المحامون اللبنانيون توقفوا ساعتين عن العمل احتجاجا «على رغبة السلطة السياسية في تدمير العدالة»

نقيب المحامين لـ«الشرق الأوسط»: تأخر ملء الشواغر تدخل مقنّع في القضاء

TT

توقف امس الجسم القانوني عن العمل احتجاجا على تلكؤ السلطة السياسية في ملء الشواغر في السلطة القضائية منذ سنوات، علما ان هناك نحو مائة قاض تخرجوا من معهد القضاء ولم يعيّنوا بعد. وما تعانيه السلطة القضائية ليس سوى مظهر من مظاهر الخلاف والانشقاق داخل صفوف السياسيين الذي ينعكس على مختلف مرافق الحياة. وهكذا توقف المحامون اللبنانيون عن العمل ساعتين احتجاجا على «رغبة السلطة السياسية في لبنان في تدمير بنية العدالة ودولة القانون»، كما ورد في البيان الذي صدر عن نقابة المحامين في طرابلس.

وفي اتصال أجرته «الشرق الأوسط» بنقيب المحامين في بيروت رمزي جريج، قال: «حين سأل تشرشل عن وضع بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية، قيل له ان كل شيء دُمِّر من مصانع ومعامل، فسأل هل القضاء في خير؟ فأجيب نعم. فقال إذن بريطانيا في خير». وأضاف: «ان ضمان دولة القانون والمؤسسات هو حسن سير عمل الجسم القضائي واستقلاله فهو من يحفظ حقوق الناس وكراماتها. وإذا تعطّل القضاء في لبنان، تعطّلت الحياة المدنية. ودولة الحق، اساسها استقلال القضاء، الذي جعله الدستور في لبنان سلطة مستقلّة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية.

وما يعانيه القضاء منذ سنوات عكس ذلك. ونحن نتطلّع الى اعادة الاستقلال الى هذه السلطة». ولفت الى ان «انجاز التشكيلات القضائية ليس هدفا بالنسبة إلينا، بل خطوة أولى على طريق الاصلاح الجذري الذي نرمي اليه. اليوم نفّذنا هذا التحرّك وقد انقطع المحامون عن العمل طوال ساعتين بعدما لبّوا الدعوة للتجمّع في قصور العدل. فكان مجلس نقابة بيروت قد عقد في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) جلسة مشتركة مع مجلس نقابة طرابلس وحمّلنا آنذاك وزير العدل البروفسور ابراهيم نجار الذي نتمنّى له الشفاء العاجل (لتعرّضه لحادث سيارة)، طلبا بملء المراكز الشاغرة على ان تعمد السلطة السياسية الممثّلة بمجلس الوزراء الى تأدية هذا الواجب. وارتأينا القيام بهذا التحرّك خطوة اولى. ولاقينا تأييدا من اتحاد المحامين العرب». وأشار الى «اننا سنتابع تعاوننا مع نقابة طرابلس ونقوم بخطوات تصعيدية تدريجية، لحض مجلس الوزراء على تعيين رئيس لمجلس القضاء الاعلى ورئيس لهيئة التفتيش والقضاء»، معتبرا ان التأخر في التعيين أو عدمه «تدخل من السلطة السياسية في القضاء بصورة مقنّعة، كما فعلت مع مجلس القضاء الاعلى والمجلس الدستوري ومجلس شورى الدولة. وأدعوها وفي أسرع وقت ممكن الى القيام بواجبها في ملء الشواغر استنادا الى معايير الشجاعة والعلم والنزاهة».

وقد اصدرت نقابة المحامين في طرابلس بيانا قالت فيه إن «التوقف عن العمل ساعتين خطوة احتجاجية اولى على ما آل اليه القضاء، ودفاعا منا عن حق لنا باجراء تشكيلات ترمي الى نشر العدالة والامان بين الناس، وليس الى نشر نظام زبائنية السلطة».

وقال: «من المؤسف أن تستمر رغبة السلطة السياسية في لبنان بتدمير بنية العدالة ودولة القانون وذلك عن طريق سعيها لوضع اليد نهائيا على السلطة القضائية وتعميم نظام المحاصصة السياسية حتى على المؤسسات القضائية. واليوم يعاني مجلس القضاء الاعلى من شلل شبه كامل بانتهاء خدمة البعض واستقالة البعض الآخر طمعا بموقع موعود.

هكذا كان مجلس القضاء الاعلى، فماذا سيكون عليه المجلس الدستوري، وقد زفّت إلينا بشرى التوافق السياسي المرتجى في انتخاب اعضاء المجلس الدستوري العتيد وتعيينهم، ما يؤكد مجددا الرغبة في وضع اليد السياسية على المجلس الدستوري وتعطيل دوره الرقابي». وتابع: «من المؤسف والمؤلم أن هذا التوافق السياسي على أعضاء المجلس الدستوري قد شمل اسماء لا يحق لها الترشيح لمخالفتها قانون انشائه، لذلك فان نقابة المحامين تهيب برئيس مجلس النواب، وهو المحامي ورجل التشريع الاول، تعيين لجنة برلمانية قانونية للتدقيق في كل طلبات الترشيح كي لا يؤسس المجلس الدستوري على مخالفة القانون من اجل المحاصصة». وطالب بـ«رفع اليد عن المؤسسات القضائية» و«اصدار تشكيلات مبينة على الشفافية ولمصلحة العدالة للناس».

وقال وزير الدولة اللبناني جان اوغاسبيان، في حديث اذاعي امس انه «من الضروري والملح ان يأخذ مجلس الوزراء خطوة خصوصا على مستوى الجسم القضائي لأن هناك شواغر كثيرة في المحاكم. وهناك اكثر من مائة قاض جديد في انتظار التشكيلات والتعيينات. وهناك بعض الشواغر الاساسية في وزارة الداخلية، فالوزير بارود أعلن حال طوارئ والحاجة الى ملء هذه الشواغر قبل الانتخابات النيابية ليتمكن من التحضير للانتخابات وادارتها، لذلك لا يمكن انتظار هذه الآلية، فعلى مجلس الوزراء أخذ الخطوة الجريئة والبدء بإجراء هذه التعيينات». وفي هذا السياق، أبرق اتحاد المحامين العرب إلى نقابتي بيروت والشمال متضامنا، معتبرا أن «التأخير في ملء الشواغر في مجلس القضاء الاعلى واجراء التشكيلات القضائية تعطيل لاحقاق الحق والعدالة في لبنان»، داعيا «السلطتين السياسية والقضائية الى اتخاذ الخطوات الايلة الى تعزيز العمل القضائي واستقلال القضاء».