انضمام اليونان لليورو وتنظيم الأولمبياد خلقا شعورا بالفخر لدى المواطنين

الفضائح السياسية والمالية وراء تفجر الأوضاع

الغضب والاحباط المتأججان منذ فترة طويلة بسبب مجموعة من الفضائح السياسية والمالية تسببا في انتشار العنف (اب)
TT

شعر اليونانيون بالفخر لتنظيمهم عرضا شاهده العالم كله حين استضافوا بنجاح الدورة الاولمبية في اثينا عام 2004 واستمتعوا بحالة من النشوة القومية راودهم خلالها أمل في المستقبل.

لكن بعد ذلك بأربع سنوات خرج عشرات الآلاف منهم مدفوعين بشعور بالغضب من الفساد والسياسات الاقتصادية للحكومة الى الشوارع في أعمال شغب استمرت خمسة أيام ألحقت دمارا لم يسبق له مثيل باكثر من عشر مدن، وجرح العشرات والقي القبض على المئات.

وانتشر كالنار في الهشيم رد الفعل الشعبي العنيف على قتل الشرطة مراهقا في السادسة عشرة من عمره يوم السبت في شتى أنحاء البلاد مما هز الحكومة المحافظة.

وألقى محتجون قنابل حارقة على الشرطة خارج البرلمان يوم الاربعاء خلال إضراب أصاب اليونان بالشلل وزاد الضغوط على الحكومة.

واوضحت وكالة رويترز للانباء ان البعض يرى ان العنف لم يكن متكافئا مع الحادث المأساوي. لكن محللين قالوا ان السبب في تفجره هو الغضب والاحباط المتأججان منذ فترة طويلة بسبب مجموعة من الفضائح السياسية والمالية في الوقت الذي بدأت فيه البلاد تشعر بآثار الازمة العالمية.

وقال يانيس ستورناراس، استاذ الاقتصاد بجامعة اثينا، إن الانضمام لمنطقة اليورو عام 2001 والاولمبياد عام 2004 خلقا توقعات عالية بين اليونانيين. كان هناك شعور بالسعادة المفرطة بأن البلاد ماضية قدما نحو طفرة في التنمية والاستقرار».

ووصل المحافظون الى الحكم في مارس (اذار) 2004 بعد ان ركبوا موجة من الاستياء العام من نحو 20 عاما من فضائح الاشتراكيين.

وتعهدوا بمكافحة الفساد وتحسين الحياة اليومية لليونانيين الذين لديهم واحدة من أسوأ بيروقراطيات الاتحاد الاوروبي سمعة.

وقال ستورناراس «وكما نرى الان لم تكن لديهم (المحافظون) خطة. ذهبت المناصب المهمة الى أياد مختلفة».

وكانت هناك انجازات اقتصادية أشاد بها الاتحاد الاوروبي مثل خفض العجز في الميزانية ودفع الخصخصة قدما. وواصل الاقتصاد النمو بمعدل نحو أربعة في المائة سنويا وهو المعدل الاسرع بمنطقة اليورو حيث كان اليونانيون يقترضون لشراء المنازل والسلع.

لكن العجز في ميزان المدفوعات ازداد مما أظهر ضعف القدرة التنافسية اليونانية. وأجبر الدين العام الذي زاد بشدة الحكومة على الاقتراض اكثر.

وحين وصلت آثار الازمة الاقتصادية الى اليونان بدت الحكومة وكأنها مندهشة. وفي اغسطس (آب) اتخذت اجراءات ضريبية لم تأت بالنتائج المرجوة لدعم الميزانية فيما استعدت اقتصادات أخرى في اوروبا للانهيار.

وقبل اعلان أي اجراءات لدعم الفقراء طرحت خطة إنقاذ قيمتها 28 مليار يورو (36 مليار دولار) للبنوك اليونانية التي تعاني مشاكل في السيولة لكنها لا تواجه نقصا في رؤوس الاموال وليست معرضة لإصول متعثرة.

وقال موظف حكومي، 55 عاما، طلب عدم نشر اسمه في اجتماع حاشد عقد في اثينا مع آلاف المضربين يوم الاربعاء «هذه الحكومة لا تعطي شيئا للعاملين لكنها تتخذ اجراءات لدعم النظام المصرفي».

ولاحقت رئيس الوزراء كوستاس كرامنليس فضائح عدة. وفي الاونة الاخيرة أجبر وزيران على الاستقالة بسبب صفقة مريبة لتبادل الاراضي بين الدولة ودير كلفت دافعي الضرائب ملايين من قيمة الارض.

وقال ديمتريس كيريديس، استاذ العلوم السياسية بجامعة مقدونيا «في الاعوام الاخيرة أمطر اليونانيون بأخبار عن إخفاقات ساستهم وقيادات الكنيسة والقضاة ورجال الاعمال والصحافيين وتقريبا كل من له صلة بالحياة العامة».

وجاءت أعمال العنف الاخيرة بعد احتجاجات ضد اصلاحات في نظام التقاعد قللت من حقوق كثيرين وستجبر الكثير من العاملين على التقاعد في موعد لاحق على المطبق حاليا الى جانب عمليات الخصخصة والاصلاحات المقترحة لنظام التعليم.

وأضاف كيريديس «هناك تراكم للاستياء الاجتماعي يتصل بقلة الفرص المتاحة للشبان. هذا بالاضافة الى أزمة اقتصادية، ما أوجد السياق لاضطراب اجتماعي هائل».

ويرى محللون أن الاحتجاجات أشعلتها الآيديولوجية اليسارية التي ما زالت موجودة، فضلا عن تراجع الثقة بالنظام السياسي والتعليم الذي لا يروج للقيم».

وليست أنشطة الفوضويين بجديدة، فمثل هذه الجماعات تفجر المؤسسات التجارية والسيارات في العاصمة اثينا بانتظام. لكن قتل المراهق بالرصاص أخرج الى الشوارع موجة اكبر من اليساريين المتشددين الذين ما زالوا يستلهمون ذكريات المقاومة الشعبية للحكومة العسكرية في اليونان بين عامي 1967 و1974.

ويقول الكثير من اليونانيين إن الخوف على مستقبل الأبناء هو الذي دفعهم الى الاحتجاج.