قلة الثقة وإرث الماضي وراء بطء وتيرة إعادة العلاقات بين ليبيا وأميركا

محللون: تحسن العلاقات الأميركية ـ الليبية قد يستمر في عهد أوباما

TT

يتولى أول سفير لواشنطن في ليبيا منذ 36 عاما مهام منصبه هذا الشهر، لكن لا يبدو أن أيا من الجانبين مستعد لإقامة صداقة حقيقية. فالولايات المتحدة محجمة عن القبول الكامل لدولة تتهمها بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. وأوضح الزعيم الليبي معمر القذافي أن العلاقات مع عدوة ليبيا السابقة ستكون أشبه بعلاقات العمل على أفضل تقدير. ومنذ رفع العقوبات الاميركية قبل أربعة أعوام فضلت طرابلس إبرام صفقات بمليارات الدولارات في مجالات الطاقة النووية والسكك الحديدية والطرق مع مؤسسات معظمها أوروبية وآسيوية.

وقال المحلل السياسي والأستاذ الجامعي الليبي مصطفى الفيتوري: «الأميركيون يودون ربط ما يريدون فعله في ليبيا بشروط وأن يستمروا في الحديث عن حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون، ونحن نعتبر هذا تدخلاً في شؤوننا الداخلية».

وخرجت ليبيا من عزلتها بعد أن تخلت عن برامج أسلحة الدمار الشامل ودفعت تعويضات عن تفجيرات أنحى الغرب عليها باللائمة فيها. وقال ديفيد ولش مساعد وزيرة الخارجية الأميركية الأسبوع الماضي إن صفقة التعويضات «تفتح آفاقا لعلاقة طبيعية من النوعية التي يمكن أن نقيمها مع أي دولة».

ويرى محللون أن تحسن العلاقات مع ليبيا والذي كان وراءه الرئيس جورج بوش، من المستبعد أن ينتهي في عهد خليفته باراك أوباما الذي صاغ رؤية للسياسة الخارجية قائمة على الدبلوماسية والتوجه العالمي والتحالفات. ونقلت وكالة «رويترز» في تقرير نشرته أمس، عن ديرك فانديفال المتخصص في الشؤون الليبية والاستاذ بكلية دارتموث في نيوهامبشير، قوله: «لا أتوقع تغييرا حقيقيا تحت قيادة أوباما لكن الولايات المتحدة ستحرص على ألا تتراجع ليبيا عما وافقت عليه».

وفازت مؤسسات اميركية بمجموعة من رخص التنقيب عن النفط منذ رفع العقوبات عام 2003 لكن الارتياب الذي لايزال قائما يحول دون انخراط واشنطن انخراطا كاملا. وقال فانديفال «في الولايات المتحدة هناك تشكك معين واحجام عن الانخراط في خطط القذافي للتنمية الاقتصادية». وأضاف «ما هو أبعد من صناعة النفط والغاز سيكون أصعب كثيرا على الشركات الأميركية».

ويقول مسؤولون اميركيون ان حدوث انفراجة مع ليبيا يتيح إمكانية التعاون على الصعيد الدبلوماسي. وتحدث مسؤول بارز في واشنطن، طلب عدم نشر اسمه، عن المخاوف بشأن برنامج إيران النووي كأحد المجالات التي تعاونت فيها الدولتان. وأيدت ليبيا سعي الولايات المتحدة لفرض عقوبات ضد إيران بالأمم المتحدة بينما لم تفعل هذا دول أخرى تربطها علاقات أوثق بواشنطن مثل جنوب أفريقيا واندونيسيا.

وتوقع المسؤول أن تبيع الولايات المتحدة لليبيا أسلحة «غير فتاكة» مثل طائرات الهليكوبتر وطائرات النقل وأجهزة الاتصالات في الاعوام القليلة القادمة. لكن الفيتوري أشار الى أنه جرى استبعاد شركات أميركية عمدا من استثمارات للحكومة الليبية بمليارات الدولارات منذ رفع العقوبات. وتساءل «لماذا نستعين بالروس والألمان في حين بإمكاننا الاستعانة بالأميركيين الذين يكونون عادة اكثر تقدما على الصعيد التقني.. ما من تفسير سوى أننا نفضل هذا».

وقامت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس بزيارة تاريخية وان كانت قصيرة الى طرابلس في سبتمبر (ايلول) الماضي حيث اجتمعت بالقذافي وتبادلا الهدايا. وقالت إن زيارتها تثبت أن الولايات المتحدة ليس لها أعداء دائمون.

غير أن الأجواء كانت أكثر دفئا حين قام الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين بزيارة الى طرابلس في ابريل (نيسان) الماضي ووافق على إسقاط 4.5 مليار دولار من ديون ليبيا لإفساح الطريق لطلبات تصدير عسكرية ومدنية كبيرة.