نظرة سينمائية إلى قضية الصحافية جوديث ميلر

في فيلم «لا شيء سوى الحقيقة»

كيت بيكنسال في دور الصحافية جوديث ميلر
TT

كان رود لوري يعلم منذ البداية أن فيلمه الجديد الذي يتناول قصة مراسل صحافي يدخل إلى السجن لحماية مصدر معلوماته قد يواجه صعوبة في البيع في عصر تعاني فيه الصحافة من ازدراء واسع وغير رسمي، لكن الأمر تطلب دعما خاصا من المخرج أوليفر ستون.

كان ستون يعمل في استوديو كاليفورنيا مع الممثل جوش برولين هذا الربيع في اختبار الماكياج الذي سيستخدمه برولين في تمثيل شخصية الرئيس بوش في فيلم «دبليو». وبالقرب منه كان لوري يعيد تصوير مشهد في فيلم «لا شيء سوى الحقيقة» الذي تلعب بطولته كات بيكنسال، والذي سيذكر المشاهدين بقصة جوديث ميلر المراسلة الصحافية السابقة لصحيفة نيويورك تايمز التي قضت 85 يومًا في السجن في عام 2005.

وخلال التصوير تقدم ستون من لوري قائلا «لا تحول جودي ميلر إلى بطلة». عند تلك اللحظة قال لوري إنه أدرك الصعوبة في محاولة فصل الفيلم عن جذوره الواقعية.

فيلم «لا شيء سوى الحقيقة» الذي كتبه وأخرجه لوري مبني على قصة ميلر، لكنه كان بعيدًا عن تشخيص الواقع، وقد أضاف الفيلم إلى السجل التاريخي وأثار القضايا القانونية والأخلاقية في قضية ميلر.

يعد الفيلم الذي سيبدأ عرضه في نيويورك في 17 ديسمبر (كانون الأول) وفي لوس أنجليس في 19 من نفس الشهر قبل توزيعه على نطاق واسع بحسب لوري «أول وأجرأ رواية سياسية».

وأضاف لوري أنه يعلم أن عليه أن يفجر بعض المفاهيم المعروفة بشكل مسبق لجذب انتباه الجماهير، وقال «أتوقع أن يتخذ هذا ضدنا، بسبب بعض من الغضب والازدراء تجاه جوديث». (تحدث ستون في تصريح بأنه لا يتذكر الملاحظة التي قالها بشأن ميلر لكنه أضاف «ربما أكون قد قلت ذلك بصورة مازحة»).

كانت ميلر قد كتبت سلسلة مقالات في النيويورك التايمز قبل غزو العراق معتمدة على أدلة استمدتها من إدارة الرئيس بوش والمعارضين العراقيين بأن الرئيس العراقي السابق صدام حسين يطور أسلحة دمار شامل. وقد اعترفت ميلر بأن تقاريرها التي كتبتها بهذا الشأن اتضح خطؤها بشكل كامل، وقالت «إذا كانت مصادرك خاطئة فأنت مخطئ».

وقد تحولت العدائية ضد كتابات ميلر عن العراق، بين النقاد الإعلاميين، إلى شكوك حول دوافعها في أمر آخر وهو حمايتها لمصدر معلوماتها الذي أخبرها أن فاليري ويلسون (الذي يشار باسمها الأوسط فاليري بلام) كانت جاسوسة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. وبعدها عادت العدائية ضد ميلر إلى السطح مرة أخرى عندما أخبرها لويس ليبي كبير الموظفين لدى ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي أن لديها مطلق الحرية في الكتابة، منهيًا بذلك حبسها الذي قضت فيه حوالي ثلاثة شهور بعد أن حكم عليها قاض فيدرالي بالحبس لاحتقارها المحكمة.

في الماضي كان الحبس لحماية المصادر الصحافية عملاً بطوليًا. ويستعرض فيلم «لا شيء سوى الحقيقة» مشهد حياة ميلر بعد التحقيق بشأن تسريب المعلومات الذي أثار فوضى والذي حقق فيه باتريك فيتزجيرالد المستشار الخاص في القضية. يقول آلان ألدا الذي يقوم بدور ألبرت بيرنسايد أحد المدافعين عن الدستور الأميركي في الفيلم «لقد تغيرت الأجواء الان.. كانت المعارك أسهل في الماضي».

