تقرير حقوقي: توافق كبير بين الأنظمة السعودية وبنود اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية

من أبرزها حماية الحق في الحياة والأمن والتقاضي والكرامة الإنسانية

TT

كشف انضمام السعودية لأربع اتفاقيات دولية رئيسية في مجال حقوق الإنسان عن وجود توافق كبير بين الأنظمة السعودية وبنود الاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بحماية حقوق الإنسان وتوفير ضماناتها.

وأكد متخصصون في مجال حقوق الإنسان أن هذا الانسجام الواضح بين الأنظمة السعودية وبنود الاتفاقيات الدولية كان له آثاره الداعمة لانتخاب السعودية عضواً في أول مجلس لحقوق الإنسان بمنظمة الأمم المتحدة، وتسريع الخطا لانضمام السعودية لبقية الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن.

وأشار تقرير حقوقي أصدرته هيئة حقوق الإنسان السعودية أمس، إلى أن الدراسات الخاصة عزت هذا التقارب إلى تطبيق السعودية للشريعة الإسلامية في جميع مناحي الحياة، حيث أن ذلك التطبيق يوفر ضمانات كاملة لحق المساواة وسيادة القانون على الجميع، ورعاية الفئات التي تستحق الرعاية؛ من الأيتام والفقراء والمرضى والسجناء والأرامل وغيرها من الفئات، يؤكد ذلك أن النظام الأساسي للحكم في السعودية يقر صراحة على حماية حقوق الإنسان انطلاقاً من تعاليم الشريعة الإسلامية ومصدرها الأساسي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

وتتفق الدراسات، حسب التقرير، على أن الانسجام بين الانظمة السعودية والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وضح منذ وقت مبكر، عندما صوتت السعودية لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، والخاص بإقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي أعلن رسمياً في 10 ديسمبر عام 1948.

ويعد هذا الإعلان هو أشهر وثائق حقوق الإنسان من حيث توقيت صدوره أو ما اشتمل عليه من بنود لحماية حقوق الإنسان الأساسية، كالحق في الحرية والمساواة، والكرامة والأمن والعمل والتعليم والعدالة وحرية الرأي وغيرها من الحقوق التي جاءت كافة آليات القانون الدولي لحقوق الإنسان اللاحقة كتفصيل لأحد هذه الحقوق التي وردت بالإعلان.

ولفت التقرير إلى أنه رغم أن صياغة مواد الإعلان اتصفت بالعمومية وعدم التحديد، إلا أنها جاءت منسجمة مع كونه تعبيراً عن طموحات وتطلعات وليس التزامات محددة، مبيناً أنه من بين المواد الثلاثين التي تضمنها الإعلان تحفظت السعودية على مادتين فقط لمنافاتهما للشريعة الإسلامية صراحة، وهما المادة السادسة عشرة في فقرتها الأولى، والتي تسمح بالزواج بين أبناء مختلف الأديان، والمادة الثانية عشرة والتي تجيز تغيير الدين.

ويجمل الباحثون أوجه الانسجام بين الأنظمة السعودية ومضمون الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الاتفاق على الصيغة العامة لحماية الحق في الحياة والأمن والتقاضي والكرامة الإنسانية، وهي الحقوق التي نصت عليها الأنظمة السعودية مثل نظام المرافعات والأنظمة العدلية، فضلاً عن انسجامها مع قواعد الشريعة والتي تعد المصدر الأساس لجميع الأنظمة بالبلاد.

وفي الاتجاه ذاته ترصد الدراسات انسجام الأنظمة السعودية مع ما جاء في الاتفاقية الدولية لمنع كافة أشكال التمييز العنصري والتي انضمت إليها السعودية عام 1997 بموجب المرسوم الملكي رقم م/12 بتاريخ 16/4/1418هـ، حيث تتفق الأنظمة المعمول بها في السعودية إجمالاً مع بنود هذه الاتفاقية، والتي ترفض أي تمييز في حقوق العدل والمساواة أمام المحاكم، والحق في التمتع بحماية الدولة دون أدنى تمييز، وكذلك الحق في التعليم والرعاية الصحية. ويؤكد التقرير أن إقرار نظام الضمان الصحي التعاوني الإلزامي، والقاضي بشمول العامل الأجنبي بالتأمين الصحي على قدم المساواة مع العامل المواطن، يمثل تجسيداً وترجمة لانسجام الأنظمة السعودية مع بنود اتفاقية مكافحة التمييز العنصري.

وأوضح التقرير أن حالة الانسجام والتقارب بين الأنظمة السعودية وبنود الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان تتجلى من خلال اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والتي انضمت إليها السعودية في ديسمبر من عام 2000. وقد أوردت السعودية تحفظاً عاماً على أي نص يخالف الشريعة الإسلامية، في حين أبدت تماماً كفالة شروط متساوية بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بحق التعليم والتدريب والحصول على أعلى الشهادات العلمية وكذلك العمل والرعاية الصحية وغيرها، كما يتجلى هذا الانسجام أيضاً في المادة الخاصة بحق اكتساب وتغيير الجنسية للمرأة، حيث أن نظام الجنسية بالسعودية لا يرتب على زواج السعودية من أجنبي أن تفقد جنسيتها ولا تفرض على الأجنبية المتزوجة من سعودي جنسية الزوج.

وأبان التقرير أن هذا الانسجام ينطبق على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاانسانية أو المهينة، والتي انضمت إليها السعودية عام 1997، حيث أن الأنظمة السعودية تحرم التعذيب، وإيذاء الإنسان جسدياً أو معنوياً أو المساس بحريته، بالإضافة إلى حق المسجون في الشكوى والمحاكمة وغيرهما. وتأتي الاتفاقية الدولية لحماية حقوق الطفل والتي انضمت إليها السعودية في فبراير عام 1996، لتقدم صورة رائعة لانسجام الأنظمة السعودية واتفاقها مع مضمون وأهداف كل الجهود الدولية لحماية الطفولة، ومن أمثلة ذلك وجود نظام خاص بالسعودية لمعالجة أوضاع الأطفال المعاقين يحقق غايات الاتفاقية، إضافة إلى جهود السعودية في مجال الرعاية الصحية للطفل في العلاج وكذلك حق التعليم، وعدم تشغيل الأطفال، وكذلك عدم تجنيد الطفل دون سن الخامسة عشرة، وإجراءات حماية سلامة الطفل من كل الأخطار الناجمة عن نزاعات سياسية أو ظروف اجتماعية.