باريس: زيارة ساركوزي لبيروت تأكيد لاستمرار الاهتمام بلبنان

مصدر رسمي: الهدف منها تقويم مدى التزام دمشق بـ «خريطة الطريق» الفرنسيةـ السورية

TT

قالت مصادر فرنسية رسمية واسعة الإطلاع إن زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي المرتقبة الى لبنان في 6 من الشهر المقبل ـ والثانية في 8 أشهر ـ «تحمل بالدرجة الأولى مضمونا سياسيا» والغرض منها «تأكيد استمرار الاهتمام الفرنسي بلبنان» و«متابعة علاقاته مع سورية» وأخيرا «التأكد من مدى التزام دمشق بخريطة الطريق» التي تم الإتفاق عليها بين الرئيس الفرنسي ونظيره السوري خلال زيارة ساركوزي لدمشق في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي. وتربط الخريطة المذكورة بين الأداء السوري في لبنان بما في ذلك إقامة العلاقات الدبلوماسية وتبادل فتح السفارات وبين تطبيع العلاقات الفرنسية ـ السورية. وبحسب هذه المصادر التي تحدثت اليها «الشرق الأوسط»، فإن السبب «الشكلي» للزيارة التي سيلتقي خلالها الرئيس الفرنسي نظيره اللبناني هو تفقد حالة القوة الفرنسية العاملة في إطار اليونيفيل بمناسبة العام الجديد بما لذلك «من أهمية ومردود على الصعيد السياسي الفرنسي الداخلي». وتأتي زيارة ساركوزي الى بيروت بعد محطتين لافتتين: الأولى هي زيارة رئيس الحكومة فرنسوا فيون الرسمية الى بيروت في 20 و 21 نوفمبر (تشرين الثاني) فيما المحطة الثانية تتمثل بزيارة البعثة الفرنسية الرئاسية المشكلة من أمين عام القصر كلود غيان والمستشار الدبلوماسي لساركوزي، السفير جان دافيد ليفيت، ومساعد بوريس بوالون، الى لبنان بعد أسبوع واحد على ذهاب فيون الى العاصمة اللبنانية. غير أن أوساطا فرنسية ترى أن حجة اليونيفيل «لا تفي بالغرض» لأنه سبق لفيون أن انتقل الى الجنوب أثناء وجوده في بيروت بينما أرسل ساركوزي، في زيارته الأولى الى لبنان، نهاية يونيو (حزيران) الماضي وزير دفاعه هيرفيه موران لتفقد أحوال القوة الفرنسية ما يعني أن «الهم السياسي» هو الطاغي على توجه الرئيس الفرنسي الى لبنان. ومن هذه الزاوية، فإن «المعنى» السياسي للزيارة، كما تقول المصادر الفرنسية، هو إيصال رسالة مفادها بأن لبنان «ما زال أولوية على الأجندة الدبلوماسية الفرنسية رغم تحسن الوضع السياسي والأمني وعودة مؤسساته الى العمل». وتريد باريس «التأكد من أن دمشق حريصة على تنفيذ التزاماتها» وأولها الوفاء بوعدها تعيين سفير لها في بيروت قبل نهاية العام الحالي أو أوائل العام المقبل والتزام موقف الحياد من الانتخابات النيابية اللبنانية التي تشدد باريس على أهمية أن تحصل في أجواء من «الشفافية والنزاهة وبعيدا عن الضغوط». وتريد باريس بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي إرسال مراقبين للتأكد من حصول الانتخابات وفق المعايير المقبولة. كذلك تتابع باريس موضوع ترسيم الحدود وفرض الرقابة عليها وتريد أن تقوّم عمل اللجنة اللبنانية ـ السورية المشتركة بهذا الخصوص. وقالت مصادر سياسية في العاصمة الفرنسية إن باريس تسعى، في الوقت الحاضر، للتثبت من أمرين في لبنان: الأول، استعداد كل الأطراف لقبول نتائج الانتخابات التشريعية المقبلة مهما تكن، والثاني التأكد من أن مباشرة المحكمة ذات الطابع الدولي أعمالها في بداية أبريل (نيسان) المقبل لن ينتج عنها اهتزاز في الوضع اللبناني الداخلي.

وسيكون الوضع الإقليمي بأجمله على طاولة المحادثات بين ساركوزي وسليمان. وتحث باريس الحكومة اللبنانية على أن تبادر بدورها وعندما ترى أن الظرف مناسبا الى فتح باب المفاوضات مع إسرائيل على غرار ما يقوم به الفلسطينيون وسورية.

وقالت المصادر الفرنسية إن باريس «تعي» تردد، لا بل رفض، الجانب اللبناني حاليا الخوض في هكذا عملية بسبب ما قد يترتب عنها من مضاعفات سياسية داخلية. غير أن الجانب الفرنسي يرى فيها بابا لكي يحافظ لبنان عبره على مصالحه ويعالج شؤونه بنفسه.