الأزمة المالية: 3 مخاوف تهدد الشركات الخليجية.. والسعودية أقلها تأثرا

نائب وزير العمل: نربأ من استغلال الأزمة للتخلص من «السعودة»

تعتبر السعودية من أقل الدول الخليجية تأثراً بتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية في تسريح الموظفين (تصوير: خالد خميس)
TT

قد تكون عبارة «خفض تكاليف التشغيل» هي الاكثر انتشارا اقتصادياً خلال عام 2009، كنوع من التصدي لآثار الأزمة المالية العالمية، من اغلب الشركات حول العالم، ومن بينها الشركات في منطقة الخليج العربي. إذ أعلنت عدة شركات في المنطقة، لا سيما في دبي، خلال الفترة الماضية الاستغناء عن موظفين أو الاتجاه إلى تسريح عاملين جراء تداعيات الأزمة العالمية.

وقد يكون هذا المسار هو الطريق الوحيد لتحقيق أرباح مع الركود الاقتصادي، الذي أصاب العالم، وتسبب في محاولات مختلفة للخروج منه، حيث يبحث الجميع في توفير السيولة، من خلال مختلف الادوات المالية التي تساعد على الخروج من آثار هذه الأزمة التي توسع ضررها الاقتصادي العالمي وتسببت له بشلل الركود.

ومن خلال التحركات الأخيرة لمعظم الشركات العالمية، فإن تخفيض تكاليف التشغيل تمحور في ثلاث أدوات، وهي تسريح الموظفين، تخفيض الإنتاج، إغلاق عدد من الوحدات او الفروع ذات الجدوى الاقتصادية المنخفضة، او تلك التي لا تحقق أرباحا.

قد يكون الوضع مختلفا في السعودية، التي تعتبر من الدول الاقل تأثرا بالازمة العالمية الاقتصادية، في حين بدأت مخاوف من تسريح موظفين، في خطوة نحو تقليل تكلفة التشغيل، هي الشغل الشاغل للعاملين في القطاع التجاري بالبلاد، في الوقت الذي طمأن فيه عدد من المسؤولين والمستثمرين من تأثير تلك الازمة في تسريح عدد كبير من الموظفين. لكن مع ذلك تشير ملامح العام المقبل 2009 إلى أن كثيرا من الشركات على المستوى العالمي وأقليميا وأيضا محليا في السعودية بدأت بوقف التوظيف، بل وصل الأمر إلى ربط التعيين على الوظائف الشاغرة بالإدارات العليا في الشركات.

أمام ذلك، قلل مسؤول كبير بوزارة العمل السعودية، من إمكانية حدوث تأثيرات سلبية على سوق العمل المحلي، على خلفية تداعيات الأزمة المالية العالمية، رغم اعترافه بأن التأثير الفعلي لا أحد يعرف مداه، ومن ثم يصعب التكهن بمسار الازمة وبالتالي أثرها على سوق العمل.

إذ توقع الدكتور عبد الواحد الحميد، نائب وزير العمل بعدم التأثير السيئ الكبير في هذا المجال، لكنه مع ذلك عبر عن مخاوفه من أن تستغل بعض المنشآت الفرصة للتخلص من السعوديين، غير أنه استدرك بقوله «إنني أربأ بالمؤسسات والشركات أن يكون هناك من بينها من يستغل الأزمة لتتخلص من السعوديين».

وقال «نحن في وزارة العمل نتابع ما يتعلق بتداعيات هذه الأزمة، ويهمنا جدا أن لا تؤثر على الموظفين السعوديين».

وقال الدكتور الحميد في تصريحات صحافية أمس، «إن الأزمة من حيث تداعياتها وأثارها تعتبر في البداية، رغم أننا نسمع بشكل مستمر عن إفلاس شركات كبيرة ومؤسسات مالية، ولكن التأثير الفعلي لا احد يعرف عمقه، ومن ثم يصعب التكهن بالأزمة المالية وأثرها على سوق العمل». واستشهد نائب وزير العمل بهذا الشأن بانضمام أكثر من 150 ألف عاطل إلى صفوف البطالة في الولايات المتحدة الأميركية.

واوضح «وفيما يتعلق بالسعودية ورغم إيماننا بأننا ضمن هذه المنظومة وجزء من النظام العالمي، ولا نستطيع أن نعزل اقتصادنا العالمي عما يحصل في الساحة العالمية، إلا أن هناك عدة عوامل مطمئنة فالتأثير السلبي سيكون اقل مما هو عليه في دول كثيرة». ودلل الحميد على ذلك بأن السعودية لديها أعداد كبيرة من العمالة الوافدة التي تشغل وظائف داخل الشركات والمؤسسات السعودية، ومن ثم فإنه مع افتراض تقلص النشاط فالشيء المنطقي أن تظل هناك حاجة لأبناء البلد، نظرا لوجود أجانب بالملايين.

وقال الدكتور الحميد، إن جائزة الأمير نايف للسعودة تسهم في نشر الوعي بأهمية السعودة، مشيراً إلى أن حضور الأمير نايف بن عبد العزيز لهذه الجائزة وكونها باسمه يعطيها أهمية كبيرة، ويجعلها حافزاً قوياً للشركات السعودية في توظيف الشباب السعودي.

ورداً على سؤال عن الشبكة الخليجية لتوظيف العاطلين، أوضح نائب وزير العمل، أن السعودية جزء من الكيان الخليجي الواحد، ممثلا بمجلس التعاون الخليجي، وأنها ستكون في طليعة الدول التي تهتم بأي مشروع خليجي بعد أن يناقش وتعرف تفاصيله.

