نيويورك كما لم تعرفها من قبل

تحت سقف غراند سنترال المرصع بالنجوم

نيويورك.. مدينة ذات نكهة خاصة («الشرق الأوسط»)
TT

لا شك أن التنزه في مدينة نيويورك أمر ممتع للغاية، لكنه لا يكون ممكناً في كل الأحوال، خاصة عندما تهطل الأمطار وتتعرض المدينة لموجة طقس سيئ، وهو أمر محتمل خلال الأشهر المقبلة. في حال قيامك بزيارة للمدينة في تلك الأثناء، ربما تميل إلى التوجه إلى أحد المراكز التجارية للتسوق. لكن زيارة الأسواق التجارية ليست من الأمور الشائعة في نيويورك. أما البديل فهو قضاء اليوم في غراند سنترال ترمينال.

تم افتتاح هذه المحطة، التي تعد أشبه بمتحف للفنون الجميلة، للمرة الأولى عام 1913، وتمثل مركز جذب سياحي كبيرا في حد ذاتها، الأمر الذي يتجلى في التدفق المستمر للسائحين على المحطة الذين يعمدون إلى التقاط الصور بها والجلوس على السلالم رغم وجود لافتة تشدد على أنه: «محظور تماماً الجلوس على السلالم». داخل المحطة، هناك الكثير من المشاهد التي تسترعي الاهتمام، مثل السقف الممتلئ بصور النجوم المرسومة على ورق ذهبي والثريا الذهبية المتلألئة ومكاتب الاستعلامات الشهيرة وأسقف غواستافينو المعقودة وغير ذلك الكثير.

لكن نقطة الجذب الأولى داخل المحطة، التي يمكنك مشاهدتها على النحو الأفضل من على السلالم التي ليس من المفترض أن تجلس عليها، هي حركة الآلاف من أبناء نيويورك أثناء عبورهم الباحة الرئيسة بالمحطة، ما يثبت بشكل قاطع أن البشر على نفس درجة مهارة النمل في التحرك في جميع الاتجاهات من دون الاصطدام ببعضهم بعضا. في الواقع، من الرائع مشاهدة أعداد غفيرة من الناس تتحرك في آن واحد. إلا أنه في مثل هذا الوقت من العام تتسم المحطة بميزتين إضافيتين: العرض الفني الذي يعقد بمناسبة الاجازات، ويبدأ في الأول من ديسمبر (كانون الأول)، ومعرض الاجازة، الذي يشهد عزفاً موسيقياً ومشاركة ما يزيد على 70 بائعاً يقدمون منتجات رفيعة المستوى، على عكس معظم المعارض التي تقام بالشوارع.

وإذا ما صادف اليوم الممطر الذي تخرج فيه يوم أربعاء أو جمعة، يمكنك حينها القيام بجولة داخل المحطة تبدأ في الثانية عشرة والنصف. يوم الأربعاء، تتولى جمعية الفنون البلدية إدارة الجولات بهدف الحصول على تبرع بقيمة 10 دولارات. أما أيام الجمعة، فتدير غراند سنترال بارتنرشيب الجولات مجاناً. وفي أي يوم آخر، يمكنك حجز جولة مقابل 5 دولارات للفرد بالنسبة للمجموعات التي تتألف من عشرة أشخاص أو أكثر، أو 50 دولاراً للفرد بالنسبة للمجموعات التي يقل عدد أفرادها عن 10 أشخاص. لكن هناك بديلا جيدا لهذا الأمر، وهو تحميل كتيب الإرشادات الخاص بالجولات من موقع المحطة على شبكة الانترنت grandcentralterminal.com. ويستغرق القيام بمثل هذه الجولات بضع ساعات، لكن من أجل تمديدها لتشمل اليوم بأكمله، عليك زيارة المحال والمطاعم. وتتوزع المحلات على ثلاثة أروقة رئيسة تقع بعيداً عن قلب غراند سنترال. ويطلق عليها غرايبار ولكسنغتون وممرات شارع 42، لكن لا أحد يعلم هذه الأسماء. لذا، من الأفضل أن تشير إليها كالتالي: ممرات فايس وسيغمنتد سوسيتي وتايم كيلينغ، على الترتيب.

