سائقو ليموزين سعوديون يخلعون «الثوب» طلبا للزبائن.. والنساء يهربن منهم حتى لا «يستمعوا» لما يدور بينهن

أكثر من 12 ألف سيارة أجرة فردية في مدينة جدة

سعوديون يعملون في نقل الركاب بمطار جدة («الشرق الأوسط»)
TT

* مدير الطرق: عدم التزام السائقين بالعدادات يعود إلى رغبة الركاب > غرفة جدة : سعودة القطاع تحتاج إلى عدم تمكين البعض من تحويل سياراتهم إلى «اجرة» بأسمائهم

* اضطر عبد الله العسيري لترك زوجته وأبنائه في مدينته جنوب السعودية والقدوم إلى جدة كي يعمل كسائق سيارة أجرة من أجل توفير لقمة عيش شريفة يعيش منها أفراد عائلته، خصوصا وأن «الليموزين» الذي استأجره من أحد أصدقائه يعد مصدر رزقه الوحيد في ظل عدم توفر وظائف لمن لا يحملون شهادات جامعية تخوّلهم الالتحاق بها.

وعلى الرغم مما يواجهه من مشاكل وصعوبات في تلك المهنة، غير أنه يستطيع أن يكسب من خلال سيارته تلك أكثر من 5000 ريال سعودي شهريا، الأمر الذي يجعله يتحمل ما يعيقه مقابل الحصول على المال، ويقول إن معظم النساء يتخوفن من الركوب مع السعوديين لعدة أسباب من أهمها عدم رغبتهن في معرفة السائق بما يدور بينهن من أحاديث، إضافة إلى اقتناعهن التام بأن السعودي قد يتمادى عليهن أو يؤذيهن.

ويضيف أن العمالة الوافدة ممن يعملون في المهنة نفسها يتعمدون تخفيض سعر المشاوير للزبائن في محاولة منهم للسيطرة على السوق «بحسب قوله»، لافتا إلى أن مضايقات بعض الشباب له أثناء القيادة تعرضه لمشاكل ومشاجرات كثيرة معهم، لا سيما وأنهم يستمتعون بمعاكسة الفتيات الراكبات في سيارات الأجرة بمفردهن.

ويتحتم على المواطن الذي يرغب في تحويل سيارته الخاصة إلى ليموزين أن يمتلك رخصة عمومية من قبل إدارة المرور، إضافة إلى تركيب العداد ودفع حوالي 1200 ريال سعودي مقابل ذلك و750 ريالا سعوديا للوحات السيارة، ليحصل في نهاية المطاف على سيارة الأجرة بعد 10 أيام من الإجراءات.

بينما اتخذ يحيى السويدي الموظف في إحدى الشركات الخاصة مهنة سائق أجرة كمصدر دخل إضافي، لا سيما وأنه يعمل عليها في المواسم وعطلة نهاية الأسبوع، باعتباره أحد طلاب المرحلة الثانوية بالنظام المسائي، ويقول حينما أرتدي الزي السعودي فإن إقبال الزبائن على سيارتي يقل، فيما أحقق مكاسب مالية أعلى عندما ألبس البنطلون، وذلك بسبب عزوف الكثير من السعوديين عن الركوب مع أبناء بلدهم في الليموزينات، نافيا فكرة اتخاذ الشباب السعودي لتلك المهنة من أجل التحرش بالنساء، خصوصا وأنه من غير المعقول أن يتكبد عناء الإجراءات المعقدة من أجل التعرف على الفتيات «على حد قوله».

وأشار إلى أنه واجه صعوبات قانونية ونظامية أثناء تحويل سيارته الخاصة إلى ليموزين، والتي تتضمن الرخصة العمومية والبصمات للتحقق من عدم تورطه بسوابق أو جرائم مخلّة بالشرف، إضافة إلى تحديد موعد مع وزارة النقل والمواصلات لاستكمال الإجراءات الأخرى ودفع رسوم اللوحات والعداد الذي لا يتم استخدامه إلا مع السائحين الأجانب، في حال رفض الزبائن داخل البلد لتشغيله على اعتبار أنه يسجل مبالغ أعلى مما يتم الاتفاق عليه شفهيا بحكم زحمة السير.

