانين لابتكار الشعارات بخطوط وصور وألوان تعبر عن المنتج وروح العصر» وأضاف قائلا «لا يكفي أن يكون الانتاج جيد النوعية فمن الضروري التغلغل في السوق ولا يمكن ذلك دون ابتكار علامة وشعار جذاب يلفت الأنظار ويبقى في الذاكرة».

الدعاية التجارية في الصحف أو التليفزيون هي جزء من حملات التسويق لكن المهم ربط ذهن المستهلك بشعار جميل وبسيط بآن واحد يستهدي به كلما أحب شراء بضاعة معينة. هذا ما أدركته الشركات الاميركية الكبرى منذ القرن التاسع عشر مثل كوداك للتصوير وجنرال الكتريك للأدوات الكهربائية والمنزلية وتبعتها الشركات اليابانية مثل سوني للادوات الالكترونية والتليفزيون في القرن العشرين، ويمكن تحقيق هذا الهدف عندما تنتج الشركة عددا وافرا من السلع وتستعمل اسلوب الحجم الاقتصادي الكبير. يفسر المعرض العلاقة بين السلعة والعوامل الفنية في الرسم والفضول الذي يحولها إلى سلعة محببة. كثيرون لا يعرفون القصة الحقيقية لتسمية شيكولاته بروجينا بالقبلات (باشي بالايطالية) فقد نشأت علاقة غرامية خفية بين الشريك الجديد لمؤسس الشركة وزوجته التي انفصلت عنه فأضاف حبة من البندق للشيكولاتة المحبوبة لدى خليلته ووضعها في علبة زرقاء ترمز الى العشق واستعان بالفنان فيديريكو سينيكا الذي استوحى شعار القبلة من لوحة معروفة بهذا الاسم في ميلانو منذ عام 1859 للرسام التشكيلي فرانشسكو هايز ثم أضاف ورقة صغيرة كتب فيها بعض عبارات الوله والحب، وما زالت شيكولاتة القبلة التي تملكتها الآن شركة نستله تحتوي على ورقة صغيرة بمختلف اللغات تنبئك بحظك في الحب مع قبلات السيدة القادمة من مدينة بيروجيا بوسط ايطاليا! ونرى في المعرض 250 قطعة مختارة وملصقات تاريخية ووثائق وصورا نادرة من محفوظات متحف المؤسسات التجارية ويقسم الى ثلاثة اقسام: قصة ابتكار اسم الماركة والاشخاص الذين ساهموا في ذلك، وقصة الأماكن والاقـاليم المتنوعة التي ترتبط بها السلعة والتصاميم المبتكرة للشركات التي قام بها الفنانون والمهندسون المختصون لكي يدرك المتفرج قصة المنتجات التي تحمل كلمات «صنع في ايطاليــا». نرى أيضا أفلاما أخرجها عمالقة السينما الايطالية مثل بيرتولوتشي وانطونيني وصورا وتصاميم للفنانين الكبار أمثال دالي وورهول وغيرهما، وبعد انتهاء المعرض في روما في آخر العام الحالي سيتحول الى معرض عالمي متنقل يطوف العالم في المراكز الثقافية الايطالية.

المعرض يثبت أن الثقافة هي قطاع استراتيجي في ايطاليا، فالتراث الثقافي والسياحي يعتبر جزءا أساسيا من الصورة التي تحب ايطاليا ان تطل بها على العالم كي تنشط صناعتها، مبرزة براعة المهندسين والمصممين والفنانين فيها الذين نجحوا في إعطاء صورة حسية تربط المتفرج والمستهلك بعلامة متميزة ورسالة مزدوجة لا تعود إلى عهــود الرومان وحكم الفاتيكان فقط بل إلى ايطاليا الحديثــة بتراثها الحافل.