يتعرض قلب الجنين أثناء مرحلة التكوين في رحم أمه، كبقية أعضاء جسمه، الى اضطرابات مختلفة وعيوب خلقية تتفاوت في شدتها وخطورتها. ومن ذلك حدوث فتحة بين الأذينين وضيق في الصمامات وتأثر الشريان الأورطي.. الخ. ويكون السبب عادة تعرض المرأة الحامل لأمراض معينة فيروسية أو ميكروبية خلال الحمل أو تناولها أدوية من تلقاء نفسها، أي من دون وصفة طبية واستشارة طبيب النساء والولادة، إضافة الى العوامل البيئية المحيطة بها ومنها ملوثات الجو من سموم وغازات مختلفة، ولا ننسى العامل الوراثي والاستعداد الجيني.
ويتم التعرف على وجود أمراض في قلب الجنين باتباع عدد من الخطوات، منها مراجعة تاريخ حمل الأم ومدى تعرضها لأي مشاكل صحية أثناء الحمل، خاصة في الأشهر الأولى من الحمل، ومراجعة نتائج فحوصات الحمل الأساسية، وعمل فحص بالموجات فوق الصوتية للحمل للكشف على كافة أعضاء الجنين وإعادة الفحص عند الشك باحتمال وجود عيوب خلقية في الجنين، حيث يتم دراسة شكل القلب ومكوناته وعمله منذ الشهور الأولى للحمل.
تشخيص العيوب الخَلَقِية
* وحيث أن معظم الدراسات تشير الى أن العيوب الخلقية الشديدة في القلب تكون سببا في موت 50% من هذه الأجنة إذا لم يتم تشخيصها وعلاجها مبكرا، فإن جهود العلماء قد تضافرت لايجاد وسائل تشخيصية غير تدخلية (non-invasive) يمكنها الكشف المبكر وتشخيص العاهات التي يتعرض لها قلب الجنين أثناء تكوينه.
«صحتك» طرحت هذا الموضوع المهم على البروفيسورة ريما البدر أستاذة مشاركة واستشارية أطفال وقلب أطفال وقلب اجنة بكلية الطب، جامعة الملك عبد العزيز، وهي حاصلة على شهادة الدكتوراه في أمراض قلب الأطفال من جامعة بون الألمانية وعلى الزمالة الكندية في أمراض القلب لدى الأجنة من جامعة تورنتو وعلى الزمالة الأميركية في أحدث طرق تصوير القلب لدى الأجنة من جامعة أوريغون وعلى الزمالة الأميركية في تشخيص وعلاج أمراض القلب لدى الأجنة من جامعة جنوب فلوريدا وهي أيضا حاصلة على الزمالة العربية والزمالة الألمانية في طب الأطفال وفي طب قلب الأطفال، فأكدت في البداية على أن معظم هؤلاء الأجنة المصابين بهذه العيوب الخلقية سوف يلقون حتفهم إذا لم تتح لهم إمكانية التشخيص المبكر والعلاج الفوري.
وأضافت أنه مع تقدم العلم الحديث أصبح بفضل التكنولوجيا المتوفرة حاليا الكشف على الجنين ككل ابتداء من الأسبوع 16 من الحمل من قبل اختصاصي طب الأجنة سواء من قسم النساء والولادة أو من قبل اختصاصي قلب الأجنة، وقد عاد هذا علينا بالفائدة الكبيرة من حيث إمكانية الكشف المبكر للأمراض، خاصة التشوهات الخلقية للأجنة من الرأس الى أخمص القدم سواء في الجهاز العصبي أو الهضمي أو في القلب أو وجود دلالات على متلازمة داون أو غيرها من المتلازمات. ولقد أضيف حديثا الى تلك الطفرة في علم الأجنة التدخل العلاجي للجنين وهو في داخل الرحم.
فحص قلب الأجنة
* وبالنسبة لقلب الأجنة فإن فحص القلب يبدأ بالأشعة ثنائية الأبعاد، وهي متوفرة في معظم مراكز قلب الأجنة في العالم وقلة من المراكز التي تستعمل الأشعة ثلاثية الأبعاد لفحص قلوب الأجنة. وأضافت بأننا محظوظون بتوفر هذه الأشعة بالموجات فوق الصوتية والتدرب عليها.