وأضاف: احرص دائما على التأكد من إقامات الأجانب الذين أوصلهم إلى مناطق خارج مدينة جدة، وذلك من خلال تدوين بياناتهم الشخصية في مكتب الترحيل قبل إيصالهم، حرصا مني على عدم تعرضي لأي مخالفة أو أذى، مفيدا بأن مخالفة عدم تشغيل المصباح الموجود في أعلى سقف سيارة الأجرة تصل إلى 500 ريال سعودي. وتتباين آراء النساء حول تفضيلهن الركوب في سيارات أجرة يقودها سعوديون، إذ في الوقت الذي تحرص فيه آلاء عبد المجيد فيه على الركوب مع أبناء بلدها باعتبارهم أولى من الغريب في كسب المال، تتجنب شقيقتها مشاعل ذلك لأنها لا تثق بهم، خاصة أنها تخشى من عمليات الاختطاف والاغتصاب التي ترى بأن العمالة الوافدة لا تتجرأ على القيام بها «على حد قولها». وأكد الرائد زيد الحمزي مدير العلاقات العامة في المرور بمنطقة مكة المكرمة على أن المشاكل الناتجة من سيارات الأجرة تحل بطريقة واحدة مع سائقيها سواء كانوا أجانب أو سعوديين من دون تفرقة ولا تمييز وفق الأنظمة المتعلقة بالمخالفات المرورية وإجراءاتها المعتمدة.

وقال لـ «الشرق الأوسط» تتمثل مسؤولية المرور تجاه استخراج سيارة أجرة للسعوديين في استصدار رخصة عمومية، بينما تستكمل الإجراءات الأخرى في وزارة النقل والمواصلات، مشددا على أن ضبط السائقين الذين يعملون بسياراتهم الخاصة على نقل الركاب ينتج عنه احتجاز السيارة وتغريم سائقها بغرامة مالية تبلغ 300 ريال سعودي.

من جهته كشف المهندس مفرح الزهراني مدير الطرق والمواصلات في منطقة مكة المكرمة عن وجود اكثر من 12 ألف سيارة أجرة فردية في مدينة جدة.

وأرجع سبب عدم التزام سائقي سيارات الأجرة بتسعيرة العدادات إلى رغبة الركاب أنفسهم الذين يرفضون التعامل مع هذا النظام.

وقال في حديث لـ «الشرق الأوسط»: «إن عدم وجود العداد في سيارة الأجرة يعرض سائقها للمخالفة، خصوصا أن هناك لجانا متخصصة في وزارة النقل والمواصلات مهمتها التأكد من سلامة العداد»، لافتا إلى أن العدادات تتم معايرتها سنويا باعتبارها شرطا أساسيا لمنح تراخيص العمل بـ «الليموزينات».

وأضاف لا تمنح تراخيص سيارات الأجرة للشركات إلا في حال امتلاكها للحد الأدنى من عدد السيارات والبالغ 50 سيارة، إضافة إلى ضرورة تحقق السعودة بنسبة 100 في المائة.

وأكد عبد الهادي القحطاني رئيس لجنة سيارات الأجرة في الغرفة التجارية الصناعية بجدة أن وزارة النقل والمواصلات فتحت مجالا لعمل المخالفين من قبل شركات الأجرة التي يمتلكها الأجانب بأسماء سعوديين والتي يطلق عليها اسم «السعودة الوهمية».

وقال لـ «الشرق الأوسط» من المستحيل سعودة قطاع النقل والمواصلات في ظل عدم وجود سائقين سعوديين، لا سيما وأن باستطاعتهم امتلاك سيارات خاصة، مبينا أن شركات النقل تعاني من مشكلة ندرة عدد المواطنين العاملين في مهنة القيادة، إضافة إلى أن معظم سيارات الأجرة الفردية لا تعمل، خصوصا وأن عملها يعتمد على مزاجية سائقها.

وذكر رئيس اللجنة أن نظام تحديد المواقع لا يخدم سيارات الليموزين بالشكل الصحيح، باعتبار أنها تحتاج إلى مركز للتتبع مثلما هو مطبق في عدد من الدول العربية والخليجية، والذي يعمل على معرفة حالة السيارة من ناحية امتلائها أو خلوها من الركاب، الأمر الذي يحد من تجوالها دون فائدة. وأضاف لم تفعل أنظمة العدادات في سيارات الأجرة بسبب عدم وجود مركز تحكم لها، إذ من المفترض وجود مركز لمعرفة وضع الليموزينات، والذي يضمن سهولة وصول السائق إلى الزبائن بسهولة، موضحا أن وزارة النقل والمواصلات لا تزال تدرس تطبيق هذا النظام.

وبيّن عبد الهادي القحطاني أن اللجنة رفعت مقترح دمج شركات الأجرة والسيارات الفردية في شركة واحدة تتبناها الغرفة التجارية، غير أنه قوبل بالرفض من قبل الوزارة بحجة النظام الذي ينص على السعودة والابتعاد عن الاحتكار، مرجعا سبب المعوقات التي تواجه اللجنة إلى الوزارة نفسها.