تركز المحال القائمة بممر غرايبار على المنتجات الترفيهية والخفيفة، حيث يباع التبغ في غراند سيجار، والقهوة في جو ذي آرت أوف كوفي. كما يوجد مطعم مخصص للأطعمة المميزة لمنطقة حوض البحر المتوسط يدعى أو آند كو، يعرض عينات مجانية من دهون أحادية اللاتشبع (يطلقون عليها زيت زيتون) في ملاعق صغيرة كتلك الموجودة بمحال المثلجات. في ممر لكسنغتون، يمكن أن تنقسم المجموعة التي ترافقها، بحيث تتجه النساء إلى شراء قفازات من لاكراسيا غلوفز والملابس الداخلية من بينك سليب. أما الرجال، فبإمكانهم التوجه إلى محل آرت أوف شيفينغ. أما الأطفال، فيوجد أمامهم تشلدرينز جنرال ستور. إلا أن المكان الأفضل لقضاء الوقت فيه فهو ممر شارع 42، الذي يضم محلا ساحرا للهدايا يدعى بيلونز. وتتميز جميع معروضات المحل بجاذبية بالغة. وحتى لو وجدت أن 95% من المعروضات سخيفة، فستجد بالتأكيد 5% منها ساحرة. ولحسن حظ أصحاب المحل، فإن نسبة الـ5% تلك تختلف من شخص لآخر. أما إذا لم تطق البقاء كثيراً في بيلونز، فيمكنك الهروب إلى المحل المجاور وهو بوسمان بوكس، الذي يتميز في حقيقته بحجم أكبر مما يبدو عليه من الخارج، وعلى خلاف الحال لدى الكثير من أفرع بارنيز آند نوبلز، لديه كراسي موزعة بمختلف أنحائه يمكنك الجلوس عليها بدلاً من الأرض.

وهناك أيضا يمكنك القيام بتصفح الأطعمة في غراند سنترال ماركت، لكن الوجبات الحقيقية سيتم تناولها في باحات الطعام.

وتحتوي الباحات على الطعام السريع ومطاعم صينية رائعة، التي تحصل فيها على طبقين رئيسين وأرز أو معكرونة مقابل 8.49 دولار.

وتأتي المطاعم على غرار المتاجر في الدور العلوي في أنها نسخ مصغرة للمطاعم الكلاسيكية ـ أو على الأقل ـ الشهيرة في نيويورك، حيث يمكنك تناول كعك الجبن في جونيورز والبسطرمة في منديز كوشر دايري وشريحة القريدس والصوص وبيتزا الأسماك في تو بوتس والضلوع في برازر جيمي والمنطقة المخصصة للجلوس هي بحق منطقة الطعام، وقد ساهمت في ذلك الصور القديمة بالأسود والأبيض لغراند سنترال في أيامها الأولى ونافورات المياه الرائعة. هناك عدد من المطاعم التي يمكن تناول الطعام داخلها في غراند سنترال مثل مترازور ومطعم مايكل جوردون ذا ستيك هاوس إن واي سي التي توجد في الشرفات العليا وتطل على منظر رائع، لكن تلك المطاعم مرتفعة الثمن كلاسيكية الطراز، بينما أويستر بار رسترنت بالدور السفلي يمكن أن تكون أسعاره معقولة إذا ما طلبت حساء السمك والسندويتشات والمحار (تشتمل على طبق ملئ بالمحار بـ 8.25 دولار) على مناضد تحت أسقف جيوستافينو القبابية المزخرفة.

سيكون من الرائع وجود صالة رياضية في غراند سنترال لتخفيف السعرات الحرارية عن الجسم، لكن هل ترغب في لعب التنس؟ هناك ساحتان مخصصتان للعب ويمكن استئجارهما مقابل 145 دولارا في الساعة خلال عطلات الأسبوع.

من أجل ممارسة الرياضة وتناول مشروب في كامبل أبارتمنت، قاعة الشراب الفاخرة التي حملت اسم جون كامبل الممول الذي كان مكتبه موجودا هنا في العشرينات. أفضل مميزاتها أنها لا تماثل الأماكن الأخرى في غراند سنترال وهي مفتوحة حتى الواحدة صباحا (عدا أيام الآحاد)، أما أكبر عيوبها أنها لا يسمح فيها بارتداء الأحذية الخفيفة حتى في الأيام الممطرة.

* خدمة «نيويورك تايمز»