بزوغ نجم المصارف في سنغافورة مع تصاعد الضغوط على سويسرا

الدولة الآسيوية التي بها أعلى كثافة للمليونيرات أصبحت ملاذ أثرياء العالم

جانب من الحي المالي في سنغافورة (رويترز)
TT

مع تصاعد الضغوط على بنك يو.بي.اس السويسري، والهجوم على قانون سرية التعاملات المصرفية في سويسرا من جانب الولايات المتحدة والمانيا، بدأ نجم سنغافورة يصعد سريعا كملاذ للأثرياء. وتشهد الدولة الآسيوية التي يوجد فيها أعلى كثافة للمليونيرات ازدهارا لأنشطة ادارة الثروات فيما تواجه أوروبا والولايات المتحدة أسوأ تراجع في نحو 25 عاما. وبحسب تقرير لرويترز أعده نيل شاتيرجي وجون اودونيل فيبدو أن قواعد سرية التعاملات المصرفية في سنغافورة، ستنجو من هجوم مماثل تتصدى له بيرن في الوقت الحالي، في اعقاب اتهام رئيس انشطة ادارة الثروات في بنك يو.بي.اس بمساعدة اميركيين على اخفاء اموال. وبفضل علاقاتها الوثيقة بآسيا القوية، فإن سنغافورة في وضع اقوى للتصدي لضغط الولايات المتحدة من منافستها سويسرا او ليختنشتاين، التي تخلت في الآونة الأخيرة عن قواعد السرية المصرفية جزئيا. وقال مارتن شيلت المدير المسؤول عن بيع سيارات فارهة، تصل قيمتها مليون دولار في سنغافورة «انها مركز للثروة. اذا نظرت لنوعية العميل الذي نبيع له تجده ممن تزيد ثروتهم عن 50 مليون دولار». وتضع سنغافورة نصب أعينها اجتذاب اثرياء العالم لساحلها الذي تحف به اشجار النخيل، حيث تباع بعض شقق مع مرفأ خاص لليخوت. وتحقق خطتها نجاحا. ومع تحويل الصفوة في آسيا مليارات لسنغافورة ارتفع حجم الاموال التي تديرها بمقدار الثلث في العام الماضي، لما يزيد عن 800 مليار دولار. وربما يكون المبلغ صغيرا مقارنة بسويسرا. وذكرت مجموعة بوسطن الاستشارية، ان حجم الأصول الخارجية التي ادارتها سنغافورة في العام الماضي، بلغ 500 مليار دولار، ويصل حجم الأصول التي تديرها البنوك في سويسرا لأربعة امثال هذا الرقم. غير أن هذه الاستثمارات تضع المنطقة على خريطة البنوك التي تأمل في الاستفادة من آسيا الأكثر صلابة، في حين يشهد الغرب تباطؤا. ومع الاستغناء عن عاملين في لندن ونيويورك، توظف بنوك مثل كريدي سويس وماكواري غروب، موظفين متخصصين في ادارة الثروات في سنغافورة رغم الكساد المحلي. وبنك الصين من احدث البنوك التي تخطط لانشاء ذراع لادارة الثروات في سنغافورة على أمل ان تلتقي بمليونيرات مثل الذين تجمعوا لشراء وبيع طائرات خاصة، على هامش سباق ليلي من سباقات (فورميولا 1) للسيارات. ويقول ديباك شارما المسؤول عن أنشطة ادارة الثروات خارج الولايات المتحدة في سيتي غروب «تطورت سنغافورة كثيرا ولديها كل المتطلبات للمنافسة دوليا». ومثل موناكو تتخذ سنغافورة، موقفا متشددا بشأن سرية التعاملات المصرفية. ولم تقر سنغافورة قواعد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بشأن الشفافية وتبادل المعلومات. وأدرج اسم سنغافورة على قائمة صندوق النقد الدولي للدول التي تعتبر ملاذا للمتهربين من الضرائب، وهي مستهدفة في قانون اميركي جديد مقترح لمكافحة التهرب الضريبي. وتسعى سنغافورة لتطوير الخدمات المالية لتقليل الاعتماد على الصناعة. ومن الدول الأخرى التي رفضت قواعد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ليختنشتاين، ولكن في الآونة الأخيرة ابرمت اتفاقا تاريخيا مع الولايات المتحدة مهد الطريق لتبادل تفاصيل الحسابات المصرفية مع واشنطن في قضايا التهرب الضريبي. وقد يمثل الاتفاق ضغطا على سويسرا لتقديم تنازلات مماثلة، وسيكون ذلك لمصلحة سنغافورة. وهذا الشهر قال رئيس وزراء سنغافورة لي هسيين لونج، ان مثل هذا التدقيق في الغرب قد يقود لتدفق المزيد من الاموال الاوروبية على سنغافورة. وقال سباستيان دور، من سكوربيو بارتنرشب للاستثمارات «من المثير أن نلاحظ النمو في عدد العملاء الأوروبيين الذين يضعون ثرواتهم في سنغافورة، التي لا تعترف بالقواعد الضريبية الأوروبية على عكس سويسرا». غير أن الأموال الاوروبية تأتي مصحوبة بخطر استهداف سنغافورة في الحملة ضد ملاذات التهرب الضريبي. وقال رئيس الوزراء «اتوقع أن تتعرض سنغافورة لضغوط ايضا».

وقال البنك المركزي في سنغافورة ان قوانين السرية ليست لحماية الانشطة الاجرامية، وأن البنوك يمكنها الكشف عن المعلومات الخاصة بالعميل للمساعدة في اي تحقيقات. وسنغافورة في وضع اقوى للتصدي لذراع واشنطن القوية. ويشير خبراء الى ان سنغافورة حليف عسكري للولايات المتحدة وواحدة من عدد قليل من الدول الآسيوية التي يوجد بها ميناء عميق يتسع لحاملة طائرات اميركية. كما ان بروكسل قد لا تدخل في مواجهة لأن حجم الأموال الاوروبية في سنغافورة غير واضح. ويقلل المصرفيون من اهميتها كمقصد للأموال الأوروبية، ويقولون ان معظم الاموال التي تأتي لسنغافورة مصدرها آسيا وبصفة خاصة اندونيسيا. وذكر بنك سنغافورة المركزي، ان أكثر من نصف الأموال التي تديرها البنوك في البلاد من خارج منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ويشمل المبلغ صناديق معاشات التقاعد وصناديق التحوط، فضلا عن المعاملات المصرفية الخاصة.