نائب رئيس الوزراء العراقي يحذر من محاولات «خبيثة» تمهد لتناحر عربي ـ كردي

صالح: عسكرة المجتمع ظاهرة خطرة.. وعديد عناصرنا الأمنية تجاوز المليون

TT

حذر نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح أمس، من «محاولات خبيثة وخطرة» لتحويل الصراع السياسي القائم في بغداد حول الملفات السياسية والاقتصادية الشائكة الى «تناحر» عربي كردي.

وقال صالح، «هناك محاولات خبيثة وخطرة من اجل تحويل الصراع السياسي في بغداد، حول العديد من المسائل والملفات الشائكة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، الى تناحر بين العرب والاكراد».

يشار الى وجود خلافات حادة بين بغداد والاكراد، خصوصا حول ملفات النفط وكركوك والمناطق المتنازع عليها.

واضاف صالح، لوكالة الصحافة الفرنسية، «لقد اثبت النظام المركزي فشله ليس في كردستان فقط، انما ايضا في الانبار وميسان وصلاح الدين وغيرها». وحذر من «العودة الى الاوضاع السابقة»، متسائلا «هل نتجه حاليا الى عسكرة المجتمع واقامة نظام أمني؟ إنها ظاهرة خطرة (...) فعديد الشرطة والجيش يفوق المليون».

الا ان صالح سرعان ما استدرك قائلا، «من الضروري تشكيل جيش وطني قادر على الدفاع عن البلد، لكن اذا لم نكن حذرين فقد يحدث ما لا تحمد عقباه (...) لقد بدأوا بالاكراد عام 1963 وانتهوا الى كل شرائح المجتمع»، في اشارة الى سيطرة البعث على الجيش.

واضاف صالح ان «للاكراد مصلحة اساسية في نجاح المشروع الديمقراطي، لا نريد ان نكون درجة ثانية، لم يتم قبولنا اعتبارا من عام 1963، مع مشاركة حزب البعث في السلطة، كجزء فاعل بل نظر الينا كعنصر دخيل ومواطنين درجة ثانية». وتابع ان «البعض يريد حصرنا في جبال كردستان (...) هناك بعض الاكراد المتمسكين بالمشروع الانعزالي الكردي، لكن القيادات الكردية ترفض ذلك وتريد التفاعل مع الاخرين، فالعراق مهم جدا بالنسبة لنا بجميع مناطقه».

واكد صالح «نحن معنيون بالقرار السياسي والاقتصادي العراقي، ويهمنا كثيرا ما يجري في البصرة او الانبار، وغيرها من المحافظات، هناك جهات تختار من الدستور ما يهمها فقط. هذا امر مرفوض، لا توجد انتقائية في الدستور».

وشدد نائب رئيس الوزراء على «رفض تحويل الخلافات السياسية الى صراع عربي كردي، فالقيادات العربية والكردية واعية جدا لهذا الامر». وقال «هناك خلافات حقيقة داخل الاحزاب الكردية والعربية حول طريقة الحكم، وهناك جوامع مشتركة بين احزاب عربية وكردية (...) لقد اقررنا مشروعا اتحاديا ديمقراطيا وليس لوحدنا فقط». واعتبر صالح ان «جوهر القضايا الخلافية ليس متعلقا بالاكراد فقط (...) فقد بلغ حجم الاستثمارات في قطاع النفط ثمانية مليارات دولار، خلال ثلاثة اعوام، وما يزال التصدير يتراوح عند مليون و800 الف برميل يوميا، بدلا من ثلاثة ملايين برميل».

ويملك العراق احتياطيا نفطيا مقدرا بـ115 مليار برميل، ما يجعله في المرتبة الثالثة عالميا بعد السعودية وايران. وابان ثمانينات القرن الماضي، كان العراق يصدر 4.3 مليون برميل يوميا، لكن الرقم تراجع الى اقل من ثلاثة ملايين برميل يوميا قبيل الاجتياح ربيع عام 2003.

واضاف صالح «هناك خلافات داخل الحكومة حول كيفية ادارة الكثير من الملفات السياسية والاقتصادية، مثل مسألة كركوك او المناطق المتنازع عليها، وقانون النفط والغاز وغيرها». واكد ان «هذه هي الاستحقاقات الحقيقية، والعام المقبل يشكل مرحلة مهمة من حيث استقرار العراق». محذرا من ان «تجاهلها سيرتد علينا سلبا، كنا منشغلين بالاوضاع الامنية، التي احتلت اولوية قصوى خلال عام 2008 وقد تحسنت بشكل كبير».

وتابع صالح، «لكن يجب الالتفات الى الملفات السياسية التي تنتظر الحسم، فالمشاكل تفاقمت وما يجعل الموضوع اكثر صعوبة هو ان عام 2009 سيشهد انتخابات محلية وتشريعية». ومن المتوقع ان تجري انتخابات مجالس 14 محافظة من اصل 18 في 31 يناير (كانون الثاني) المقبل، على ان تجري الانتخابات التشريعية الخريف المقبل.

وقال صالح «قد لا نتمكن من حل جميع المشاكل خلال العام المقبل، لكن يجب ان يكون هناك حراك جدي، وإلا فان ما حققناه امنيا سيرتد علينا (...) لا يمكن انتظار موضوع كركوك طويلا، فهو حساس، كما لا يمكن الرهان على ادامة الوضع الحالي». لكنه اكد رغم ذلك ان «قوميات المدينة اختارت التعايش، ورفضت الانجرار الى الخلافات. وكل مكوناتها مقتنعة بأن لا حل الا بالتراضي والتفاهم».

كما وصف صالح المحاصصة الطائفية والقومية بانها «كارثة فهي تلزم الحكومة بالكثير ممن تنعدم فيهم الكفاءات لخدمة البلد، لكن في النظام البرلماني توازنات مبنية على المحاصصة، نأمل ان تشكل الانتخابات المقبلة فرصة للتخلص منها». وقال «في العراق خياران لا ثالث لهما، فإما الحكم المركزي الذي جسده النظام السابق بابشع صوره، او التوافق الوطني والمشاركة في الحكم (...)، للأسف تم استخدام المحاصصة في الترويج لمشاريع تدميرية».