«نعم لأبو تريكة.. لا لدروغبا».. شعار لتزويج الشباب بأقل التكاليف

ترفعه أحدث حملة في صعيد مصر

المبادرة استطاعت أن تزوج حتى اليوم 35 شابا وفتاة من أبناء القرية فضلا عن عشرات الزيجات المنتظرة («الشرق الأوسط»)
TT

«نعم لأبو تريكة.. لا لدروغبا».. هكذا، وبعيدا عن البساط الأخضر دخل أشهر لاعبين كرويين في أفريقيا منافسة من نوع آخر، يحتدم وطيسها كل يوم تحت مظلة شعار ترفعه جمعية تنمية المجتمع في صعيد مصر، وتحديدا في قرية «كوم الضبع» بمحافظة قنا للحد من ارتفاع تكاليف الزواج والتي أصبحت تجهض الكثير من أحلام الشباب والشابات، وتتسبب بشكل أساسي في تأخر سن الزواج، وتaطلق شبح العنوسة في كل بيت.. المبادرة التي أطلقتها الجمعية جاءت من خلال كبار رجال القرية وعمدتها لوضع خطة تهدف للحد من ارتفاع معدلات تأخر سن الزواج وحماية شباب وشابات القرية من العنوسة، كما يقول فتحي حمد الله، عضو مجلس إدارة الجمعية، أحد المشرفين على إطلاق الحملة.

ويضيف «كان اختيار لاعب الكرة الشهير محمد أبو تريكة مرتبطا بحب الشباب له وكونه قدوة للكثيرين في التدين والنجاح معا. فأبو تريكة ارتبط أكثر بالشباب في الصعيد، خاصة مع فوز مصر بكأس الأمم الأفريقية الأخيرة، وكيف كان كلما يحرز هدفا يسجد لله شكراً، وهذا يعني أنه متواضع لله سبحانه وتعالى وينسب الفضل له في كل شيء. من هنا جاء إطلاق الحملة، وهي تحمل اسمه لتحفيز الشباب والشابات في الصعيد على الزواج بأقل التكاليف المادية الممكنة طلبا للعفاف وإكمال نصف الدين». في المقابل، وضعنا أيضا قائمة لاعب كوت ديفوار الشهير دروغبا للزواج وهي القائمة الباهظة التكاليف، والتي بها مغالاة في كل شيء يخص إتمام مشروع الزواج، وذلك للتنفير من المغالاة والتعالي في إكمال نصف الدين، فدروغبا مشهور عنه انه شخصية مغرورة ومتعالية على جمهورها، لذا جاء شعار الحملة «نعم لأبو تريكة.. لا لدروغبا»!! أما عن كيفية أحكام تفاصيل الزواج ومستلزماته الكثيرة في مبلغ الخمسة آلاف جنيه، فيقول فتحي: إن الخمسة آلاف جنية تخص الزوج ومثلها لأهل الزوجة، ومن خلالها يتم إرشاد أهل العروسين لشراء أهم المستلزمات بأقل التكاليف من خلال أماكن معينة تساهم معنا في المبادرة، إلا أن أهم مورد يستنزف أي زيجة هو الشبكة، ولكن في مشروعنا الإنساني نكتفي بدبلة وخاتم للعروس ودبلة للعريس والتي لا تتعدى 1500 جنيه. أما باقي الأشياء، فهناك محل أثاث مثلا اختار أن يطلق على نفسه «موبيليات أبو تريكة»، يقدم للعروسين الأثاث بأسعار بسيطة، فمثلا غرفة النوم لا تتكلف أكثر من 2000 جنيه، والانتريه من 80 جنيها إلى 500 جنيه. والعروس تشتري الأواني المنزلية في حدود 1000 جنيه أيضا، وملابس لها في حدود 800 جنيه، وهكذا يتم حساب إجمالي تكاليف الزواج في هذه الحدود». وعن سؤال يتعلق بالأجهزة الكهربائية التي في الغالب تكلف وحدها ما يفوق 10000 جنيه، يقول فتحي: «إن العديدَ من العرائس يعشن مع أزواجهن في بيت العائلة، وهذا أمر يعتبر من أعرافنا في الصعيد، لقد تعودنا أن تسكن الفتاة مع أهل زوجها في المنزل والذي غالبا ما يكون متسعا وفيه مكان مخصص لكل ابن في العائلة. وهنا لا يعقل أن يشتري كل ابن مثلا ثلاجة وتلفزيونا وبوتاغازا، لأن الجميع يشترك في استخدام هذه الأشياء، وقد تزيد بعض الكماليات للعروس الجديدة في مكان إقامتها في منزل العائلة. أما حفل الزفاف، فيتم الاكتفاء فيه بالمشروبات والحلوى توفيرا للنفقات. ويقام في أحد مراكز الشباب أو منزل العروس أو العريس. ويؤكد فتحي أن قلة مبلغ الزواج ليس معناه أن الفتاة تم التفريط في حقها، حيث يقوم العريس بكتابة «قائمة منقولات» يسجل بها مقدما يبلغ نحو 10 آلاف جنيه ومؤخر صداق مثلها.

