«الناتو» يستعد لدعم الانتخابات الأفغانية.. ويبعث برسالة سياسية للعراق

الحلف يؤكد عدم دراسة إرسال قوات إلى فلسطين قبل التوصل إلى اتفاق سلام

وزيرة خارجية المجر كينغا جونش (وسط) تتحدث مع نظيرتها الجورجية ايكا تكيشيلاشفيلي والامين العام للناتو ياب دي هوب شيفر في بروكسل أمس (رويترز)
TT

اعلن وزراء خارجية حلف الشمال الاطلسي «الناتو» امس التزامهم بدعم افغانستان أمس، معتبرين في بيان ختامي صدر بعد اجتماعهم خلال اليومين الماضيين في بروكسل ان الانتخابات الافغانية العام المقبل في غاية الاهمية. وتعهد الوزراء بارسال قوات اضافية مؤقتة ضمن «دعم جهود الحكومة الافغانية لتأمين عملية الانتخابات». واضاف البيان ان «اعترافاً بانه لا يوجد حل عسكري بحت، يستعد الناتو لدعم الجهود بقيادة افغانية للتوصل الى حل سياسي للنزاع». واكد ارفع مسؤول عسكري في «الناتو» الادميرال جيامباولو دي باولا التزام الحلف تجاه افغانستان، قائلاً: «عام 2009 مهماً لاسباب عدة، على رأسها الانتخابات التي يجب ان تتكرر من اجل الحفاظ على البلاد» والعملية الديمقراطية فيه. وبينما امتنع دي باولا عن تحديد عدد القوات الاضافية التي سترسل الى افغانستان للمساعدة في عملية الانتخاب، توقع بقائهم هناك اشهر عدة.. ولكنه اردف قائلاً: «من المهم التركيز على ان هذه المشكلة مشكلة افغانية اولاً وبعدها مشكلة للمجتمع الدولي، الناتو يساهم في جهود حلها». وافاد البيان الختامي بأن الحلف يدعم «المزيد من التعاون مع دول جوار افغانستان وخاصة باكستان»، معلناً استعداد الحلف لـ«تكثيف الحوار السياسي الرفيع المستوى مع باكستان» لمساعدة استقرار افغانستان. وفي ما يخص القرصنة البحرية، قال دي باولا في لقاء مع مجموعة من الصحافيين العرب في بروكسل: «نحن ندعم برنامج المجتمع الدولي لمساعدة منع وحتى امكانية التصدي للقرصنة». واعتبر ان قرار مجلس الامن 1846 الصادر اول من امس «مهماً في توسيع عمل المنظمات الدولية لحماية حرية الحركة» في البحار. واضاف ان «الناتو» في طور دراسة الدور الذي يمكن ان يعلبه. ولفت الى ان الساحل الصومالي يمتد الى اكثر من 1500 كيلومتر مما يصعب من مراقبة البحار هناك من دون وجود عسكري مكثف. وكانت قضايا افغانستان وكوسوفو والقرصنة على جدول اعمال اجتماع وزراء خارجية دول «الناتو» الخاص بعمليات الحلف صباح امس. وتحدث امين عام «الناتو» ياب هوب دي شيفر من جانبه حول افغانستان، قائلاً: «على التحالف العمل بطريقة افضل، هناك الكثير ما زال علينا فعله بطريقة افضل، وتحسين طريقة العمل الاكثر شمولية فالحل ليس عسكرياً بحتاً». واضاف: «الحلف ملتزم تماماً بهذه المهمة على المدى البعيد». ولفت شيفر الى اهمية التعامل مع قضية القرصنة في مؤتمر صحافي ختامي لاعمال وزراء خارجية «الناتو» امس، قائلاً: «هذه المسألة تزداد جدية واهميتها لا تخفى على احد»، لافتاً الى ان 20 الف سفينة تمر من خليج عدن سنوياً وان حالات القرصنة زادت بنسبة 300 في المائة هذا العام». واضاف انه لم يتخذ قراراً بعد حول دور «الناتو» المستقبلي في مكافحة القرصنة بعد انتهاء مهمة مرافقة سفن برنامج الغذاء العالمي منتصف هذا الشهر. ومن جهة اخرى، قال دي باولا ان «الناتو» يتطلع الى مساعدة العراق في النواحي الامنية، موضحاً: «نريد ان نعرف متطلبات العراق وسنعمل عليها». وقال ان سبل التعاون «الموسع» بين الطرفين لم تحدد بعد، ولكنها تأتي بطلب من العراق. وافادت مصادر في «الناتو» بان الفقرة السابعة في البيان الختامي لاجتماع