محكمة غوانتانامو: خالد شيخ محمد وإدارة بوش يلتقيان في هدف النهاية السريعة

خبراء: الإعدام في نظر المتهمين أفضل من تمضية بقية حياتهم في السجن

TT

يبدو أن خالد شيخ محمد، الذي أعلن دائما عن نفسه كـ«عدو للأميركيين» قد وجد نفسه أخيرا على وفاق مع إدارة بوش: فالبيت الأبيض والمتهم بالإرهاب، كلاهما يبدوان سعيدين بالتوصل إلى نهاية للقضية، قبل انتهاء ولاية الرئيس الحالي. فقد أقر خالد شيخ محمد المتهم بأنه العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر والمشتركون معه بالذنب، ولا شك أن ذلك يدلل على رغبتهم في الموت، بدلا من الخوض في نزاع قضائي أمام المحكمة العسكرية الأميركية. لكن المحللين يقولون إن كلا من محمد وإدارة بوش، يعلمان أن الوقت ينفد فيما يتعلق بتسجيل نقاط إعلامية قبل انتهاء ولاية الرئيس الحالي وربما تغيير القوانين. وقد سحب محمد طلب الاستئناف، بعد أن علم أن من شأن الاستئناف أن يعمل على عرقلة التوصل إلى حكم بالإعدام، وأن اثنين من المتهمين معه لن يستطيعا تقديم الاعتراف كذلك. ولكن من خلال طلب الموت، فإن محمد يعتبر بذلك قد تحدى قواعد القانون الأميركي، وأظهر مرة أخرى موهبته في جذب انتباه الإعلام، حسبما يقول المحللون. وفي الوقت نفسه، فإن البيت الأبيض ووكالات المخابرات الأميركية، قد انتهزوا فرصة اعترافه، لتبرير سياساتهم فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب، بما في ذلك التكتيكات المثيرة للجدل والتي تم استخدامها في القبض على محمد واعتقاله مع غيره من قادة تنظيم «القاعدة». ويقول بروس هوفمان، وهو خبير في مجال الإرهاب، وأستاذ في جامعة جورج تاون: «إنهم يرغبون في استغلال الموقف بأي طريقة ممكنة. وبالنسبة لكلا الجانبين، فإنه يبدو أن التوصل إلى حل يرضي الطرفين، يعتبر أمرا مثيرا بعد هذه الفترة الطويلة من الشد والجذب».

وقد كان محمد الذي زعم بأنه العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، يقول دائما إنه يرغب في الموت، لكن رغبته في عدم الاستمرار في الدفاع عن نفسه ضد التهم الموجهة إليه، قد أدهشت العديد من خبراء الإرهاب. وقد ربط العديد من هؤلاء بين ذلك التوقيت وانتهاء فترة ولاية الرئيس بوش، الذي برز كرمز أمام المتشددين المتطرفين بعد الغزو الأميركي لأفغانستان والعراق، والجدل الذي ثار بشأن معاملة المشتبهين بالإرهاب. ومن خلال التوصل إلى إنهاء القضية قبل مغادرة بوش للبيت الأبيض، فإن محمد يمكن أن يرسم صورة لنهاية معركته مع بوش، حسبما يفيد الخبراء. لكن ربما يكون محمد قد أدرك، كذلك، أن فرصه لـ«المجد والشهادة» حسب اعتقاده تكاد تتلاشى. وقد كان بوش الذي يتباهى دائما بأنه يطارد قادة «القاعدة» ويطلبهم «أحياء أو أمواتا»، يرغب دائما في إيقاع الموت بالأسرى ذوي القيمة الكبيرة، في الوقت الذي لا يتحلى فيه الرئيس المنتخب باراك أوباما بمثل ذلك السجل بعد. ومن شأن إعدام شيخ محمد أن يتحول إلى حملة دعائية لـ«القاعدة»، كما يمكن أن يكون «أفضل من قضاء الحياة كلها في السجن» حسبما يقول هوفمان. وحتى السجن نفسه الذي تنظر «القاعدة» إلى من يدخل إليه في عهد بوش، على أنه شهيد حي، فإنه سوف يفقد بعض مميزاته في عهد إدارة أوباما، التي ربما تنقله من خليج غوانتانامو بكوبا إلى الولايات المتحدة، حسبما يقول هوفمان.

وبالنسبة إلى إدارة بوش، فإن هناك أملا ضئيلا في أن تتم تسوية قضية خالد شيخ محمد في غضون ستة أسابيع قبل مغادرة الرئيس للبيت الأبيض. ومع ذلك، فإن كلا من البيت الأبيض ووكالات المخابرات الأميركية قد رأوا بصيص أمل في استعداد محمد وزملائه الأربعة للاعتراف بتنفيذ هجمات 11 سبتمبر.

وقد تعرضت وكالة المخابرات المركزية، التي نقلت خالد شيخ محمد إلى سجن سري، بعد القبض عليه في باكستان عام 2003، إلى الكثير من النقد الدولي، لاستخدامها أساليب تحقيق قسرية، بما في ذلك الإيهام بالغرق خلال التحقيق مع أحد قادة «القاعدة». لكن محمد أقر بالذنب فيما يتعلق بالهجوم الإرهابي، الذي يعتبر الأعنف في تاريخ أميركا، مما يسمح للوكالة بالجدال حول تبرير الأساليب التي كانت تستخدمها. ويقول جيمي سميث، وهو أحد موظفي وكالة المخابرات الأميركية على مدار 20 عاما، والمدير السابق لشركة الأمن العالمية بلاك ووتر: «من وجهة نظر الوكالة، فإن ذلك يؤكد على أننا قد قبضنا على الرجل المناسب. لقد كان ذلك بمثابة إلقاء القبض على رجل شرير».

وقد أيد أحد مسؤولي مكافحة الإرهاب الأميركيين ذلك، قائلا إن التطورات التي حدثت قد بررت استخدام وكالة المخابرات المركزية لـ«التحقيقات القانونية» التي أكدت دور محمد كعقل مدبر للعديد من الهجمات الإرهابية. ويقول المسؤول الذي رفض الإفصاح عن هويته: «لن يستطيع الهرب من ماضيه، حتى إذا أراد ذلك. إنه فخور بإرهابه. وقد كنا محظوظين بالقبض عليه».

وقد أشار محامون من الجماعات التي تنتقد سياسات إدارة بوش، إلى أن القضايا الخاصة بمحمد وزملائه ربما لن يتم حلها حتى بعد مرور أشهر على انتهاء ولاية بوش. وسوف يستمر الجدل حول أساليب التحقيق مع المعتقلين لسنوات أخرى. ويقول أنطوني دي روميرو من اتحاد الحريات المدنية الأميركية: «لقد كان ذلك يشبه مسرحية قانونية هزلية منذ البداية إلى النهاية التعيسة. وما يدعو إلى السخرية أنه سوف يتم إلقاء مسؤولية ثلاثة استئنافات إلى وزارة العدل الأميركية تحت ولاية أوباما، بالإضافة إلى مسألة ما إذا كان من حق هؤلاء المتهمين، تقديم هذه الاستئنافات بعد سنوات من التعذيب وإساءة المعاملة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»