هواة جمع الطوابع في دمشق ما زالوا يلتقون أسبوعيا

رغم انتشار الرسائل الإلكترونية والإنترنت والفاكس

أمينة متحف الطوابع إيمان حمادة مع معروضات المتحف («الشرق الاوسط»)
TT

بعد حوالي ستين عاما من انطلاق نادي هواة جمع الطوابع في دمشق، تم أخيراً افتتاح متحف للطوابع السورية في مقر المؤسسة العامة للبريد بمنطقة الحجاز في وسط دمشق التجاري، حيث خصص له جناح أنيق ليستقبل هواة الطوابع من الباحثين عن طوابع نادرة يشاهدونها في هذا المتحف، وكذلك ليستقبل الزوار الراغبين على التعرف إلى محتوياته النادرة، ليس فقط من الطوابع بل حتى من مستلزمات العمل البريدي أيام زمان كآلات الفرز والتغليف وبيع الطوابع ولباس ساعي البريد وغيرها.

وعلى الرغم من أن المتحف لم يأخذ بعد الشهرة الجماهيرية المطلوبة كما هو حال المتاحف الدمشقية المتخصصة إلاً أنه يلقى إقبالاً من هواة الطوابع ومقتنيها حيث شاهدنا بعضهم يزورون المتحف ويتابعون المعروضات بدقة ويتناقشون في أنواعها وتاريخها ولكن بعضهم عبر عن تفضيله لأن يكون المتحف في مكان أكبر ومستقلاً وأن تكون هناك مفردات جديدة في العرض المتحفي وشرح أكثر للمعروضات وأمل هؤلاء أن يتحقق ذلك في المستقبل مع تطوير المتحف وتنويع مقتنياته. تأسس نادي هواة جمع الطوابع عام 1948، وكان أول رئيس فخري له الرئيس الراحل شكري القوتلي، وما زال مركزه قائماً، حيث يجتمع أعضاؤه أسبوعياً في مقره بحي المزة الراقي بدمشق.

وكان مقر نادي هواة جمع الطوابع في دمشق في مركز ثقافي بمنطقة أبو رمانة، ثم انتقل إلى حي المزة في أواخر تسعينات القرن الماضي. وجرى الإعلان عنه بشكل رسمي في عام 1960، ويعمل أعضاؤه وعددهم بالعشرات على تبادل الطوابع فيما بينهم، ومع الجمعيات المماثلة في الدول العربية والأجنبية وتأليف كتب ومعاجم وموسوعات عن الطوابع.

ويؤكد العديد من أعضاء النادي أن هذه الهواية تميل للانقراض في الوقت الحالي بسبب طغيان التقنيات الحديثة وخاصة انتشار البريد الالكتروني والفاكس والانترنت. وفي المتحف الخاص بالطوابع قالت أمينته إيمان حمادة، خلال تنظيمها لأروقته ومعروضاته بمساعدة أحد أعضاء مجلس إدارة نادي هواة جمع الطوابع بدمشق: «يؤرخ هذا المتحف لأحداث سورية كثيرة تبدأ منذ أوائل القرن العشرين المنصرم. فهناك طوابع عثمانية وفرنسية ومصرية وسورية تم وضعها في مجموعات متخصصة فمثلاً هناك من الطوابع النادرة طابع صور بمناسبة الذكرى العاشرة لأول اتصال بريد جوي ما بين سورية وفرنسا في عام 1928 وهناك مجموعات طوابع صدرت للحكومة الفرنسية التي سميت حكومة الشرق حيث كما هو معروف كان في فرنسا أيام الاحتلال الألماني حكومة تابعة لهتلر وحكومة في المنفى بقيادة غورو تناضل من خارج الأراضي الفرنسية لاستعادة الاستقلال".

