النفط يواصل تهاويه مع تنامي الدلائل بأن الاقتصاد العالمي في حال أسوأ مما كان متوقعا

رئيس «أوبك» يأمل في انضمام روسيا إلى المنظمة

TT

مع تنامي دلائل تشير الى أن الاقتصاد العالمي في حال أسوأ مما كان متوقعا، وتفضيل «أوبك» تأجيل الحديث عن خفض آخر للانتاج، تراجع سعر النفط الخام لأقل مستوى له في ثلاثة اعوام ونصف إلى ما دون 48 دولارا للبرميل امس الثلاثاء، مواصلا هبوطه الحاد الذي سجله اليوم السابق، وانخفض سعر العقود الآجلة للنفط لخام الاميركي الخفيف لتسليم يناير (كانون الثاني) 1.85 دولار أو 3.8 في المائة الى 47.43 دولار للبرميل وهو أقل مستوى منذ مايو (ايار) 2005 ويقل نحو مائة دولار عن مستواه القياسي الذي سجله في يوليو (تموز) عند 147.27 دولار. وانخفض الخام بنسبة تسعة في المائة أول من أمس. وهبط سعر عقود مزيج النفط الخام برنت في لندن 1.67 دولار الى 30.46 دولار للبرميل. وتراجعت أسعار نفط منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) عقب الاجتماع التشاوري لوزراء نفط المنظمة الذي استضافته القاهرة السبت الماضي، والذي لم تصدر عنه قرارات بشأن خفض سقف انتاج المنظمة.

وأعلنت الأمانة العامة للمنظمة في فيينا امس، أن سعر البرميل الخام (159 لترا) سجل أول من أمس الاثنين 45.57 دولار بتراجع مقداره 1.65 دولار عن اليوم السابق.

واتفق وزراء نفط «أوبك» خلال اجتماع القاهرة على عدم تغيير سقف انتاج المنظمة، حتى موعد اجتماعهم المقبل في الجزائر في السابع عشر من الشهر الحالي.

وكانت «أوبك» قد قررت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي خفض سقف انتاجها بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا.

ويشكل النفط من إنتاج دول «أوبك» نحو 40 في المائة من إجمالي إمدادات النفط في الأسواق العالمية.

وساعد الطلب المتزايد من اقتصاديات صاعدة، على استمرار الاتجاه الصعودي للنفط طيلة ستة اعوام منذ عام 2002، ولكن الأسعار هوت منذ بلوغها اعلى مستوياتها فوق 147 دولارا للبرميل في يوليو، اذ قوضت المشاكل الاقتصادية، الطلب في الولايات المتحدة أكبر دولة مستهلكة للوقود في العالم ودول كبرى متقدمة اخرى. وربما يصدر المزيد من البيانات التي تدفع الأسعار للهبوط اليوم وتوقع استطلاع اولي لآراء المحللين اجرته رويترز، ان تكون مخزونات الخام في الولايات المتحدة ارتفعت 1.8 مليون برميل في الاسبوع الماضي، وذلك للاسبوع الثالث على التوالي بفضل زيادة الواردات. وقال الأمين العام لمنظمة أوبك أول من أمس، ان «أوبك» مستعدة لخفض الانتاج بكمية كبيرة في اجتماعها في وقت لاحق من هذا الشهر في الجزائر من اجل خفض المخزونات الضخمة.

وقال وزير الطاقة والصناعة القطري عبد الله العطية لرويترز امس، ان «أوبك» تشعر بالقلق ازاء زيادة المعروض في سوق النفط العالمية، وقد تقرر مزيدا من الخفض في الانتاج في اجتماعها القادم يوم 17 ديسمبر (كانون الاول) في الجزائر. وقال مندوبون في «أوبك» ان وزراء النفط في دول المنظمة بحثوا اثناء محادثات غير رسمية في القاهرة في مطلع الاسبوع الحاجة لتقليص المعروض بما بين مليون برميل و1.5 مليون برميل يوميا في الاجتماع المقرر في الجزائر.

واثارت شركة بترول ابوظبي الوطنية «ادنوك» مزيدا من التساؤلات امس، حين ابلغت عملاءها في آسيا انها ستزيد شحناتها اليهم في شهر يناير، في عقود آجلة في تراجع على ما يبدو عن التخفيضات التي فرضت عقب خفض «أوبك» الانتاج قبل شهر. وفي ظل التأكيد على الالتزام بالحصص المحددة، لم يتضح سبب رفع «ادنوك» وهي المنتج الرئيسي للنفط في الامارات المتحدة، احد الدول الخليجية الاعضاء في «أوبك» الامدادات. وقال بعض التجار انها ربما تخفض المبيعات في السوق الفورية، لتحييد زيادة الشحنات الآجلة. وبحسب رويترز قالت مصادر امس، ان شركة بترول ابوظبي الوطنية (ادنوك) ستزيد شحنات نفطها الخام الى كثير من عملائها الرئيسيين المتعاقدين بعقود آجلة في آسيا الشهر المقبل، ولكن تجارا استبعدوا ان يعني ذلك تخلي الامارات عن التزاماتها تجاه «أوبك». وقد يبدو توريد كامل الكميات المتعاقد عليها، تراجعا عن خفض عام اعلنته ادنوك بنسبة بين خمسة و15 في المائة عقب قرار «أوبك» تقليص الانتاج في اواخر اكتوبر (تشرين الأول) غير ان تجارا قالوا ان «ادنوك» ربما تطبق تخفيضات اكثر حذرا، تستهدف عملاء معينين، بدلا من خفض عام.

