دبي: الشركات الحكومية تتسابق لتسديد قروضها المستحقة

دفعت 1.4 مليار دولار منها خلال أسبوع وقبل فترة حلولها

دبي تحولت من طمأنة المستثمرين شفهيا، حول متانتها المالية، إلى خطوات عملية بالإعلان عن تسديد قروض شركاتها الحكومية («الشرق الأوسط»)
TT

1.42 مليار دولار هي قيمة القروض المستحقة التي سددتها شركات حكومية في دبي، خلال أسبوع واحد فقط، وقبل فترة حلولها رسميا، وهو ما يشير إلى تسابق شركات دبي الحكومية، لإظهار مدى قوة مركزها المالي، في محاولة لإيقاف نزف تبعات الهجوم الشرس من قبل تقارير غربية، مشككة في قدرة دبي على مواجهة الأزمة المالية الأعنف من نوعها، وتهب برياحها الشديدة على الإمارة الأكثر انفتاحا في المنطقة.

وعلى الرغم من التطمينات الحكومية المستمرة التي يقذف بها مسؤولين حكوميون، بين الحين والآخر، إلا أن هذه التأكيدات لا يبدو أنها تروق للمستثمرين، وهو ما دعا السلطات إلى إيجاد خطوات أكثر عملية لإثبات قدرتها على مواجهة تأثيرات الأزمة المالية الطاحنة، التي تكاد تعصف بالاقتصاد العالمي.

هذه الخطوات الحكومية العملية تمثلت في الإعلان أمس، عن تسديد دبي، عبر شركة مركز دبي المالي العالمي للاستثمار، الذراع الاستثمارية لمركز دبي المالي العالمي، لقرضها المجمع البالغ 1.84 مليار درهم (500 مليون دولار أميركي) بكامله، وذلك قبل تاريخ استحقاقه المحدد في 5 من الشهر الحالي 2008. غير أن متحدث باسم الشركة رفض في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» تحديد الجهة المستحقة للقرض، أو المواعيد المستقبلية التي تمت جدولة الدفعات المقبلة للقرض ذاته.

إلى ذلك وفي نهاية الأسبوع الماضي، أعلنت مجموعة العمليات التجارية التابعة لدبي القابضة، إحدى الأذرع الاستثمارية لحكومة دبي الأربعاء، أنها قامت بتسديد 2.4 مليار درهم (653 مليون دولار) من قيمة سندات بالعملات الأجنبية «يوروبوند» في خطوة رأى مراقبون أنها تهدف لإظهار متانة الوضع المالي للشركة، بعد الحديث عن ديون إمارة دبي.

وقالت الشركة إنها دفعت سندات بقيمة مليار درهم (272 مليون دولار) كانت قد أصدرتها العام الماضي، في إطار توسيع قاعدتها الاستثمارية وتعزيز مصادر التمويل، قد استحقت الدفع في شهر نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي.

كما كشفت دبي القابضة ذاتها عن أنها دفعت قبل ذلك في الفترة الأخيرة 1.4 مليار درهم (381 مليون دولار،) من حجم الدين والقروض المصرفي، مشيرة إلى أن السداد تم «من خلال السيولة النقدية التي حققتها الشركة نتيجة عملياتها الداخلية». واعتبرت الشركة أن هذه الخطوة تؤكد أن «دبي القابضة تواصل عملياتها على أسس متينة ومستقرة».

ويعتبر علي الشهابي الرئيس التنفيذي لشركة رسملة إعلان شركات دبي الحكومية، تسديد ديونها أنه «بداية جيدة»، مضيفا أنه «كلما زادت سياسة الإفصاح والشفافية، اطمأن المستثمر». ويقول الشهابي إنه على الحكومات الخليجية أن تنتهج مزيدا من الشفافية والوضوح من ناحية الدخل والمصروفات ونسبة القروض».

ويطمئن الشهابي المستثمرين بأن دول المنطقة، ودبي من ضمنها، اقتصاداتها قوية ولا خوف عليها «بشرط زيادة الإفصاح، لتخفيف الهلع بين المستثمرين.. فلماذا لا يعقد مسؤولو الحكومات مؤتمرات صحافية مستمرة، لتوضيح الحقائق بدلا من تركها عائمة هكذا؟».

ويقول مسؤول بارز في أحد البنوك الغربية العاملة في دبي، تحفظ على ذكر هويته، إن «الأزمة الحالية هي الأشد وطأة على دول العالم بأسره، ولا شك أن تخصص دبي بالقطاع العقاري على وجه الخصوص، بالإضافة إلى عدم اعتمادها على مداخيل نفطية، شأنها شأن جيرانها في مجلس التعاون الخليجي، وضعها في فوهة المدفع». وفي الوقت الذي يعترف فيه المسؤول الغربي بعدم قدرته على التوقع السليم «بسبب ضياع بوصلة نهاية الأزمة المالية العالمية»، إلا أنه يقول إن دبي في حاجة لمزيد من تعزيز الشفافية فيما يخص قطاعها المالي، مع الكشف عن مزيد من التفاصيل بشأن قدرتها على مواجهة «فوضى الائتمان الذي يبدو أنها بدأت تطفو على السطح». مضيفا «أعتقد أننا في حاجة لمزيد من الوقت، حتى نتبين قدرة الشركات الحكومية في دبي من مواجهة هذه الأزمة باقتدار.. لننتظر ونر».

وفيما كان التصريح الرسمي حول ديون دبي، غائبا طوال سنوات سابقة، كشفت الحكومة مؤخرا عن تفاصيل هذا الدين، مقابل الأصول التي تملكها الحكومة. وأعلن محمد العبار رئيس مجلس إدارة شركة «إعمار» الإماراتية، وعضو المجلس التنفيذي لدبي، أن ديون الإمارة تعادل عشرة مليارات دولار لحكومة دبي، و70 ملياراً للشركات التابعة لها، مؤكداً أن الأصول الموجودة تفوق الديون بكثير، مما يبعد خطر العجز عن السداد.

وأكد العبار أن حكومة إمارة دبي، ستقوم بإنقاذ شركاتها التابعة إذا تعثرت، كاشفاً عن أن أصول الحكومة تقدّر بـ90 مليار دولار، من دون احتساب الطرق والمطارات والمرافئ، في حين تقدّر أصول الشركات التابعة بأكثر من 260 مليار دولار، واضعاً بذلك حداً للتقارير المتزايدة حول حجم ديون دبي وقدرتها على السداد.

ولا يتردد مسؤولو دبي في التأكيد جازمين بأن الشركات الحكومية قادرة على الاستمرار في تسديد الديون المترتبة عليها، خلال الفترة الحرجة المقبلة.

ويقول مركز دبي المالي إنه تمت مراجعة التصنيف الائتماني للشركة التي تتولى إدارة العمليات التجارية واستثمارات «مركز دبي المالي العالمي، وحازت مجدداً تصنيف A+ من «ستاندرد آند بورز»، كما أكدت «موديز» تصنيفها للشركة مرة أخرى عند A1 خلال الفترة ذاتها. ويعتبر مسؤولو المركز المالي أن نجاح DIFC للاستثمار في المحافظة على تصنيفها الائتماني القوي، الممنوح من قبل هاتين الوكالتين العالميتين، «يعكس المكانة الراسخة لمركز دبي المالي العالمي، وقوة اقتصاد دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة عموماً».