ويعتبر «ذا كونتندر» في عام 2000 من أهم أعمال لوري والذي قام ببطولته جوان ألن في دور نائب رئيس يتعرض للهجوم. كما أخرج أيضًا "ذا لاست كاسل" مع روبرت ريدفورد" و«رزركتنج ذا تشامب» مع صامويل إل جاكسون" وفيلم «لا شيء سوى الحقيقة» Nothing but the Truth رؤية عن قرب لسنوات لوري كمراسل فني في صحف ديلي نيوز في نيويورك ولوس أنجلوس مجازين والمطبوعات الأخرى حيث تعلم إيقاعات وأخطاء الصحافة.

ويتجنب الفيلم بعض الحقائق الحياتية للقضية ومصادر ميلر.

قال مات ديمون الذي يمثل شخصية باتون دوبويس ممثل الادعاء الخاص في إشارة مباشرة إلى ميلر: «أوضحت قضية ميلر ذلك بشكل تام» فالقوانين الواقية دائمًا ما تعمل على توازن التصرفات، ويريد الفيلم أن يقول وأن يكشف أن التصرف المتوازن أمر صعب. وهناك بعض التقارير التي لا يمكن نشرها دون تقديم وعد بشكل سري إلى المصدر، لكن النظام القضائي له مصلحة كبرى في الحصول على المعلومات الكاملة والسماح للصحفيين بالإبقاء على تلك الأسرار يحبط ذلك الهدف.

ويقول الممثل ألان الدا الذي حضر نقاشا شفهيا للمحكمة العليا أثناء الإعداد لدوره في الفيلم أنه كان يفكر في التساؤلات التي يطرحها الفيلم «الصراع الحقيقي يكون مع التزام كل مواطن بتقديم شهادته».

ويضيف ألدا «إذا ما عدنا إلى بدايات دولتنا، لوجدنا أن القلق الحقيقي هو ما إذا كنا سنمتلك صحافة قادرة على منع حكومتنا من القيام بأشياء لا نرغب منها القيام بها». ثم اقتبس كلمات باتريك هنري التي يقول فيها «لن تكون حريات الأشخاص مصونة إذا ما أخفي عنهم تعاملات حكامهم».

ألدا وبيكنسال وديلون هم جزء من فريق عمل يضم أنجيلا باسيتي التي تلعب دور المحررة في جريدة ذا كابيتول صن تايمز ونواه ويلي الذي يلعب دور محامي الصحيفة وديفيد سكويمر زوج ريتشيل المتقلب.

يضم فريق العمل أيضًا مفاجأة من العيار الثقيل وهي اختيار فلويد أبرامز المحامي الذي مثل ميلر والتايمز في تحقيقات التسريب ليلعب دور قاضي المحكمة وهو ما كان أمرًا بارعًا بحق.

وتقول بيكنسال: «الفيلم أشبه بفيلم حربي، فمن بين شخصياته قائد عسكري رفيع المستوى».

وقالت ميلر عن الفيلم في حديث اتسم ببعض الكآبة: «ليس عندي ما أقوله عن الفيلم، فأنا لم أستشر على أية حال». عندما شاهدت ميلر الفيلم مؤخرًا ووجدت التجربة صعبة قالت: «لقد ذكرتني بالكثير من الأِشياء وكانت أجزاء كثيرة منه مؤلمة». مشاهد السجن بمزيجها من غرف النوم الرديئة والإذلال كانت رائعة وقالت ميلر عنها إنها تبدو أبدية وقالت عن فترة السجن «يجب أن تكون ملتزمًا وواضحًا بشأن كل الأمور هناك».

ميلر التي تقاعدت من التايمز في 2005 تعمل الآن محررة مساهمة في منهاتن إنستتيوت سيتي جورنال ومعلقة في فوكس نيوز.

* خدمة نيويورك تايمز