صواريخ إسرائيل تلاحق أهالي غزة في منازلهم ومساجدهم

أسرة بلعوشة في جباليا تفقد 5 من صغارها والعبسي برفح 3 من أطفالها

TT

لم يكن الليلة قبل الماضية هناك ما يدعو العائلات في حي يبنا في مخيم رفح للاجئين للقلق بشكل خاص، حيث أن رائد العطار، أحد أبرز قادة كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري الذي يقطن في الحي، أخلى منزله حتى قبل أن تشرع إسرائيل في حملتها على القطاع، وبالتالي لم تشعر هذه العائلات بأن هناك ما يستدعي الخوف من قيام سلاح الطيران الإسرائيلي بقصف منزل العطار الذي يعتبر أبرز المطلوبين للجيش الاسرائيلي، فتتضرر بقية المنازل. ولم تلق عائلة العبسي التي تقطن بجوار منزل العطار تماماً بالاً لصوت الطائرات الإسرائيلية النفاثة التي تخرق حجاب الصوت بصوتها الهادر، وأخلدت ربة الأسرة وأولادها الثلاثة للنوم، بينما كان رب المنزل يسهر لدى احد الجيران. وفي تمام الساعة الواحدة فجراً فإذا بطائرة اسرائيلية نفاثة من طراز أف ستة عشر تطلق صاروخين على منزل العطار الذي تم اخلاؤه فينهار، وينهار معه 15 منزلاً آخر، بعضها بشكل كامل وبعضها بشكل جزئي، ومن بينها منزل عائلة العبسي. وما جعل هذه المنازل تنهار على هذا النحو هو حقيقة أن أسقف جميعها من الأسبست، باستثناء بعض المنازل التي سقفها من الاسمنت المسلح، وضمنها منزل العطار. هب المئات من الأهالي في المخيم لإنقاذ الناس الذين انهارت منازلهم، فعثروا في البداية على 15 جريحا، وعندما وصلوا منزل العبسي وجدوا أن أطفال العائلة الثلاثة قتلوا في حين اصيبت امهم بجراح بالغة. لم يقتل الثلاثة من سقف منزلهم، بل من تطاير جزء من سقف منزل العطار على غرفة نومهم وأمهم، فقتلوا على الفور. كانت هناك جثة الرضيع صدقي، عامان، والطفلان محمد، 13 عاماً، وناصر، 11 عاماً. المساجد التي ترمز للأمن والأمان لم تعد تعني ذلك بالنسبة لكثير من الفلسطينيين، بسبب تعمد سلاح الجو الإسرائيلي استهدافها، مع كل ما يترتب بعد ذلك من قتل ودمار للمصلين وللأهالي الذين يقطنون في المنازل المتاخمة لهذه المساجد.

في أقصى شمال القطاع كانت عائلة فلسطينية أخرى على موعد مع الموت من حيث لا تنتظر. فلم تدر عائلة بعلوشة أن حقيقة وجود منزلها بالقرب من مسجد عماد عقل، الذي يتوسط مخيم جباليا سيكون سبباً لإلحاق الموت بخمس من بنات هذه العائلة، لكن هذا ما قد حدث. ففي صباح أمس اقدمت الطائرات الحربية النفاثة على اطلاق عدة صواريخ على المسجد، فأنهار كما انهار منزل عائلة بعلوشة، وأخذ معه حياة خمسا من بنات هذه الاسرة. ورغم حجم الفاجعة، فقد كان من الممكن أن تكون أكبر وأشد وطأة، إذ أن بعض جارات العائلة كن موجودات في هذا المنزل قبيل القصف. واصبح استهداف منازل الفلسطينيين بشكل مباشر، إحدى سمات الحملة العسكرية التي تشنها اسرائيل على القطاع منذ يوم السبت الماضي. فقد قتل أحمد فياض الكادر في حركة حماس الليلة قبل الماضية عندما قصفت طائرات هليكوبتر العسكرية من طراز «أباتشي» منزله الكائن في قرية القرارة جنوب القطاع. ودمر منزل قيادي آخر من حماس في بلدة معا التي تقع شرق مدينة خان يونس، بعد أن أطلقت عليه الطائرات الإسرائيلية صواريخ هيل فاير، المدمرة والحارقة، لكنه وعائلته نجوا من الموت لأنهم أخلوا البيت منذ يومين. وفي مسجد الشفاء القريب من مستشفى دار الشفاء قتل شخصان كانا موجودان في المسجد بعد قصفه. وحتى الآن دمر سلاح الجو الإسرائيلي ستة مساجد. واسفرت عمليات القصف هذه عن مقتل عشرة اشخاص واصابة عشرين اخرين.