لم تسلم هذه الحملة من العديد من العقبات، أهمها أنها تعمل على تغيير عادات وثقافات معينة في الزواج في الصعيد، وهذا أمر ليس سهلا خاصة أن المرأة الصعيدية عنيدة وصعبة المِراس، وهي التي تتحكم في كل قرارات الأسرة في الصعيد.. يقول فتحي: «لذلك واجهنا العديد من المواقف الرافضة لنا من قبل بعض الأسر والتي رفضت أن تتزوج بناتها بهذه التكاليف القليلة، من دون التباهي أمام الأهل بحجم التكاليف التي قدرت بها زيجة ابنتها، بل إن في الصعيد بعض العادات التي لا زالت تتحكم في الزيجة ككل، مثل الأموال التي يدفعها العريس لأهل العروس وتسمى (تربية) ولا تقل عن 20 إلى 50 ألف جنيه مصري، تدفع لأهل العروس تقديرا من العريس لهم على أنهم أحسنوا تربية ابنتهم إلى أن أصبحت عروساً، كما أن المغالاة في شراء الذهب بكميات كبيرة عادة من عادات الصعيد، وهذه أشياء أفشلت بعض الزيجات فعلا بسبب عدم قدرة البعض على تقبل فكرة الزواج بتكاليف قليلة» كما يقول فتحي.

ويشير عضو مجلس الإدارة لجمعية تنمية المجتمع بكوم الضبع إلى أن العنوسة لم تعد تقتصر على بنات وشباب القاهرة دون الصعيد. «كان ذلك في الماضي حيث كان الكل يتزوج في سن مبكرة لعدم وجود التعليم. أما اليوم فالبنات في الصعيد لديهن قدر كبير من التعليم والبعض منهن يكمل الماجستير والدكتوراه، وأصبح سن الزواج يتأخر لمنتصف العشرينات وربما الثلاثينات أيضا، وهذا أمر كان لا بد من التصدي له من خلال عمل مجتمعي يهدف لمساعدة هؤلاء الشباب على إتمام الزيجات بالرغم قلة التكاليف»، مضيفا: «للأسف اكتشفنا في بعض القرى المجاورة لنا حالات زواج عرفي، وهذا أمر غريب تماما على مجتمعنا في الصعيد ولكن قلة التكاليف المادية والانفتاح الكبير الذي يعيشه الشباب من خلال أجهزة الدش والجوال والخروج إلى العالم الخارجي، جعل الأمر يتطور بشكل سريع لأمور لم تكن موجودة يوما في قرانا الصغيرة». وعلى الرغم من الهدف النبيل للمبادرة التي استطاعت أن تزوج حتى اليوم 35 شابا وفتاة من أبناء القرية فضلا عن عشرات الزيجات المنتظرة، إلا أن أبو تريكة لم يستجب لنداءات أهل القرية والقائمين على الجمعية في دعم هذه المبادرة التي أطلقت باسمه كونه قدوة لشباب القرية، فيقول فتحي: لقد حاولنا الوصول أكثر من مرة لأبو تريكة ووجهنا له الدعوة من خلال أكثر من صحافي رياضي من أبناء القرية، والذين قاموا بمحادثته في الهاتف، وطلبوا منه الحضور لمباركة هذه المبادرة، إلا أنه لم يحضر ولو مرة واحدة».