السعودية: تحذيرات من انجراف الجهات التمويلية للتوسع في الإقراض الشخصي

مصرفيون يشددون في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: على ضرورة الحفاظ على قدرة التسديد ويستبعدون مرونة قوانين «ساما»

مصرفيون يحذرون من توسع البنوك وشركات التقسيط في زيادة عمليات الإقراض، خشية تعثر المقترضين وعدم قدرة السداد في المستقبل («الشرق الأوسط»)
TT

حذر مصرفيون في السعودية، من انجراف الجهات التمويلية من بنوك وشركات تقسيط، في توسيع أعمالها المتعلقة بالتمويل الشخصي، مشددين على ضرورة إبقاء قدرة التسديد للأفراد على مستوياتها لاستيفاء مديونيات السابقة.

وبدأت الجهات التمويلية في السعودية بزيادة جرعة تسويقها للمنتجات وباقات الخدمات التي لديها، بعد أن شهدت ركودا نسبيا من قبل شركات ومؤسسات القطاع الخاص التي اتجهت نحو تخفيف الاقتراض من البنوك، بعد أن لجأت إلى تهدئة سير مشاريعها وخططها الإنتاجية.

وقال الدكتور جون أسفيكياناكيس رئيس الدائرة الاقتصادية في البنك السعودي البريطاني (ساب) أن هذا الاحتمال قائم مع مؤشرات انخفاض مكاسب إقراض الشركات، مشددا على دخول البنوك في سياسة التوسع الإقراضي للأفراد سيكون خطيرا في هذه الفترة.

واستبعد أسفيكياناكيس توجه مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) نحو تخفيف اشتراطاتها المشددة على عملية التمويل والإقراض الشخصي حتى لو واجهت طلبات مكثفة من الجهات التمويلية بتسهيل أو توسيع سقف الإقراض.

وتعمل «مؤسسة النقد» على فرض أنظمة مشددة على البنوك المحلية في السعودية لضمان عدم التوسع في الإقراض الاستهلاكي للأفراد حيث نصت على وضع سقف لا يتعدى 15 راتبا للفرد العامل في الدولة أو القطاع الخاص، وكذلك أن تكون مدة السداد بما لا يقل عن 5 سنوات شريطة ألا تتجاوز نسبة 33 في المائة من إجمالي مرتبه.

وذكر أسفيكياناكيس خلال اتصال هاتفي أجرته «الشرق الأوسط»، أن «ساما» تدرك الموقف جيدا بدلالة استقرائها للأحداث مستقبلا معتمدة في ذلك على استراتيجية محافظة ومحتاطة جدا، لذلك لا يرشح أن تقع في هذا المطب بعد أن تعلمت من الدروس الكثير خلال العقد الحالي.

وزاد أسفيكياناكيس، وهو أحد أبرز الباحثين الاقتصاديين العاملين في المصارف السعودية، أن التجارب التي مرت على السعودية بدءا من انهيارات سوق الأسهم وكذلك طفرة السيولة وتزايد التضخم، ستلقي بظلالها الإيجابية في تقدير «ساما» لموقف الإقراض الشخصي المتزايد، مفيدا بأن تدرك الحالة المادية للأفراد والمقترضين مما يعزز استمرار رفضها لتوسيع المرونة في عملية التمويل للأفراد.

وأكد أسفيكياناكيس أن البنوك وجهات التمويل ترغب في صناعة المال وزيادته، وعلى ضوء هذا ستسير في تسويق منتجاتها وإيجاد طرق جذب العملاء والأفراد لها لتسجيل الأرباح الناتجة عن الفوائد المركبة لها. وتتجه الجهات التمويلية في السعودية للتوسع في أنشطتها، وذلك من خلال استقلال بعض البنوك بشركات مخصصة تعنى بالتمويل أو من عبر زيادة تسويق بطاقات الائتمان أو من خلال إدارات التمويل الشخصي وإبرام الاتفاقيات مع الشركات التجارية لتمويل السيارات أو الآلات والمعدات المنزلية وخلافه.

ووفقا للتقديرات المتداولة، يبلغ حجم القروض الإجمالية في السعودية بنحو 600 مليار ريال (160 مليار دولار) بينما يبلغ حجم القروض الاستهلاكية وبطاقات الائتمان بأكثر من 182.6 مليار ريال (48.6 مليار دولار) وسط ما وفره نظام المدفوعات من ميزة تحويل الرواتب إلى حساب العملاء في المصارف.

واتجهت بعض المصارف نحو إعادة هيكلة القروض والتفاوض مع المقترضين لإنهائها، بينما اتجهت أخرى لإقراض أشخاص مدينين لبنوك أخرى، إذ لا يوجد ما يمنع من الإقراض إذ رغبت الجهة وتأكدت من قدرة العميل على السداد.

من ناحيته، يفيد مطشر المرشد المصرفي السعودي، بأنه كان متوقعا أن تتجه البنوك نحو الأفراد مع زيادة الضغط على السيولة بسبب أوضاع الشركات المالية والتمويل العالمي بشكل عام لذا فهي اتجهت لعدم الدخول كممول في مشاريع كبيرة وطويلة المدى ذات رأس المال الكبير، وذلك بعدا عن المخاطرة.

وزاد المرشد أن البنوك اتجهت نحو التمويل الشخصي لعدد من الأسباب تتمثل في انخفاض قيم التمويل بالمشاريع والشركات، وثانيا انخفاض المخاطر لضمان استيفاء حقوقها المادية وسط معاناة من عدم وجود الضوابط والآليات الواضحة مع انخفاض الشفافية لدى البنوك في يخص آليات التمويل المالي الشخصي.

وحذر الخبير المصرفي المرشد من تنامي عمليات الإقراض الشخصي التي وصلت مؤخرا لتمويل الإجازات وخدمات السفر، إذ من شأن ذلك تشكيل خطر محدق بعدم قدرة الأفراد في المستقبل على السداد لاسيما مع انهيارات سوق الأسهم المحلي الذي خسروا فيه مدخراتهم والتي هي في الأساس عبارة عن تسهيلات وتمويل شخصي، تضاف إلى ما استهلكه التضخم من مصاريف طالت الكثيرين.

وأضاف المرشد خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الجهات التمويل تستفيد من ضعف ثقافة الأفراد وعدم إدراكهم بالفوائد المركبة التي تطالهم من حجم نسبة الفائدة، وكذلك العمولات المقتطعة للبنك، موضحا أن القروض تتراوح في متوسطها السنوي بين 5 إلى 6 في المائة بدون العمولات بينما تصل أحيانا في بعض التمويل الإسلامي إلى 15 في المائة.