ومن ناحية اخرى قلل الدكتور عبد الرحمن الزامل عضو مجلس الشورى ورئيس مجلس إدارة مركز الصادرات السعودية من تأثر الشركات المحلية في البلاد بالأزمة الاقتصادية العالمية. إلا أن الزامل ربط ذلك في تصريح لـ«الشرق الاوسط» بحالة واحدة، وهي تكاتف مسؤولي الدولة وقطاع الأعمال المحلي، عبر إعطاء الأولوية إلى المصانع والمنتجات السعودية للمشاريع الحكومية.

وأضاف الزامل، وهو أيضا أحد كبار المستثمرين في القطاع الصناعي ويتبوأ مراكز قيادية في عدة شركات سعودية، أن إعلان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عن ضخ 400 مليار دولار على مدى خمسة أعوام، كفيل بإنعاش الاقتصاد الوطني ودعم الصناعات السعودية، مشيراً إلى أهمية إعطاء عقود المشاريع الحكومية إلى الشركات المحلية.

ولفت الزامل النظر الى أن تأثير الشركات المحلية بشكل عام سيكون من خلال انخفاض أرباحها بنسبة متوقعة إلى 50 في المائة، وليس في تسجيل خسائر، مستشهداً بذلك على توقيع الحكومة لعقود مع شركات مواد البناء المحلية لبناء مشاريع حتى نهاية 2009. وزاد أن المشاريع الموزعة الحكومية من جامعات ومستشفيات وبنى تحتية كفيلة بأن تضمن دوران الدورة الاقتصادية بشكل تام خلال العام المقبل. وطالب رئيس مجلس إدارة مركز الصادرات السعودية، وزارة المالية والجهات الحكومية بزيادة الرقابة على العقود الحكومية، وإعطاء الأولوية للشركات المحلية، حتى تكون هناك تنمية متواصلة في الاقتصاد الوطني.

وأكد أن قطاع العقارات سيكون منتعشا من خلال ازدياد الطلب على المساكن من المواطنين، مطالباً الهيئة العليا للإسكان بالتحرك لبناء وحدات لتلبية الطلب المتواصل على القطاع، وبالتالي سيكون هناك تحرك واسع في القطاع العقاري. أما في قطاع الخدمات فأكد الدكتور الزامل، أنه سيكون الأقل تأثرا، لان الجميع يحتاج إلى ما يقدمه من أنشطة، موضحا أنه سيكون هناك طلب متواصل على منتجات الشركات الخدمية، والبنوك في حال سارت عمليات التنمية في الطريق الصحيح.

وأكد انه في حال لم يتم تطبيق هذه السياسات لمساندة الشركات المحلية من خلال المشاريع الكبرى والتوسعات فيها، فإن ذلك سيدفع الشركات الصناعية الكبرى إلى تسريح موظفين لتخفيض تكاليف التشغيل. واختتم الدكتور الزامل حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بالتأكيد على أهمية تطبيق الأنظمة في العقود الحكومية، والابتعاد عن الأنانية، وعلاج الفساد الإداري في جميع الاتجاهات لضمان اقتصاد متنام خلال العام المقبل، الذي يتوقع أن يشهد ركودا اقتصاديا عالميا، بعيدا عن المملكة. من جهته قال خبير في قطاع الموارد البشرية لـ«الشرق الأوسط»، إنه من المتوقع ان تلحق آثار الأزمة الاقتصادية العالمية بالشركات والبنوك المحلية في منطقة الشرق الأوسط، وذلك من خلال الركود الذي سيصيب العالم، حيث كانت الطفرة بحاجة إلى كفاءات بشرية هائلة وذات خبرة للتواكب مع مستلزمات النمو الاقتصادي العالمي.

وأوضح سلطان العماش، المدير العام التنفيذي لشركة «إنترسيرش» السعودية لتوظيف المديرين التنفيذيين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن المؤشرات الاقتصادية تبين أن هناك توجها الآن نحو تجميد التوظيف في القطاع المالي بشكل عام.

وأضاف بأن بوادر ذلك ستتضح خلال الـ6 اشهر المقبلة، متمثلة بمشكلة تسريح الموظفين، خاصة في شركات التأمين، مرجعاً ذلك لكون بعض هذه الشركات قدمت رواتب عالية جداً لموظفيها، رغم كونها تحت التأسيس وقد لا تتمكن مستقبلاً من دفع هذه الرواتب.

وأضاف أنه بالنسبة للشركات المالية الجديدة، ان بعض الحقائق تبين أن هناك نوعا من تجميد عملية التوظيف حتى بمستوى الوظائف العليا، وأفاد بأن البنوك التجارية القائمة ستتجه لتجميد التوظيف وليس تسريح الموظفين، قائلاً «وربما يكون هناك تشجيع للخروج بشكل ما لكن لا يصل للتسريح»، أما البنوك السعودية حديثة التأسيس فأوضح أنه لن يكون التعيين فيها بنفس الدرجة التي كانت في الأشهر الماضية.

وحول مخاوف تخفيض معدلات الأجور في القطاع المالي والمصرفي، أفصح العماش عن أن الرواتب ستقل نوعاً ما عن السابق لشريحة معينة، مفيداً بأن الكفاءات السعودية المميزة لن تتأثر.