«وصية ألفرد» توجه جائزة «نوبل» منذ 100 عام

الاحتفال بعيد ميلاد أشهر أبناء السويد بتوزيع جوائز على أبرز مفكري وعلماء العالم

صورة لمدخل «متحف نوبل» وسط ستوكهولم وقد علقت في السقف صور الحائزين جوائز نوبل منذ عام 1901 (تصوير: اولي هولدر)
TT

بعد 102 عام على رحليه، مازال الفرد نوبل يحتفل سنوياً بعيد ميلاده بحضور اهم الشخصيات السويدية وابرز الرائدين في مجال العلم والادب. ففي اليوم العاشر من الشهر الاخير من كل عام، تحيي السويد ذكرى مولد نوبل الذي خلد اسمه بجائزة «نوبل» التي باتت اكثر الجوائز اهمية عالمياً. ويجتمع الحاصلون على الجائزة هذا العام الليلة في ستوكهولم لتسلم جوائزهم المرموقة، بينما يحتفل الحاصل على جائزة السلام في اوسلو. وتعمل «مؤسسة نوبل» على مدار العام من اجل هذا الاحتفال الذي يخلد وصية المخترع والمستثمر ألفرد نوبل الذي توفي عام 1896 والتي تعتبر اساس انشاء الجائزة الخاصة بالفيزياء والكيمياء والطب والادب والسلام، ومن بعدها انشاء جائزة الاقتصاد عام 1968. وبينما عبر نوبل عن رغبته بترك ثروته لدعم الابتكار والفكر، الا انه لم يوضح آلية توزيع الجوائز، مما دفع الى تأسيس «مؤسسة نوبل» لاحقاً لادارة اموال الجائزة وتنظيم حفل توزيعها سنوياً. وتنقسم فعاليات الليلة الى قسمين، الاولى حفل توزيع الجوائز في قاعة احتفالات ستوكهولم حيث يقدم العاهل السويدي كارل غوستاف الجوائز امام 1300 من المدعويين. ويستمر الاحتفال في مقر مجلس بلدية ستكولهولم حيث يقام عشاء رسمي على شرف الفائزين مع العائلة المالكة السويدية واعضاء من الحكومة والبرلمان بالاضافة الى مدعويين في مجال العلم والسياسة من حول العالم. ويذكر ان الجائزة تشمل ميدالية وشهادة تقدير بالاضافة الى جائزة مالية قيمتها 10 ملايين كرونر سويدي لكل جائزة، ما يعادل 1.2 مليون دولار. وحول ما يجعل هذه الجائزة مهمة الى هذه الدرجة، قال مستشار «متحف نوبل» اندرز باراني وابرز العاملين في المؤسسة الخاصة في الجائزة لـ«الشرق الاوسط»: «عندما انطلقت عام 1901، كانت اول جائزة على الصعيد الدولي بهذا المبلغ». ولكنه اردف قائلاً: «اليوم تاريخ الجائزة واستمراريتها اهم من القيمة المادية لها». ويذكر ان جائزة نوبل في مجال الكيمياء لعام 2008 منحت لثلاثة علماء من الولايات المتحدة لأعمالهم حول «البروتينات الخضراء المفلورة والتي استخدمت في الطب لرصد الاورام السرطانية». وستوزع الجوائز بالتساوي على كل من الفائزين الثلاثة وهم: اوسامو شيمومورا وهو موظف في المختبر البايولوجي في امريكا، ومارتن تشالفي استاذ في علم الاحياء بالجامعة الكولمبية في نيويورك، وروجر تسيان استاذ في جامعة كاليفورنيا بسان دياغو. ومنح العالم الاميركي يوشيرو نامبو، والعالمان اليابانيان موكوتو كوباياشي وتوشيهايد ماسكاوا جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2008 بعد توصلهم للتماثل على المستوى الميكروسكوبي. وحصل الألماني هارالد تسور هاوسن والفرنسيان فرنسواز باري سنوسي ولوك مونتانيه على جائزة نوبل للطب لهذا العام لاكتشافهم بشكل منفصل فيروسين يسببان مرض الايدز وسرطان الرحم. واما جائزة نوبل للسلام، فحصل عليها الرئيس الفنلندي السابق مارتي اهتيساري، بينما كانت جائزة نوبل للآداب لسنة 2008 للفرنسي جان ماري لوكليزيو. ومن اللافت انه على الرغم من توزيعها المئات من الملايين من الدولارات من الجوائز خلال القرن الاخير، إلا ان مؤسسة نوبل اليوم ثرية جداً، بل تتمتع بثروة تجعلها من اكثر المؤسسات ثراءً في السويد. وقد وزعت 700 جائزة حتى اليوم، بينما في حوزة المؤسسة 3.5 الف مليون كرونر سويدي، اكثر مما تركه نوبل، 1.6 الف مليون كرونر، لإنشاء الجائزة التي خلدت اسمه رغم عدم زواجه ورزقه باولاد. وقال باراني: «عارض الكثيرون من اقارب الفرد نوبل انشاء الجائزة، مطالبين بالاستحواذ على ماله، معتبريه غير سليم عقلياً عند كتابة وصيته، الا ان المحكمة في حينها اعترفت بوصيته وحمتها كي يتحقق حلمه». واضاف: «وصية نوبل تقودنا حتى اليوم، والعاملين في مؤسسة نوبل دائماً تعود للوصية للالهام من اجل اختيار الفائزين وتطوير المؤسسة». وتعتمد المؤسسة ايضاً على «كتاب القواعد» الذي كتب بين عامي 1897 و1900 قبل اطلاق المؤسسة رسمياً ومن اجل وضع الاسس السليمة لاضخم جائزة في العالم في حينها.

ويمكن لزائر ستوكهولم ان يتعرف على قصة ألفرد نوبل، بالاضافة الى اهم انجازات المفكرين والعلماء من حول العالم خلال القرن الماضي من خلال زيارة «متحف نوبل» الذي افتتح عام 2001 لاحياء الذكرى المئوية لانطلاق الجائزة. واختير موقع «غاملا ستان»، الجزء القديم من العاصمة السويدية، لإقامة المتحف في بناية البورصة السويدية القديمة التي شيدت في اواسط 1780، حيث توجد الأكاديمية السويدية ايضاً. وهنا توجد عروض للحاصلين على الجائزة ومنجزاتهم، من بينهم رئيس الوزراء البريطاني السابق ونستون تشرتشيل والرئيس الجنوب افريقي السابق نيلسون مانديلا ومخترع البنسلين اليكساندر فليمنغ وعالم الكيمياء المصري احمد زويل.