مطاعم الفول والفلافل في غزة تغلق أبوابها

بسبب تفاقم الحصار ونقص الوقود والخبز

اسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة، يتناول الفول في أحد مطاعم غزة (رويترز)
TT

رغم إلحاح زوجته، أصرّ المواطن الفلسطيني أحمد فياض على ألا يتناول صباح الأحد الماضي وجبه الفطور في بيته كي لا يتأخر عن عمله. فقد اعتاد أحمد عند تأخره في المغادرة إلى عمله، على تناول فطوره في مطعم للفلافل والفول موجود في الطابق الأرضي من مبنى مكتبه، الواقع في حي الرمال، بمدينة غزة، حوالي الساعة العاشرة صباحاً من كل يوم. لكن أحمد فوجئ صباح الأحد الماضي، عندما توجه للمطعم بأن وجده مغلقاً، بسبب نفاد الغاز الطبيعي اللازم لطهو الفول وقلي الفلافل. وبالتالي، حاول أن يجرّب حظه مع مطعم آخر يقع في شارع الوحدة المقابل. وبعدما سعد أحمد للحظات قليلة عندما رآه مفتوحاً، سرعان ما صدم عندما أبلغه صاحب المطعم معتذراً من دون أن تفارق شفتيه ابتسامة مرة، عن تعذّر تقديم الخدمات له لنفاد الخبز من المطعم. وفي النهاية، من أجل التخفيف من جوعه اشترى بعض الحلوى والتهمها لكي يتمكن من مواصلة العمل حتى ساعات المساء، حين يؤوب إلى البيت. مَن تحرّك صباح الأحد في شارع عمر المختار، الذي يخترق مدينة غزة من الشرق إلى الغرب، كان يرى بأم العين مظاهر كانت مزيجا من خيبة الأمل والضيق مرتسمة على وجوه المئات من الناس العاديين، الذين كانوا متوجهين لتناول فطورهم المعتاد في مطاعم الفول والفلافل، بعدما تبين لهم أنها مغلقة.. إما لنفاد الغاز أو نفاد الخبز منها. وللعلم، فإن معظم هؤلاء من الموظفين والعاملين الذين يفدون إلى وسط المدينة من مناطق أخرى من القطاع المحاصر، ولذا فهم عادة لا يتناولون وجبات الفطور في بيوتهم. أصحاب بعض المطاعم القليلة التي تمكنت من فتح أبوابها ذلك اليوم حذّروا زبائنهم من أنه سيكون من المتعذر عليهم الصمود ومواصلة فتح مطاعمهم أمام الزبائن لأكثر من يومين، في أفضل تقدير، ما لم يُرفع الحصار المفروض على القطاع منذ 5 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ويصار إلى ادخال الغاز والوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء.

أزمة مطاعم الفول داخل مخيمات اللاجئين والأحياء الشعبية في المدن والضواحي، أقل حدة على مما هي عليه في مدينة غزة، لأن أصحابها تغلبوا على مشكلة انقطاع الغاز عبر استخدام الحطب. وتجري وتيرة العمل اليومي في هذه المطاعم، على أساس إنضاج الفول في وقت مبكر قبل حضور الزبائن. لكن كل من يأتي لشراء الفول أو الحمص من هذه المطاعم لتناوله في بيته مع أسرته، لا بد له من أن يحضر معه صحن، لأن الصحون البلاستيكية التي كان اصحاب المطاعم يضعون الفول فيها لزبائنهم نفدت ـ هي الأخرى ـ بشكل كامل، ومن لا يجلب معه صحناً من بيته، فإنه سيعود بالفول في كيس من النايلون، وهو ما لا يرغب به الكثير من العائلات بسبب المضار الصحية الناجمة عن ذلك. لكن، مع هذا، يسجّل حتى في مخيمات اللاجئين انخفاض في معدل نشاط مطاعم الفول والفلافل ومبيعاتها. فمعظم المطاعم التي كانت تعمل صباحاً ومساءً اصبح يقتصر عملها على الصباح أو المساء.. نظراً لشح الوقود أو الخبز.

أمر آخر جدير بالملاحظة، هو أن ما يجعل قدرة هذه المطاعم، ومعظمها ـ كما سبقت الإشارة ـ مطاعم شعبية يقصدها المواطن العادي، على العمل شبه مستحيلة.. هو تعطّل الكثير من المخابز عن العمل. ففي قطاع غزة اليوم نقص كبير في كميات الخبز الذي يفي بحاجات السكان اليومية، ولا تستطيع المخابز التي ما زالت تعمل في ظروف صعبة توفير الخبز لمعظم المطاعم، مع العلم أن لكل مخبز يعمل عدد محدود من المطاعم. وحالياً تتوقف المخابز عن العمل بسبب انقطاع التيار الكهربائي من جهة، وبسبب نفاد الطحين، ذلك أن المطاحن الفلسطينية متوقفة أيضاً عن العمل بسبب توقف استيراد القمح عبر المعابر التجارية بين اسرائيل والقطاع.