مسؤول كردي: معضلتنا مع المالكي أنه يعتبر الدستور جزءا من المشكلة لا أساسا للحل

د. فؤاد حسين لـ«الشرق الأوسط»: ما طرحته حكومة كردستان في ردها على رئيس الوزراء هو نفس ما يناقش في الاجتماعات المغلقة

TT

استعرت من جديد ما يمكن وصفها بحرب البيانات بين بغداد وأربيل غداة اعلان حكومة إقليم كردستان رسميا أول من أمس عن موقفها حيال سلسلة من القضايا الخلافية الكأداء بين بغداد وأربيل بما فيها قضية مجالس الاسناد التي تصر حكومة نوري المالكي على تشكيلها في المحافظات الوسطى والشمالية، وتتمسك باعتبار تلك المجالس جزءا من هيكلية القوى الأمنية في البلاد، وقد تعهدت الحكومة العراقية من جانبها بإصدار بيان يتضمن ردودا على ما ورد في بيان حكومة إقليم كردستان بهذا الخصوص.

وفي أول رد فعل من جانب رئاسة اقليم كردستان حول الموضوع قال الدكتور فؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة الاقليم «ان التكهن بما سيحمله بيان الحكومة العراقية المرتقب من مواقف أمر قد يكون عسيرا نوعا ما، ولكن ما استطيع الجزم به هو ان بيان حكومة الاقليم جاء نتيجة او ردا على ما طالب به دولة رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، الذي كان يبحث عن اجابات شافية ومقنعة لكل التساؤلات المتعلقة بشرعية ودستورية تشكيل مجالس الاسناد من عدمها، وقد اوضح البيان بجلاء كل الجوانب القانونية والدستورية التي تتعلق بهذه القضية والأسس التي يجري العمل عليها».

وأضاف حسين في حديث لـ«الشرق الاوسط» «ان هذا النقاش المحتدم بين الاقليم وبغداد والذي يجري الآن في اطار الاحتكام الى الدستور والقانون وأمام الملأ وعلى مرآى من وسائل الاعلام المختلفة، خلافا لما كان يجري سابقا اثناء الاجتماعات المغلقة بين الطرفين ، لهو أمر مفيد جدا في تعميق الممارسة الديمقراطية، علاوة على كونه رسالة واضحة لجماهير الشعب في العراق كي تدرك أننا ملتزمون تماما ببنود الدستور ومستعدون لتصحيح أي خطأ دستوري نكون قد ارتكبناه دون قصد والاعتراف بذلك جهارا، مثلما اكد ذلك السيد مسعود بارزاني رئيس الاقليم، ولكن المعضلة هنا تكمن في اعتبار دولة الرئيس المالكي الدستور العراقي جزءا من المشكلة لا أساسا للحلول».

وفي ضوء اصرار الطرفين أي اقليم كردستان والحكومة العراقية على التمسك بموقفيهما المتضادين تماما من تشكيل مجالس الاسناد، وإشارة الرئيس العراقي جلال طالباني الى احتمال اللجوء الى المحكمة الدستورية العليا في البلاد لحسم هذه القضية كما اوضح ذلك في مؤتمره الصحافي الذي عقده في مطار السليمانية مساء اول من امس فور عودته من بغداد، قال الدكتور حسين «ان اللجوء والاحتكام الى المحكمة الدستورية هو في حد ذاته قضية اخرى، ولا شك في ان الرئيس طالباني يبني موقفه على اساس الدستور والقانون ومن خلال رؤيته الخاصة لهذه القضية، ولكن أصل المشكلة بالنسبة لإقليم كردستان يكمن في محاولة اظهار مواقف الإقليم باعتباره مناهضا لرؤساء العشائر العراقية ودورهم في المجتمع خلافا للواقع تماما، فنحن نكن لهم ولعشائرهم كل الاحترام والتقدير، اما الاصرار على تشكيل مجالس الاسناد من قبل حكومة المالكي، فهو قائم على أساس فاشل ولو كانت تلك المجالس قد تشكلت لتحولت الى مصدر لإثارة الفتنة والشغب في عموم كردستان، وبتعبير آخر ان الاقليم ليس معارضا لدور العشائر في المجتمع، فإذا تشكلت تلك المجالس في اطار المجتمع المدني الذي ننشده او في اطار الاحزاب والقوى السياسية التي تريد ان تكون تلك المجالس تابعة لها لأصبح الامر طبيعيا وعاديا، ولكن المشكلة هنا تكمن في موقف رئيس الحكومة العراقية الذي يصر على اعتبار تلك المجالس جزءا من هرم الدولة العراقية ويستند في ذلك الى قرار مجلس الوزراء ويؤكد أنه حق دستوري، وهو ما عارضه مجلس الرئاسة العراقي الموقر بصفته الرسمية وليست رئاسة الاقليم وحسب».

وفيما يتعلق بالتصريحات الاخيرة لوزير النفط العراقي الدكتور حسين الشهرستاني بخصوص شرعية وقانونية العقود النفطية التي ابرمتها حكومة الاقليم مع الشركات الاجنبية لتطوير حقول البترول في اقليم كردستان، والتي ادلى بها الشهرستاني فور عودته من أربيل الاسبوع الماضي مكررا فيها القول إن تلك لعقود غير دستورية وغير قانونية وما اذا كان وزير النفط يطلق تصريحاته تلك بإيعاز من طرف او شخص معين لخلق المشاكل الدستورية مع الاقليم، قال الدكتور حسين «لسنا بصدد كيل الاتهامات الى هذا او ذاك فنحن نتعامل مع انفسنا اولا، ومع جميع الاطراف والأشخاص بغض النظر عن المسميات او المناصب وفقا لأحكام وبنود الدستور الدائم، ومواقف حكومة الاقليم حيال ابرام تلك العقود وشرعيتها القانونية والدستورية واضحة جدا وقد تم التأكيد عليها مرارا، ويبقى ان يستند الطرف الاخر الى الدستور لإثبات عدم شرعية هذه العقود».

وفي ظل حالة الشد والتنافر في مواقف الاقليم وحكومة المالكي بخصوص القضايا والمسائل العالقة بين الطرفين، يبقى السؤال مطروحا عن الجهة الرسمية التي ستكون لها كلمة الفصل الاخيرة في حسم هذه الخلافات وحلحلة المعضلات التي تعكر صفو العلاقات الدستورية بين بغداد وأربيل؟ ومدى استعداد الإقليم لإحالة كل هذه المشاكل الى المحكمة الدستورية؟ الدكتور فؤاد حسين يجيب عن السؤال بالقول «ان هذه المشاكل والمعضلات العالقة لها صلة مباشرة بالدستور العراقي وبالفكر والرؤية السياسية للعراق ومستقبله، ومرتبطة بمدى توجه العراق نحو إقامة حكم مركزي شمولي متصلب يلغي الفيدرالية ويهضم حقوق شعب كردستان، والأمر ليس مشكلة المحاكم وحسم الخلافات من خلالها، اما الفيصل في حسم هذه القضايا الخلافية فهو الدستور والشعب الذي صوت له والمؤسسات الدستورية مثل البرلمان العراقي والحكومة الاتحادية والقوى السياسية المؤمنة بالدستور والديمقراطية، فلا يمكن ان تقوم الدولة في الفراغ وبعيدا عن الدستور».