مشرف: هناك طريقة واحدة للتعامل مع الإرهابيين.. محاربتهم

الرئيس الباكستاني السابق في حوار تنشره «الشرق الأوسط»: لا أفتقد السلطة.. ولن أغادر باكستان

TT

مساء أحد ممطر، أخبرني شخص بأن «الرئيس يرغب في لقائك». وتعد هذه هي الزيارة الأولى للرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف منذ استقالته من منصب الرئاسة، الذي تقلده على مدار تسعة أعوام، بعد ان استولى على السلطة في انقلاب غير دموي حسب وصفه. وبالفعل، التقينا مساء يوم أحد في شقة خاصة بمنطقة في لندن لا يمكنني الكشف عنها. وكل ما يمكنني قوله أنها آخر مكان يمكن للمرء أن يتخيل أن يلتقي فيه رئيسا سابق.

كان مشرف يرتدي ملابس عادية. كان يرتدي سترة حمراء اللون. أما الشقة التي التقينا فيها فكانت مؤمنة تماماً. وانتظرنا أشخاص يعملون لحسابه بمكان متفق عليها ليقوموا بتوصيلنا إليه. وبدا مشرف أكثر شباباً وهدوءا وأناقة عما أتذكره من لقائنا الأخير في عام 2005 في باكستان. كان شعره طويلاً، وأتى يمشي بصورة تنم عن شعوره بحرية كبيرة. وسرعان ما قدم إلينا أكواب شاي ساخن بالحليب. وتحدثنا حول آخر مرة التقينا فيها، عندما فرض قدر بالغ من السرية على إقامتي في باكستانو وذلك بخلاف زيارتي الأخيرة لباكستان للقاء آصف علي زرداري... لذا، سألني مشرف ـبنبرة لا تخلو من التهكم: «لقد أصبحت مشهورة للغاية في باكستان! متى ستعودين لزيارتها؟»

* أين تعيش الآن؟ ـلا أزال أعيش في روالبندي. في ذات المنزل الذي جئتِ اليه لإجراء مقابلة صحافية معي ومع زوجتي. إننا جميعاً ما نزال هناك.

* هل تنوي الاستمرار في العيش هناك؟ ـ لا، لا... فقط حتى الانتهاء من بناء منزلي في إسلام أباد.

* إذاً ما الذي تقوم به حالياً؟ ـ لقد انتهيت للتو من قراءة كتابي. كنت بحاجة إلى إمعان التفكير.

* هل حقق كتابك نجاحاً؟ ـ لا أدري إن كان الكتاب ناجحاً. أعتقد أنه كان ناجحاً بالنظر إلى ما ورد بوسائل الإعلام، لكن علي الاطلاع على حجم المبيعات داخل دار النشر.

* هل تنوي تأليف كتاب آخر؟ ـ نعم، أفكر في تأليف كتاب آخر، وإلقاء محاضرات.

* هل شرعت في وضع الكتاب الجديد بعد؟ لا، ليس بعد. لقد شعرت وآخرون بصدمة تجاه الوضع العام في باكستان.

* صدمة تشبه الارتطام بالقاع؟ ـ نعم، أشبه بالارتطام بالقاع. وأتفق معك، فبعد الارتطام بالقاع، ربما تحدث أمور أفضل.

* هل توصلت إلى الخطوط العامة لعملك في مجال إلقاء المحاضرات؟ ـ ليس بعد... لكنني على وشك البدء في ذلك. إنني فقط أنتظر التوقيت الملائم والشخص المناسب للعمل كممثل لي.

* هل تشعر بالأمان في باكستان حالياً؟ ـ لن أغادر باكستان. إنها وطني. أما حول ما إذا كنت آمناً تماماً هناك؟ بالطبع لا. هناك مخاطر، لكنها ليست بالأمر الجديد بالنسبة لي. كما أن الجيش يتولى حمايتي. لكن بطبيعة الحال، كل شيء يمكن حدوثه.

