باكستان: لن نسلم الهند أي معتقل.. ومستعدون للحرب إذا فرضت علينا

المدير السابق للاستخبارات الباكستانية: الأميركيون يستهدفونني لأنني عبرت عن دعمي لطالبان

رسمة من المحكمة يظهر فيها أقارب لضحايا هجمات 11 سبتمبر (يمين) والمتهمون في القضية خالد محمد شيخ ووليد بن عطاش ورمزي بن الشيبة وعلي عبد العزيز علي ومصطفى الحوساوي (رويترز)
TT

أعلنت باكستان أمس انها لن تسلم الهند أي مشتبه به في اعتداءات مومباي بل ستحاكمهم بنفسها عند الضرورة، مؤكدة في الوقت نفسه استعدادها للدفاع عن نفسها اذا قررت نيودلهي شن عملية عسكرية ولو محدودة الاهداف. وكانت السلطات الباكستانية قد اعتقلت 16 من عنصار جماعة «عسكر طيبة» المتهمة بانها وراء اعتداءات مومباي، وقالت مصادر إن بين الموقوفين ذكير الرحمن الاخوي وهو بحسب الهند احد المخططين الرئيسيين للاعتداءات التي اوقعت 163 قتيلا.

وقال وزير الخارجية الباكستاني، شاه محمود قريشي، في كلمة القاها في مولتان بوسط باكستان ان «هذه التوقيفات تتم في اطار تحقيقنا الخاص. حتى لو ثبتت التهم (الهندية) في حقهم لن نسلمهم الى الهند». واضاف «سنحاكمهم بانفسنا بموجب القانون الباكستاني».

وسلمت الهند الى باكستان لائحة باسماء مشتبه فيهم تطالب بتسليمهم، مهددة ضمنا باجراءات رد في حال لم تلب باكستان هذا الطلب، غير ان الصحافة الهندية تتداول منذ عدة ايام شائعات تتحدث عن توجيه الهند ضربات محددة الاهداف على معسكرات لتدريب المقاتلين الاسلاميين في الجانب الاخر من الحدود، في حال لم تتصرف القوات الباكستانية نفسها.

وحذر قريشي الهند قائلا «اننا لا نريد الحرب لكننا مستعدون تماما في حال فرضت علينا» مضيفا «اننا نعي مسؤولياتنا في الدفاع عن ارضنا».

وختم كلمته «هذه رسالة واضحة: اننا نؤيد الصداقة ونتمسك بالسلام ونريد الاستقرار للمنطقة، لكن هذا يجب ألا يفسر على انه ضعف» وهي اول مرة منذ اندلاع الازمة بين الهند وباكستان عقب اعتداءات بومباي، تتحدث فيها اسلام اباد بهذه النبرة الحازمة.

ورأت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس لدى عودتها من مهمة خاطفة الى البلدين سعيا لتهدئة التوتر بينهما، أن الاعتقالات التي جرت في الايام الاخيرة تشكل «بادرة ايجابية»، بحسب ما صرح المتحدث باسمها شون ماكورماك. كذلك قالت المتحدثة باسم البيت الابيض دانيا بيرينو «لا شك ان باكستان قامت بخطوة ايجابية».

والخطر بين البلدين جسيم بعدما كادت تندلع حرب رابعة بين القوتين النوويتين الجارتين بينهما اثر هجوم شنته وحدة من المقاتلين الاسلاميين في 13 ديسمبر (كانون الاول) 2001 على البرلمان الفدرالي في نيودلهي واتهمت الهند حركة «عسكر طيبة» بالوقوف خلفه. ولم يتم تجنب الحرب آنذاك إلا بفضل مساع دبلوماسية اميركية.