أضافت إيمان حمادة: "في هذه الفترة صدرت مجموعة من الطوابع في سورية عن الحكومة العميلة التابعة للألمان وكانت سورية آنذاك تحت الانتداب الفرنسي. أيضاً من الطوابع المهمة التي تعرض في المتحف والذي يعود للعهد العثماني ـ ولكن للأسف تشوه بفعل الزمن ـ طابع كتب عليه تذكار استقلال سورية المتحدة 8 آذار 1920 حيث تم في هذا التاريخ تأسيس الحكومة الفيصلية العربية بعد جلاء القوات العثمانية وصارت سورية مستقلة وسميت سورية المتحدة وبعد ذلك بقليل سميت المملكة السورية وكان الملك فيها فيصل بن الشريف حسين ولم تستمر سوى ستة أشهر فقط حيث دخل الاحتلال الفرنسي بقيادة غورو. وعندما دخل الفرنسيون ألغوا الطوابع العثمانية وجاؤوا بطوابعهم ووشحوها باسم سورية باللغة الفرنسية (سيريه) ومعظم هذه الطوابع المعروضة عليها جنرالات أو شخصيات فرنسية وموشحة فقط باسم سورية وعليها تسعيرة محلية مثل قرش وربع قرش وقرش ونصف».

من المجموعات المهمة التي يضمها المتحف والتي تؤرخ لسورية هناك مجموعة الشيخ تاج الدين الحسيني وكان رئيساً لسورية في الثلاثينات ومنها واحدة سميت إعلان استقلال سورية وكان ذلك تحت الانتداب الفرنسي وليس الاستقلال الحقيقي سنة 1946 حيث لهذا العام ولذكراه الأولى هناك مجموعة طوابع خاصة به أيضاً ومن الطابع النادرة في المتحف هناك طابع مصري عليه صورة الملك فاروق ويعود لعام 1948 والطابع موشح باسم فلسطين وكان قد صدر بمناسبة الحرب العربية الأولى لاستعادة فلسطين. وهناك أيضاً طوابع عليها صورة أول رئيس سوري في العهد الدستوري البرلماني سنة 1925 هو الرئيس ابراهيم العابد ومجموعة طوابع هامة أيضاً عليها صور الرئيس شكري القوتلي ومنها ما سمي ذكرى استئناف الحياة الدستورية سنة 1945. أيضاً من المعروضات النادرة هناك: طوابع لذكرى إصدار قانون خدمة العلم حيث صدرت طوابع وبطاقة خاصة بهذه المناسبة سنة 1948 ـ وهناك مجموعة طوابع لأول مؤتمر للمحاميين العرب عقد سنة 1944 في دمشق ومجموعة طبعت سنة 1944 أيضاً إحياء ألفية أبي العلاء المعري حيث أقيم احتفال كبير بذكرى ألف سنة على ولادة الشاعر الفيلسوف المعري. وهناك مجموعات عليها صور صلاح الدين الأيوبي. وطوابع تذكارية لقيام الوحدة بين سورية ومصر سنة 1958، وطوابع صدرت أيضاً بمناسبة انعقاد مؤتمر الحقوقيين الآسيويين الأفريقيين في دمشق سنة 1957 وبمناسبة الحملة الدولية للمتاحف سنة 1956 وهناك طوابع بمناسبة معرض دمشق الدولي حيث بدأت في الصدور مع تأسيسه سنة 1951 وما زالت مستمرة حتى الآن وبشكل سنوي. من أقسام المتحف أيضاً هناك جناح يظهر المراحل المتعددة التي يمر بها الطابع حتى يظهر بشكله النهائي أي بمراحل طباعته المتعددة كتحضير الصورة والبرواز وشعار الوسط وغيرها. كما يبين الجناح التجربة النهائية للطابع والمعتمدة حيث توقيع المدراء عليها وهو يعني أنه صالح للطباعة ومعتمد وهذا الطابع بدون أسنان وهو نادر جداً، أما ذو الأسنان فيكون عادة متوفراً بكميات كبيرة كذلك من معروضات المتحف آلات قديمة كانت تستخدم في بيع الطوابع بشكل تلقائي وبدون عنصر بشري حيث كان يوضع فيها قطعة نقدية من جهتها الأمامية ليخرج الطابع من الجهة الخلفية بما يتناسب مع السعر والمبلغ المالي الموضوع وحسب حاجة الشخص للطابع. وهناك آلة قديمة لتخليص الطوابع وللطباعة وفرز الألوان وأختام بريدية قديمة تعود لأوائل ستينات القرن الماضي وأسلحة كانت تستعمل من قبل مرافق سيارات نقل البريد في سورية، وساعة قديمة وأوسمة ـ وبطاقات بريدية سياحية وغير ذلك.