* هل تنوي البقاء في باكستان؟ ـ بالطبع! لقد عاد نجلي إلى كاليفورنيا، لكن ابنتي تعيش في كراتشي، وتعمل بمجال تنظيم الحفلات الموسيقية. باكستان وطني. إن البلاد في وضع بالغ السوء حالياً. لقد جلبت استثمارات أجنبية إليها. وقمت ببناء طرق. لكن لم يعد أحد يستثمر هناك الآن. ثم مازحت مشرف بالإشارة إلى أنه أول حاكم باكستاني لا يتعرض للإعدام أو السجن أو النفي. ـ أعلم أنك تتلقين الكثير من رسائل البريد الالكتروني من أشخاص يودون عودتي. أنت أخبرتيني ذلك! في ظل الوضع الحالي في باكستان، أصبح من الصعب عليهم الاتصال بي. إنني أهتم بأمر وطني.

* تتعلق مشاعر الإحباط التي تم نقلها إلي، في جميع رسائل البريد الاليكتروني، بتدهور الوضع الاقتصادي وتفاقم العنف؟ ـ هذا المستوى من العنف لم يحدث خلال عهدي قط... لقد عقدت رأيي منذ البداية على الوقوف إلى صف أميركا ضد الإرهاب. وفعلت كل ما بوسعي للتصدي للإرهابيين والأصوليين. هناك طريقة واحدة للتعامل مع الإرهابيين.. هي محاربتهم.

* الآن، في ضوء المأزق مع الهند؟ ـ حسناً، أنت تعلمين أنه إذا لم يحارب المرء الإرهاب وتتأكدي من أن الجميع يدركون مدى قوة شعورك ضد الارهاب، ربما تحدث مشكلات مع دول مثل أميركا. والآن، نواجه هذا الموقف مع الهند. هذا هو ما يفعله الإرهاب. والآن، بات الوضع بالغ التعقيد.

* هل تعني أنه لو كانت الإدارة الحالية أوضحت مدى قوة محاربتها للإرهاب، لم يكن التوتر ليشتعل بين الهند وباكستان؟

ـ (يومئ رأسه موافقاً) أنت أجبت بنفسك...

* هل تفتقد أيام توليك السلطة؟ ـ لا مطلقاً! لقد تمكنت من الحصول على وقت أقضيه مع أسرتي وأصدقائي. لكنني مهتم بأمر باكستان. من الواضح أنني حريص على الاستمرار في مراقبة الوضع هناك.

* هل لديك أي رسالة تود توجيهها إلى الشعب الباكستاني؟ ـ حسناً..أنت أخبرتيني أنك سترسلين إلي بعض الرسائل الكثيرة التي جاءتك من أفراد باكستانيين يتألمون من الأوضاع الحالية. أود أن تقومي بذلك.

* الكثير من الرسائل تشيد بك نسبياً. بل إن لدي رسائل من أعضاء بحزب الشعب الباكستاني يقولون إنهم لم يحسبوا قط أنهم سيفتقدونك، لكنهم يشعرون بذلك بالفعل؟ ـ (يضحك) المشكلة في وسائل الإعلام الباكستانية أنها تركز دوماً على الصور السلبية. لا أشاهد التلفزيون كثيراً، لكن حينما أشاهده، أجدهم يعرضون صوراً لأشخاص يضربون بعضهم البعض، وأعمال عنف تجتاح الشوارع، فما هي الصورة التي تنقلها مثل تلك المشاهد إلى العالم عن باكستان.

* أليس من المفترض أن تنقل وسائل الإعلام الأحداث الجديرة بالتغطية إلى العالم؟ ـ نعم، لكن ينبغي أن يتم ذلك بأسلوب أكثر اتزاناً وشعوراً بالمسؤولية. قرب نهاية اللقاء، ذكرنا بعض أسماء القادة الذين قال مشرف إنه يشعر بالترحيب من جانبهم، وليس بالعزلة التي غالباً ما تصاحب الخروج من السلطة. على سبيل المثال: رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، وهو صديق مقرب للغاية من مشرف.