وحذرت باكستان من ان ادنى تحرك عسكري هندي في اتجاه الحدود سيعني تلقائيا سحب قواتها من المناطق القبلية المجاورة لافغانستان الى الحدود الهندية ـ الباكستانية. من جهة اخرى أنكر حامد غول، المسؤول السابق رفيع المستوى بالاستخبارات الباكستانية، يوم الاثنين المزاعم التي ترددت بأنه كان يمنح المشورة والدعم لجماعة «عسكر طيبة» الباكستانية المسلحة . وظهر اسم غول ـ الجنرال المتقاعد، والمدير الأسبق لجهاز الاستخبارات الباكستانية والمعروف اختصارا بـ ISI ـ للمرة الأولى مع تنامي انباء بوجود صلة بينه وبين جماعة «عسكر طيبة» المسلحة نهاية الأسبوع، وذلك عندما صرح مسؤول رفيع المستوى بالحكومة الباكستانية بأن الهند تسعى للقبض على غول إلى جانب العديد من الباكستانيين الآخرين. وأوضح المسؤول الباكستاني ـ الذي لم يرغب في الكشف عن اسمه مراعاة للحساسيات الدبلوماسية ـ أن غول ليس مشتبهًا بوجود دور مباشر له في هجمات مومباي، إلا أنه يعد الراعي السياسي لجماعة العسكر. وأقر المسؤول الباكستاني بأن غول يُنظر إليه بصورة كبيرة على أنه «الأب الروحي» للسياسة الباكستانية التي استخدمت الجماعات المسلحة من أمثال «عسكر طيبة» كوكلاء لإسلام أباد في صراعها الدائر مع الهند حول منطقة الهمالايا الكشميرية المتنازع عليها. ومع ذلك أوضح المسؤول أن باكستان أحجمت عن تسليم غول على اعتبار عدم ضلوعه في دور فعلي في الإعداد لأجندة عمليات «عسكر طيبة» أو المنظمات الأخرى داخل باكستان. وبعد الوصول إليه بمنزله في مدينة روالبندي يوم الاثنين، تحدث غول للـ«واشنطن بوست» قائلا إنه على علم بالمزاعم، إلا أنه رفضها واصفًا إياها بأنها «محض افتراء» وقال: «يبدو أنها حملة مدبرة للنيل مني بطريقة ما». وأقر غول البالغ من العمر 71 عامًا بأنه كان ضمن مجموعة من ضباط الاستخبارات الباكستانية المتقاعدين، والعلماء الباكستانيين، وآخرين اشتبهت فيهم الولايات المتحدة بمنحهم الدعم المادي لطالبان، و«القاعدة». وأضاف أن جماعة من رجال الأعمال الباكستانيين أسسوا منظمة «أمة التعمير»، بهدف مساعدة الصناعات التي أتلفتها الحرب في أفغانستان. وقد أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أن «أمة التعمير» تعد جماعة إرهابية، وذلك بعد تفتيش مكاتب الجماعة في العاصمة الأفغانية كابل، حيث اكتشفت وثائق تشير إلى خطط لاختطاف دبلوماسي أميركي، بالإضافة إلى وثائق توضح التراكيب الفيزيائية الأساسية المتعلقة بالأسلحة النووية.

واستطرد غول قائلا إن مسؤولا بارزا بوزارة الخارجية الباكستانية كان قد أخبره بأنه قد تم وضعه إلى جانب آخرين ضمن قائمة مراقبة الإرهابيين العالميين الأميركية. وتابع أنه قد تم عرض وثيقة أميركية عليه، تفند العديد من الاتهامات المنسوبة إليه، ومنها مزاعم تشير بوجود صلات له مع «القاعدة» وطالبان. على الجانب الآخر يقول المسؤولون الهنود والأميركيون أن غول، وكان قائد سلاح الدبابات بالجيش الباكستاني قبل أن يتم تعيينه مديرًا للاستخبارات الباكستانية عام 1987، أبقى على اتصالات وروابط قوية مع «عسكر طيبةش، وأنه لعب دورًا استشاريًا في العديد من الهجمات الأخيرة. وأشار مسؤول بالاستخبارات الهندية، لم يرد الكشف عن اسمه، بأن غول الذي تقاعد بعد أن شغل منصب مدير ISI لعامين، تم وضع اسمه ضمن قائمة مراقبة الإرهابيين العالميين الأميركية نظرًا لروابطه وصلاته المزعومة مع «عسكر طيبة»، وأضاف المسؤول بأن غول يعد «مستشارًا مقربًا» للجماعة، وأنه مواظب على حضور اجتماعاتها، وتابع في قوله: «كان آخرها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث حضر اجتماعا لهم في موريدكي، وباتوكي. كما أنه دائمًا ما يلقي الخطابات في اجتماعاتهم، فضلاً عن دفاعه أيضًا عن عسكر طيبة في كل محفل. ويعتبره العسكر مرشدًا لهم». ورغم ذلك، أوضح مسؤول في الاستخبارات الهندية رفض الكشف عن هويته للـ«واشنطن بوست» أنه لم يتم التوصل إلى أي صلة مباشرة بين غول وهجمات مومباي، هذا بالإضافة إلى أن المحققين يوقنون بأن ضباط ISI المتورطون، أو ممن لهم صلة بتفجيرات مومباي، ما زالوا يعملون داخل وكالة الاستخبارات الباكستانية، حيث يقول مسؤول الاستخبارات الهندية: «إن من ساعد في تنظيم هذا الهجوم في مومباي من المؤكد أنه ضابط داخل الخدمة في ISI، وليس متقاعدًا». ويقول غول إنه مقتنع بأن المسؤولين الأميركيين يستهدفونه لأنه عبّر علانية عن دعمه السياسي لطالبان وجماعات الثوار الأفغان التي تحارب قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في أفغانستان، وأضاف أن اجتماعاته القصيرة مع زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن مطلع التسعينات، ومناداته بإعادة التحقيق في أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001 ، عملت على جذب الأنظار هي الأخرى.