18% ممن باعوا منازلهم في جنوب أفريقيا دافعهم الهجرة

انتشار الجريمة والغموض السياسي وراء هجرة أصحاب المهارات المتخصصة

أعمال العنف ضد الأجانب في جنوب أفريقيا من ضمن أسباب هجرة أصحاب الكفاءات (رويترز)
TT

رغم حب بني هولت المسؤولة التنفيذية في شركة اعلانات لبلدها جنوب افريقيا، إلا ان انقطاع الكهرباء والغموض الذي يكتنف الساحة السياسية وتفشي الجرائم العنيفة جعلها تفكر في الرحيل من وطنها الذي كانت تعتبره في وقت ما شعاع أمل.

وكان حادث سطو وقع في مكتبها هو القشة التي قصمت ظهر البعير.

وقالت المسؤولة التنفيذية في المؤسسة الاعلانية ساتشي اند ساتشي، وهي تنتهي من حزم أمتعتها في ضاحية شمالية راقية في جوهانسبرج للانتقال الى لندن ببريطانيا «ثمة وحشية وغضب يثيران قلقي».

وذكرت وكالة رويترز للأنباء أن قرار هولت (32 عاما) يعكس ما يبدو انه اتجاه متسارع في أكبر اقتصاد افريقي، إذ يغادر البلاد مهنيون غالبا من الشبان من منظومة الادارة المتوسطة بل وأعداد متزايدة من كبار الإداريين في البلاد، مما يؤدي لتفاقم مشكلة نقص المهارات الحادة بالفعل في جنوب افريقيا.

ورغم ان الازمة المالية العالمية تقلص من فرص العمل في الخارج مما قد يدفع بعض مواطني جنوب افريقيا للعودة الى بلادهم لشغل الوظائف الشاغرة، فقد استقال هذا العام ما لا يقل عن ثمانية من المسؤولين التنفيذيين البارزين في شركات مسجلة بسبب الهجرة.

واظهر مؤشر عقاري أصدره بنك فرست ناشيونال في اكتوبر (تشرين الاول) أن 18 في المائة ممن باعوا منازلهم في الربع الثالث كان دافعهم الهجرة ارتفاعا من تسعة في المائة في الربع الاخير من العام الماضي.

غير ان وزارة الشؤون الداخلية في جنوب افريقيا تقول انها لا تحتفظ بسجلات لعدد المهاجرين.

ومبعث القلق الرئيس بالنسبة للكثيرين هو معدلات الجريمة المرتفعة بشكل صادم. وأفاد تقرير حكومي لعام 2008 بأن 50 شخصا يلقون حتفهم في المتوسط كل يوم فضلا عن ارتفاع عمليات السطو والاقتحام والاحتجاز في الشركات بنسبة 50 في المائة تقريبا.

ويقول ازار جاميني كبير الاقتصاديين في ايكونومتريكس «أعتقد ان سبب الرحيل الرئيس في معظم الحالات هو انتشار العنف».

وقال بيتر جنت الرئيس التنفيذي في بنك راند مرشنت إن مؤسسته تستعين بعمالة ماهرة في الخارج بسبب هروب مصرفيين متخصصين في مجال الاستثمار والمحاسبين والمتخصصين في تكنولوجيا المعلومات.

وقال جنت «بكل تأكيد رأينا منذ بداية العام تناميا للهجرة. اعتقد انها مشكلة حقيقية في البلاد».

وتأثر القطاع العام ايضا بهروب المهارات، وتحاول الحكومة تعيين مهنيين مدربين مثل المهندسين والأطباء والمعلمين من الخارج.

وذكر جنت ان النسبة الأكبر ممن لديهم القدرة على الهجرة من البيض، ولكن جنت ذكر ان جميع الأعراق تهاجر.

وتابع ان معظم من يغادرون في الفئة العمرية بين 30 و40 عاما وعادة هم من ذوي المهارات المتخصصة.

ويقول محللون ان انقطاع الكهرباء في يناير (كانون الثاني) وهجمات ضد الأجانب في مايو (ايار) زادت الأجواء قتامة.

وأثارت أسوأ أزمة سياسية منذ إنهاء التفرقة العنصرية قلق الكثير من افراد الطبقة المتوسطة والمستثمرين الاجانب في جنوب افريقيا، حيث أطاح حزب المؤتمر الافريقي الحاكم بالرئيس ثابو مبيكي. ويرتبط زعيم الحزب جاكوب زوما الذي يتصدر المرشحين لتولي منصب الرئيس عقب الانتخابات التي تجري العام المقبل بعلاقات وثيقة مع تيار اليسار وثمة مخاوف من ابتعاده عن سياسات مبيكي المساندة لقطاع الاعمال.

كما تثير قضية فساد ضد زوما قلق مواطني جنوب افريقيا. وينفي زوما ارتكاب أي خطأ.

وتقول هولت «الوضع السياسي الحالي مثار قلق.. أشعر أن زوما ليس شخصا على درجة عالية من الاخلاق».