الرئيس الصومالي يعلن استقالته.. والإسلاميون يودّعونه بقصف قصره في مقديشو

موجة نزوح جماعية من مقرات السلطة الانتقالية.. وعمدة مقديشو يستبعد سيطرة الإسلاميين

الرئيس الصومالي السابق عبد الله يوسف يصافح جنود قوات اقليمية لدى وصوله الى منطقة قروة في بونتلاند بعد وقت قليل من اعلانه استقالته (أ.ب)
TT

أعلن الرئيس الصومالي عبد الله يوسف أمس استقالته أمام البرلمان في مدينة بيدوا (جنوب) مقر السلطة الانتقالية، قبل نحو تسعة أشهر من اكتمال فترة رئاسته الأولى، وعاد أمس إلى مسقط رأسه في إقليم بونت لاند الذي يتمتع بالحكم الذاتي شمال شرقي الصومال، وودعته الحركات الاسلامية المسلحة، بقصف قصره في مقديشو العاصمة بالصواريخ. وهو أول رئيس صومالي يغادر منصبه سلميا، وعبر استقالة.

وفي خطاب مقتضب ألقاه أمام البرلمان قال يوسف إنه استقال بسبب ضغوط خارجية وداخلية كبيرة، مشيرا الى انه ناضل فترة طويلة لإحلال السلام في الصومال. وقال ان من بين انجازاته طرد اتحاد المحاكم الإسلامية من العاصمة وجنوب البلاد، وتعيين رئيس وزراء من خارج البرلمان، وتهيئة الأوضاع لتحقيق سلام شامل في البلاد. ناصحا النواب بالتوحد والعمل معا من أجل مصلحة البلاد والشعب، وتجاوز الخلافات بينهم. وغادر يوسف قاعة البرلمان متوجها بطائرة خاصة الى مسقط رأسه في جروي عاصمة إقليم ولاية بونت، وهناك استقبله أبناء عشيرته. وكان يوسف يشغل منصب حاكم ولاية بونت منذ إنشائها عام 1998 حتى أكتوبر (تشرين الاول) 2004 عندما اختير رئيسا للصومال.

وتنتقل الرئاسة تلقائيا وبشكل مؤقت الي رئيس البرلمان الصومالي الشيخ «آدم مدوبي» لفترة 30 يوما يقوم البرلمان خلالها بانتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا للرئيس يوسف المستقيل. ويتوقع مسؤولو الاتحاد الأفريقي أن تمهد هذه الاستقالة الطريق لتشكيل حكومة جديدة. ووصف احمد ولد عبد الله المبعوث الأممي للصومال قرار يوسف بالتاريخي والشجاع، مشيرا الى انه أول رئيس في تاريخ الصومال الحديث يقرر طواعية التخلي عن موقعه، ويغادره بطريقة سلمية، داعيا كل الصوماليين إلى الوحدة حفاظا على مستقبل البلاد.

وقال مقربون من يوسف لـ«الشرق الأوسط» إنه فضل الرجوع إلى مسقط رأسه على الفور بعد التنحي عن منصبه خوفا على حياته، فيما بدأت عملية نزوح جماعية لكبار مسؤولي السلطة الانتقالية وأعضاء في البرلمان من مدينتي بيداوة ومقديشو إلى مناطق أخرى إيثارا للسلامة بعد المؤشرات التي تؤكد أن أعمال عنف واسعة النطاق قد تقع رحاها في شوارع المدينتين بعد استقالة يوسف. ووصف حسين حسباردي الناطق الرسمي باسم الرئيس الصومالي المستقيل ان الوضع الراهن في البلاد بأنه خطير للغاية وقد يتدهور في أي لحظة.

وفشل الرئيس السابق في الحصول على دعم كل من البرلمان ودول الجوار، والولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي، في الخلاف الذي نشب بينه وبين رئيس وزرائه نور حسين عدي، حيث رفض البرلمان قرار الرئيس بإقالة عدي ثم هددت دول منظمة إيقاد بشرق أفريقيا بمقاطعة الرئيس وفرض عقوبات عليه وعلى عائلته وتجميد أمواله، اذا لم يعد عدي الى موقعه. فيما يسعى أكثر من 100 من النواب الصوماليين تقديم مشروع لحجب الثقة عنه تمهيدا لعزله، لكن يوسف استبق كل ذلك بالإعلان استقالته امس. وتمت جلسة البرلمان التي انفضت بعد إلقاء خطاب الرئيس بشكل هادئ.

وعقب سماع نبأ استقالة الرئيس تعرض القصر الرئاسي في العاصمة لهجوم بقذائف الهاون من قبل فصائل اسلامية مناوئة له، ردت عليه القوات الحكومية بقصف مماثل. وتعرض سوق البكارو (أكبر اسواق مقديشو) لقصف عنيف، كما انفجرت اشتباكات بين القوات الإثيوبية والمقاتلين الإسلاميين في شمال العاصمة ولقي 7 أشخاص مصرعهم وأصيب نحو 10 آخرين. وتعرضت منطقة «هوري وا» لقصف مدفعي إثيوبي وجاء هذا القصف بعد أن تجمع بعض سكان المنطقة لمشاهدة مواقع قيل إن الجيش الإثيوبي أخلاها بالقرب من شارع الصناعة بشمال غربي مقديشو، ثم قامت القوات الإثيوبية باطلاق النار على المتفرجين، وتلا ذلك اشتباكات قصيرة بين قوات إثيوبية ومقاتلين إسلاميين، وبعدها قصفت القوات الإثيوبية المنطقة بشكل عشوائي .

وفي هذه الاثناء أجلى أقرباء الرئيس وضباط الحرس الرئاسي، عائلاتهم من العاصمة مقديشو الى ولاية بونت تحسبا لأعمال انتقام ضدهم بعد استقالة الرئيس وانسحاب القوات الإثيوبية. وتم نقل نحو 120 فردا من عائلات المسؤولين المقربين من الرئيس امس بطائرة خاصة من مطار العاصمة الى مدينة جالكعيو بولاية بونت. ومن المتوقع أن تشهد بيداوا أيضا عمليات إجلاء مماثلة. كما غادر عدد من نواب البرلمان الصومالي وخاصة النواب المتحدرين من ولاية بونت، والمقربين من الرئيس يوسف، وهم نحو 27 نائبا من بيدوا، حيث أقلتهم طائرة خاصة إلى مدينة جالعكيو. واجتمع هؤلاء النواب قبيل مغادرتهم مع الرئيس يوسف في مقره في بيدوا، وبرروا مغادرتهم بتدهور الأوضاع الأمنية، وأن البرلمان أصبح فوضويا .

من جهته قال محمد عثمان دحتحور، عمدة العاصمة مقديشو لـ«الشرق الأوسط» إن أعضاء من حركة الشباب هاجموا مقرا للقوات الإثيوبية في المدينة لكنه اشار في المقابل الى صعوبة السيطرة على المدينة من قبل الشباب. ولفت الشويمي إلى أن استقالة الرئيس الانتقالي ستؤدي إلى بعض الاضطرابات من جانب معارضيه، مشيرا إلى أنه جرى إطلاق نار على القصر الرئاسي في العاصمة مقديشو على الرغم من عدم وجود الرئيس بداخله.