وزراء «الناتو» بعث «رسالة سياسية» الى العراق حول استعداد الحلف مساعدة الحكومة العراقية بعدما يخرج من البند السابع للامم المتحدة الذي فوض وجود القوات الاميركية في العراق. ومع انتهاء هذا التفويض واستعداد العراق لتولي مهام السلطة فيه، يستعد «الناتو» لبحث وسائل مساعدة العراق. وقال دي باولا بان طبيعة المساعدات لم تحدد بعد «وستعتمد على مطالب الحكومة العراقية». وجاء في البيان الصادر امس ان وزراء خارجية «الناتو» يعيدون «تأكيد التزام الحلف بدعم حكومة العراق وشعبه والمساعدة في تطوير القوات الامنية العراقية». واضاف البيان: «لقد استجبنا بشكل ايجابي لطلب رئيس الوزراء العراقي المالكي لمواصلة مهمة التدريب في العراق وتوسيع المهمة بمجالات عدة، منها تدريب القيادة في القوات البحرية والجوية وتدريب الشرطة وتأمين الحدود واصلاح الدفاع وبناء المؤسسة الدفاعية ومحاسبة (ملكية) السلاح الخفيف». وتابع البيان ان «الناتو يعمل مع حكومة العراق لاطار استراتيجي للتعاون لتطوير علاقة التحالف البعيدة الامد مع العراق». وتحدثت مصادر دبلوماسية وعسكرية عدة، طالبة من «الشرق الاوسط» عدم ذكر اسمها لحساسية الموضوع، حول اهمية انتظار طلب العراق للمساعدة، بدلاً من «فرض» اية بنود عليه. ولفت مصدر مطلع في «الناتو» الى ان مساعدة «الناتو» لها دلالات عدة، اولها تخطي الحلف الانقسامات الداخلية التي نشبت بسبب قرار الحرب عام 2003 التي عارضته بشدة المانيا وفرنسا، بالاضافة الى دلالة معافاة العراق وقدرته على اختيار الشراكات العسكرية التي تناسبه. وباعتبار تركيا عضواً في «الناتو» ستكون هذه فرصة لتعاون العراق مع تركيا بقضايا امنية بعيدة عن العلاقات الثنائية البحتة التي كثيراً ما توترت بسبب اعمال «حزب العمال الكردستاني» (بي كي كي). وشددت مصادر «الناتو» ان الحلف يريد مساعدة العراق ولكنه لن يرسل قوات هناك «لاخذ دور العراقيين الذين عليهم هم تولي المسؤولية الامنية». ومن جهة اخرى، اكد دي باولا ان مسألة ارسال قوات «الناتو» الى الاراضي الفلسطينية امر غير وارد وغير مدروس في الوقت الراهن. وكرر دي باولا شروط «الناتو» الثلاثة لبحث هذه المسألة، وهي «التوصل اولا الى اتفاق سلام، وبعدها طلب الاطراف المعنية ذلك، وطلب مجلس الامن ذلك من الناتو». وفي حين توافت هذه الشروط الثلاثة يمكن لـ«الناتو» درس هذه المسألة ولكن ذلك لا يعني ارسال القوات. وقال: «الشروط غير متوافية حالياً لذلك لا نخطط لذلك، وسيكون على القادة السياسيين بحث ذلك في حال توافت الشروط»، مضيفاً: «انها مسألة قرار سياسي أكثر من مسألة قدرة عسكرية». وكان وزراء خارجية دول «الناتو» التقوا اول من امس مع وزير خارجية مصر احمد ابو الغيط ووزير خارجية المغرب الطيب الفاسي الفهري ووزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني في اطار تكثيف التعاون السياسي بين «الناتو» و«دول البحر المتوسط» في اطار «حوار المتوسط». ويذكر ان هناك 7 دول عضو في «حوار المتوسط»، وهي مصر والاردن والمغرب وتونس والجزائر وموريتانيا واسرائيل. وكانت موريتانيا الدولة الوحيدة الغائبة عن الاجتماعات، اذ رفضت دعوة «الناتو» للحضور في اشارة جديدة على توتر العلاقات بين الحلف والحكم العسكري بعد الانقلاب الذي ادى الى تعليق النشاطات السياسية والعسكرية بين الطرفين. ويراجع «الناتو» علاقته مع موريتانيا بشكل شهري وقد طلب منها الالتزام بالديمقراطية، ملتزماً بالنشاطات المتعلقة بالتدريب المدني فقط الى حين معرفة المصير السياسي للبلد.