وأضافت أن فحص قلب الجنين بالموجات فوق الصوتيةFetal echocardiography يتم على مراحل، وهي:
* المرحلة الأولى: وتجرى للاجنة من اعمار تتراوح بين 6 إلى 10 أسابيع. وتكمن أهمية هذه المرحلة في أجراء الفحص بالموجات فوق الصوتية بهدف:
- تحديد وجود جنين حي داخل الرحم Viability - تحديد عمر الجنين Dating Scan - تحديد وجود التوائم وتصنيفهم
* المرحلة الثانية: وتجرى بعد الأسبوع 11 و18، ويتم فيها قياس حجم جزء محدد من جسم الجنين يقع تحت جلد الجهة الخلفية للرقبة، حيث ان ازدياد هذا الحجم قد يشير إلى وجود خلل في الكروموسومات مثل متلازمة داون، أو إلى وجود عيب خلقي (مرض خلقي في القلب) أو إلى وجود عيوب أخري .
* المرحلة الثالثة: وتجرى ما بين الأسبوع 18 و22، ويتم فيها إجراء نوعين من الفحص بالموجات فوق الصوتية، هما:
- النوع الأول: الأشعة التفصيلية Detailed Anatomical Scan and Genetic Ultrasound، وهي فحص دقيق لأعضاء الجنين للتأكد من سلامة الجنين وعدم وجود تشوهات خلقية أساسية والتي يترتب عليها إجراءات معينة تساعدنا على التشخيص والعلاج المبكر أثناء الحمل والإجراءات اللازم ترتيبها قبل الولادة لسلامة الجنين والتي تتضمن تحديد الوقت والمكان المناسبين للولادة. كما يتم في هذه الفترة فحص طول عنق الرحم للكشف عن احتمالية الولادة المبكرة.
- النوع الثاني: الأشعة التفصيلية لقلب الجنين Fetal Echocardiography ونعني بالاشعة التفصيلية لقلب الجنين عمل أشعة صوتية لتوضيح تفاصيل قلب الجنين. ويفحص اختصاصي النساء والولادة قلب الجنين بصورة سريعة اثناء عمل اشعة صوتية للجنين بصفة عامة. ولكن اختصاصي قلب الأجنة يقوم بفحص قلب الجنين بصورة أكثر تفصيلا، وهو فحص دقيق لقلب الجنين يتم فيه فحص أداء القلب والصمامات والشرايين والأوردة المتصلة بالقلب واستبعاد وجود ثقب كبير في الحاجز بين البطين الأيمن والأيسر.
حالات الفحص بالاشعة التفصيلية
* وهنا قد يتساءل القارئ: هل يجب عمل اشعة صوتية تفصيلية لقلب الجنين لكل امرأة حامل؟ تجيب البروفيسورة ريما البدر أنه ليس من الضروري عمل اشعة صوتية تفصيلية لقلب الجنين اثناء الحمل إلا فى الحالات التالية:
-وجود اقرباء لديهم تشوهات خلقية في القلب مثلا: الأم او الأب او الاخوة الآخرين للجنين.
-عدم انتظام ضربات قلب الجنين.
-الاشتباه في وجود تشوهات في القلب اثناء الفحص الروتيني للجنين اثناء الحمل.
-وجود تشوه خلقي في أي من اعضاء الجنين الأخرى مثل المخ أو الكلى أو الأمعاء.
-الأم الحامل التي تعاني من داء السكري.
-الاشتباه فى وجود خلل في الكروموسومات مثل متلازمة داون، أو في وجود عيب خلقي (مرض خلقي في القلب) أو في وجود عيوب أخرى.
طريقة الفحص
* الفحص يتم من خلال بطن الأم في الفترة ما بين الأسبوع 16 و38، ففي هذه المرحلة نحتاج إلى إجراء هذين النوعين من الفحص بالموجات فوق الصوتية.
ويمكن عمل الفحص من خلال اشعة تلفزيونية مهبلية في الفترة ما بين الأسبوع 13 و16 وعادة يستغرق الفحص مدة تتراوح من 30 إلى 45 دقيقة.
هل هناك اى ضرر على الجنين او ألم من جراء هذا الفحص؟ لا توجد اى اضرار من اجراء الأشعة الصوتية سواء للأم او للجنين. وتؤكد البروفيسورة ريما البدر أن الفحص بالأمواج فوق الصوتية سليم لكل من الأم والجنين لأن هذا النوع من الفحص لا يحتوي على إشعاعات مؤينة ضارة مثل أشعة إكس x التقليدية.
التشخيص المبكر للتشوهات
* ماذا يعني التشخيص المبكر للتشوهات الخلقية في قلب الجنين؟ ان التشخيص المبكر لهذه العيوب الخلقية في القلب يعتبر ذا أهمية كبيرة وذلك لأن البعض منها يستدعي الولادة في مستشفيات تتوفر فيها خبرات وتجهيزات خاصة للتشخيص والعلاج في الساعات أو الأيام الأولى بعد الولادة. ولأول مرة في المملكة العريية السعودية يتم علاج الجنين في داخل الرحم بهذه الوسيلة، وهو المركز الوحيد الذي يقوم بها لأول مرة في العالم العربي <