موضة ملابس يابانية.. للأكبر سنا

مجلة تحث المواطنين الأكبر سنا على الاهتمام بمظهرهم وصرف أموال على شراء الملابس

TT

على مدى 12 عاما، انخفضت المبيعات في المتاجر اليابانية الكبرى، ومعها مبيعات الملابس التي تعد المصدر الأهم للعائدات والأرباح في المتاجر، الأمر الذي ساهم في التراجع الاقتصادي في البلاد. وثمة بعدٌ ديموغرافي خلف التردي الذي شهدته صناعة الملابس، حيث أصبح المشترون في عمر الشباب عملة نادرة، في مقابل ازدياد أعداد من هم الأكبر سنا والذين لا ينفقون عموما على الملابس.

وتحث مجلة «أويلي بوي» المواطنين اليابانيين على الشراء خاصة «الشباب الأكبر سنا». ولا يزال «الشباب اليابانيون الأكبر سنا»، الذين يقرأون مجلة «أويلي بوي» خارج المدينة، يتناولون شرابا مسكرا، أو يتسلقون أعالي الجبال، أو يمارسون رياضة التزحلق على الجليد في الجنوب عند الشاطئ. ويأمل أصحاب الإعلانات في أن تستمر رغبة هؤلاء في شراء الملابس والأحذية والساعات اليدوية والإكسسوارات. ويقول ماسامي كانو، محرر مجلة «أويلي بوي» والذي يبلغ من العمر 52 عاما: «لا أعتقد أننا أصبحنا كبار السن، فنحن نعتقد أنه ما زال أمامنا دور، حتى لو كنا نبلغ من العمر 50 أو 60 أو 70 عاما». ويحتاج عنوان المجلة، التي بدأت تظهر في أماكن بيع الصحف والمجلات في فصل الخريف الحالي وتشهد مبيعاتها تقدمها مضطردا، إلى بعض التوضيح، حيث يمكن أن يوحي لغير الخبراء بنمط من السلوك الغريب والشاذ، ولكن ليس هذا بالتأكيد ما سعى وراءه المحررون عندما أسسوا المجلة. وفي الواقع فإن اسم «أويلي بوي» (الشاب المهذب) كان اسما مستعارا لجيرو شيراسو، أحد ألطف الشباب في اليابان. كان شيراسو شابا طويلا ثريا ونجما سينمائيا مهندما، تعلم في جامعة كامبريدج وكانت لديه سيارة «بنتلي». وبعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، كانت إنجليزيته الممتازة ولباقته عاملين مساعدين له عندما طُلب منه التفاوض بشأن بنود الاحتلال الأميركي مع الجنرال دوغلاس ماك آرثر. وكان شيراسو من أوائل الرجال اليابانيين الذين سمحوا بالتقاط صور لهم وهم مع صديقاتهم يرتدون الجينز، وكان يمتلك سيارات رائعة ويغيرها باستمرار، وخلال المناسبات الاجتماعية، كان يرتدي بناطيل وقمصانا مهندمة. ويقول إعلان «أويلي بوي»، الذي يمكن النظر إليه على أنه أول طبعة من المجلة: «لا ينسى هذا النوع من الرجال «الشباب» الذي يكمن داخلهم، فالشباب لا يصبحون غير بالغين ولكن يصبحوا شبابا أكبر سنا..» ويقر كانو بأن «أويلي بوي» ليس الاسم الأفضل لمجلة عن الموضة تستهدف الرجال فوق الخمسين، حيث لا يذكر جميع من هم في تلك المرحلة العمرية شيراسو، واسمه المستعار وروحه المرحة. وفي حقيقة الأمر، فقد اختار كانو في بادئ الأمر اسم «أولد بوي» (شاب متمّرس)، ولكن مُنع من استخدام هذا الاسم بسبب خلاف قضائي حول الاسم الذي يطلق على علامة تجارية. وتعد مجلة «أويلي بوي» أول مجلة في اليابان تسعى صراحة وراء الكبار وأموالهم، فحيث أن هناك 22 في المائة من المواطنين اليابانيين تجاوزوا الخامسة والستين (مقارنة بقرابة 12 في المائة في الولايات المتحدة)، ومع توقعات بأن تزيد النسبة بين الصغار والكبار عن 4:1 بحلول 2040، يحاول بائعو التجزئة اليابانيون والمسوقون والناشرون تحقيق المزيد من المبيعات بين الأكبر سنا. وترغب الحكومة في أن يتمكنوا من تحقيق نجاح في ذلك، حيث أنها تريد إحداث تغيير في الاقتصاد بدلا من الاعتماد غير الصحي على الصادرات، ويعتمد النمو في طوكيو بالكامل تقريبا على الصادرات، التي تراجعت في إطار التراجع الاقتصادي العالمي، ومن غير المحتمل أن تعود إلى مستوياتها التي كانت عليها خلال عام أو اثنين على الأقل. وقال متحدث حكومي الأسبوع الماضي إنه كي تعود اليابان إلى نشاطها الطبيعي مرة أخرى فإن «علينا تغيير شكل الاقتصاد من الادخار إلى الإنفاق»، وأضاف: «هناك يابانيون كبار السن يتمتعون بأمان من الناحية المالية ولكنهم لا يحبون الإنفاق».

وخلال الأعوام الأخيرة، سعت العديد من المنشورات ذات الصلة بالموضة إلى تغيير هذا الأمر، فبالنسبة للنساء اللاتي تجاوزن الأربعين، تركز بعض المجلات مثل «إكلات» و«غراس» على الموضة والسياحة والتسوق، وتعلّم مجلة «ليون» الرجال، متوسطي العمر، كيف يمكن أن يكونوا «سيئين شيئا ما» بشراء الكثير من الأدوات باهظة الثمن. ولكن «أويلي بوي» تستهدف الشباب.. يقول كانو: «إنهم لطفاء، وكانوا يعرفون أنهم لطفاء».

يذكر أن كانو وطاقم المحررين الذي معه حاليا أسسوا قبل 30 عاما مجلة للرجال تسمى «باباي»، ونجحت «باباي» في السبعينات من القرن الماضي، لأنه كان هناك 600 ألف شاب لديهم استعداد لشرائها كل شهر حتى يواكبوا الموضة، ولكن مع تراجع أعداد الأطفال في اليابان على مدى 27 عاما متعاقبة، أصبح هناك عدد أقل من الشباب الذين يواكبون الموضة من كلا الجنسين. (وتراجع توزيع «باباي» إلى 100 ألف).

وعلى الرغم من أن الكثير من النساء اليابانيات يبقين على اهتمامهن بالموضة مع تقدمهن في السن، الا ان الامر نفسه لا ينطبق على الرجال. ويقول كانو: «نعتقد في المجلة أننا يمكننا أن نجعل الموضة تظهر مرة أخرى، ويتمثل هدفنا في إعادتها». وتحاول «أويلي بوي» القيام بذلك دون عرض سلع غير رائجة، فبدلا من البدلات التي تبلغ أسعارها 6 آلاف دولار، تعرض بدلات رياضية سعرها 500 دولار، كما أن العارضين الذين يظهرون فيها تبلغ أعمارهم فوق الخمسة والخمسين أو حتى الستين، يظهرون لائقين صحيا، يخرجون إلى الشواطئ ويظهرون في المطاعم الكبرى أو مع بناتهم الجميلات، يرتدون قمصانا رياضية واسعة ومناسبة لهم وأحذية لها منظر مقبول. ويقول كانو إن نهج المجلة هو «تصرف بحرية، ولا تقيد نفسك، وافعل ما تحب».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الاوسط»