ألمانيا: السجن مدى الحياة للبناني زارع «الحقائب المتفجرة» في القطارات

شريكه المسجون في بيروت اتهمه بأنه المحرض.. والمحكمة توصلت إلى أن الحقيبة لم تنفجر بسبب خلل

TT

بعد سنة كاملة من المداولات و59 جلسة استماع إلى إفادات عشرات الشهود، حكمت إحدى المحاكم الألمانية على اللبناني يوسف الحاج ديب بالسجن مدى الحياة بعد إدانته بتهمة محاولة القتل في عدة حالات. وكان اللبناني الشاب ،24 سنة، قد أهان الصحافيين والحضور بإشارات بذيئة من يديه قبل إعلان الحكم من محكمة دسلدورف (غرب) يوم أمس.

وكانت النيابة العامة قد طالبت في الجلسة قبل الأخيرة بإنزال أقصى عقوبة بحق الحاج ديب بعد أن شهد خبراء الشرطة بأن حقيبة المتفجرات لم تنفجر بسبب خلل فني في تركيبتها وليس بسبب خطأ مدروس، هدفه التخويف فقط، حسب إدعاءات المتهم. وذكر يوسف الحاج ديب في إفادته أنه تعمد ارتكاب الخطأ في تركيب الصاعق رغبة منه في عدم إلحاق الأذى بركاب القطار، كما أقسم «بالله العظيم» امام المحكمة بأنه أراد فقط تخويف الناس ولم يرد قتل أحد. واتفق الحاج ديب في أقواله مع زميله جهاد حماد، الذي حوكم في بيروت، على أن فكرة زرع القنابل في القطارات واتته في سورة غضب نتيجة نشر الكاريكاتيرات الدنماركية المسيئة للرسول محمد في بعض الصحف الألمانية.

وصدر القرار عن القاضي اوتمار برايدنغ بعد أن توفرت قناعة لدى المحكمة بأن الهدف من زرع الحقيبتين المتفجرتين، اللتين زرعهما الحاج ديب وزميله جهاد حماد، في القطارات المحلية في محطة كولون (غرب) في صيف 2006، هو ايقاع أكبر عدد من الضحايا بين المدنيين. وذكر القاضي أن ألمانيا كانت على وشك التعرض إلى عملية إرهابية كبيرة لولا الخطأ في تركيب صاعق القنبلة. واعتبرت المحكمة الحاج ديب «العقل المدبر» رغم اعترافه بأنه لا ينتمي إلى أي تنظيم متطرف وأنه تعلم صنع القنابل على الانترنت. للعملية وسبق للمحاكم اللبنانية أن حكمت بسجن جهاد حماد، الذي نجح بالهروب من ألمانيا إلى لبنان حيث ألقي عليه القبض، لمدة 12 سنة.

وشهد رئيس شرطة الجنايات الألمانية يورج تسيركة بأن القنبلتين لم تنفجرا بسبب فشل المتهمين تقنيا في إيصال الأوكسجين إلى الصاعق الذي كان من المفترض أن يفجر اسطوانة غاز البروبان. وذكر تسيركة أن القنبلتين كانتا ستقتلان عشرات المدنيين وتتسببان بألسنة لهب ترتفع إلى 15 مترا. وكان من المحتمل أن تؤدي الحقيبتان المتفجرتان إلى خروج القطارين عن سكتيهما أو إلى ارتطامهما بقطارات أخرى والتسبب بكارثتين حقيقيتين.

من ناحيته، قال محامي الدفاع بيرند روزنكرانتز إنه سيستأنف الحكم ضد موكله ووصف تهمة «محاولة القتل» بغير المعقولة. وأضاف أن موكله لم يخطط «لحمام دم» كما ورد في التهمة الموجهة إليه من قبل النيابة العامة وإنما بدافع الاحتجاج على كاريكاتيرات مسيئة للنبي محمد نشرتها بعض الصحف الألماني في أعقاب نشرها في الدنمارك آنذاك. وكرر المحامي ادعاء موكله بأنه أراد الانتقام من الكاريكاتيرات المسيئة عن طريق إثارة حالة «محدودة» من الهلع بين الناس.

وقام اللبنانيان بزرع القنبلتين في محطة كولون يوم 31 يونيو (حزيران) 2006 إبان ألعاب مونديال كأس العالم لكرة القدم في ألمانيا. وصورت كاميرات الفيديو في محطة قطارات كولون المتهمين وهما يحملان الحقائب إلى القطارين الصاعدين إلى كوبلنز وايسن. وتم القبض على الحاج ديب في منزله في حي ايهرنفيلد في كولون بعد يوم واحد من الكشف عن الحقائب.

ومنح اللبناني جهاد حماد من سجنه البيروتي مقابلة مع برنامج «بانوراما» التلفزيوني الألماني، قال فيها إن زميله يوسف الحاج ديب حرضه على تنفيذ العملية بالقول «إذا لم نفعلها سنذهب إلى جهنم». ونفى حماد وجود متعاون ثالث في قضية الحقائب المتفجرة على القطارات الألمانية وقال انهم لم ينووا قتل أحد.

جرت كافة جلسات محاكمة «زارع الحقائب المتفجرة» في محكمة دسلدورف التي تسمى «محكمة الإرهابيين» بسبب الاجراءات الأمنية الصارمة التي تحيط بها. وهي قاعة محصنة تحت الأرض وسبق أن شهدت محاكمات أعضاء جناح الجيش الأحمر وأعضاء جبهة الانقاذ الجزائرية ومحاكمة التركي متين قبلان الملقب بـ«خليفة كولون».