وبحسب رويترز قال احد عملاء ادنوك «انها مفاجأة نوعا ما» بعدما علم عن طريق الفاكس، انه سيتسلم مائة في المائة من الكميات المتعاقد عليها من خام مربان في يناير، بعدما خفضت الشحنات بنسبة 15 في المائة في الشهر الحالي. ورفض المصدر نشر اسمه لأنه غير مخول الحديث لوسائل الاعلام. وبصفة عامة اكدت خمسة مصادر بمصارف وشركات تجارة نفط في اليابان وكوريا الجنوبية، ان «ادنوك» عدلت عن التخفيضات التي حرصت على اعلانها في الشهر الماضي، غير ان عميلا رئيسيا صرح بأنه لن يتسلم اي خام من «ادنوك» في الشهر المقبل. وطالبت السعودية ودول خليج أخرى من بينها الامارات العربية المتحدة، بالتزام اكثر صرامة بالتخفيضات السابقة، وسط مخاوف من ان الصقور في «أوبك» مثل ايران وفنزويلا، ربما لا يبذلون قصارى جهدهم، الأمر الذي ينذر بتكرار الانقسامات التي اضرت بفعالية «أوبك» في التعامل مع تراجع اقتصادي في مرات سابقة. وفي ضوء هذه الخلفية السياسية، ثمة ميل اكبر لدى التجار للبحث عن مؤشرات اقل وضوحا بدلا من التلميح الى تراجع الامارات عن وعودها. وقال احد المشترين لرويترز «يبدو ان ابوظبي تبيع خاما في السوق الفورية. ربما خفضت المبيعات هناك». وعقب اتفاق «أوبك» في اواخر اكتوبر (تشرين الاول) على حفض الانتاج بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا من أول نوفمبر (تشرين الثاني) وهو أكبر خفض في حوالي سبعة اعوام، سارعت «ادنوك» الى اعلان عن خفض فوري للامدادات من حقل زاكوم العلوي بدايه من شهر نوفمبر، واعقبه خفض اكبر لخامي مربان وزاكوم السفلي في ديسمبر لتبدي التزامها بتخفيضات «أوبك» علنا. وفي السابق كانت «ادنوك» اقل شفافية بشأن كيفية تطبيق تلك التخفيضات. ونظرا لبيعها كميات صغيرة من الخام على اساس شهري، بدلا من ابرام صفقات توريد سنوية تحظى الامارات بمرونة اكبر من جيرانها في دول الخليج في ادارة الصادرات ومعدلات الانتاج بأساليب أخرى غير خفض الامدادات المتعاقد عليها.

وعلى صعيد متصل، أعرب وزير الطاقة والمناجم الجزائري شكيب خليل الرئيس الحالي لمنظمة البلدان المصدرة للبترول («أوبك») عن أمله في انضمام روسيا والمنتجين الكبار الآخرين للنفط إلى المنظمة للعمل على استقرار السوق البترولية.

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن خليل قوله في مؤتمر صحافي بالعاصمة الجزائرية، على هامش الندوة الخامسة للتكوين في قطاع الطاقة والمناجم «ما نتمناه حقيقة هو أن تنظم هذه البلدان (روسيا والنرويج والمكسيك) إلى عضوية أوبك» مضيفا «لا أفهم لماذا لا تكون روسيا عضوا كاملا في المنظمة فهي أفضل طريقة تؤكد بها تضامنها».

وأوضح «إذا كانت هذه البلدان ترفض الانضمام إلى «أوبك» فما عليها إلا خفض إنتاجها للتضامن مع المنظمة».

وتوقع شكيب خليل، تراجع حجم الطلب على النفط بواقع 200 ألف برميل يوميا، خلال الربع الأول من العام المقبل و1.5 مليون برميل يوميا خلال الربع الثاني، مشيرا إلى أن الاجتماع الاستثنائي لـ«أوبك» في 17 ديسمبر الحالي سيتيح تقييم مدى التزام الدول المنتجة بتنفيذ قرار خفض الإنتاج 1.5 مليون برميل يوميا.