لا ننسى المؤسسات الخاصة

سعود الأحمد

TT

مع هذه الأزمة المالية العالمية... أود أن أُذكر بأن كل التنظيمات والإجراءات الرقابية من الجهات التنفيذية والتشريعية.. منصبة على الشركات المساهمة، وبالأخص القطاع المصرفي (كونه الأكثر حساسية). في وقت وظرف يستلزم توسيع المدارك ليشمل اهتمامنا بكل ما يؤثر على مقدرات الاقتصاد الوطني بصفة عامة. فواقع الحال يؤكد أن لدينا من المنشآت الفردية من الشركات ذات المسؤولية المحدودة وشركات التضامن (وغيرها) من الضخامة والأهمية بمكان. لدرجة يمكن الجزم بأن الواحدة منها تعادل في تأثيرها على اقتصادنا الوطني، ما يفوق (في مجموعه) عشرات الشركات المساهمة. وبشيء من التحديد أكثر، فإن لدينا من التجار الأفراد من له نشاطات تجارية متعددة في داخل البلاد وخارجها، ما يفوق النقد المتداول في سوق الأسهم السعودية على سبيل المثال. وليس هذا تدخلا في الشؤون الخاصة لأحد، لكن هؤلاء الأشخاص لا نسمع عنهم إلا ما يريدونه أن يُعلن عنهم بأنهم أصحاب مؤسسات فردية أو شركاء بشركات تضامن أو ذات مسؤولية محدودة. وربما تكون لهم مشاركات رمزية ببعض الشركات المساهمة (بقدر مصلحتهم الشخصية الآنية فيها!). هؤلاء الأفراد لو نظرنا لحجم ثرواتهم وما يملكونه من المؤسسات والشركات على اختلاف أحجامها ونشاطاتها، وكم عليهم من ديون والتزامات تجارية وقروض مصرفية محلية وأجنبية وحجم السيولة التي يستطيعون تحريكها بالسوق المحلية، وحجم وارداتهم وصادراتهم… وتأملنا حجم تأثيرها على الاقتصاد الوطني، عند ذلك ندرك أهمية عدالة تمثيل قوائمهم المالية لأوضاعهم المالية الحقيقية. وتبين لنا كيف أن تقنين مستوى الشفافية المطلوبة، أمر تفرضه المصلحة العامة. بل أنه وحتى من الناحية الاجتماعية، لو نظرنا إلى عدد الموظفين (المواطنين والمقيمين) الذين يعملون معهم. وأنه في حالة اهتزاز مراكزهم المالية، أو إفلاسهم (لا قدر الله) وتصفية نشاطاتهم، فإن ذلك يعني كارثة اجتماعية ربما تطال عشرات الآلاف من موظفيهم وأسرهم، ناهيك أن بعض رجال الأعمال لديه من التعاملات التي تُحرك نشاطات بنوك تجارية معروفة والبعض من رجال الأعمال، من يملك نسبة كبيرة من البنوك التجارية. أضف إلى ذلك أن الشركات الفردية بحاجة أكثر من غيرها لعدالة تمثيل القوائم المالية، في حالات مثل وفاة أو انفصال أحد الشركاء وعند تقديم القوائم المالية للبنوك للحصول على قروض تجارية، أو عند حسابها للوعاء الزكوي والضريبي وغير ذلك كثير... لكننا كنا ولا زلنا (مع الأسف) نُركز فقط على رقابتنا على الشركات المساهمة! والغريب في الأمر، انه إذا جاء الحديث عن القوائم المالية للمؤسسات الفردية في المحافل والمناسبات؛ يطلق البعض مفاهيم عبارات غريبة ترى ظاهرها مقبولا وجوهرها لا يقبله عقل!.. مثل عبارة أن التاجر حر في حساباته، فنحن لا نعترض على الحرية الشخصية للتاجر، إلا إذا كانت تمس المصلحة العامة. وفي الختام... أود التذكير بأنني لست (هنا) بصدد تتبع مفردات مقالات وآراء بعض رجال الأعمال، لكنه حديث عن فكرة فيها مصلحة عامة أرجو ألا نختلف عليها. علماً بأن المؤسسات الفردية مطالبة بالشفافية فيما يصدر عنها من قوائم مالية في تقاريرها السنوية والجزئية، تطبيقاً للمعايير والأعراف المحاسبية.

* كاتب ومحلل مالي [email protected]