هل ينجح أوباما بالإقلاع عن التدخين بعد دخوله البيت الأبيض؟

يدخن أقل من 10 سجائر في اليوم وحاول الإقلاع عن العادة مرات عدة

TT

هل سيكون أحد قرارات الرئيس المنتخب باراك أوباما في العام الجديد الإقلاع عن التدخين نهائيا؟ الدعابات التي كان يطلقها أوباما خلال المقابلات العديدة التي أجراها حول التدخين، بينت أنه مثله مثل الكثيرين الذين يتعهدون بالإقلاع عن التدخين، لم يتمكنوا من الوفاء بهذا العهد بشكل كامل.

فقد أخبر أوباما توم بركاو، مذيع قناة «إن بي سي»، منذ عدة أسابيع بأنه توقف عن التدخين، لكنه يعود إليه في بعض الأحيان. الا انه وعد باتباع القواعد في البيت الأبيض التي تحظر التدخين في الداخل. لكن هل يعني هذا أنه سيتوقف حقا عن التدخين؟

فريق أوباما الانتقالي رفض الرد على أي أسئلة حول عادة التدخين لدى الرئيس المنتخب في الماضي والحاضر وجهوده في الإقلاع عنه. وقال الناشطون المناهضون للتدخين إنهم يرغبون في رؤيته وقد توقف عن التدخين ليقود الآخرين في محاربة تلك العادة، لكنه هو لم يتبن هذه القضية بعد.

الرئيس جيرالد فورد كان يشتهر بأنه أكثر الرؤساء ولعا بالتدخين. فقد كان يحب تدخين البايب، بينما جيمي كارتر وجورج بوش لم يكونا من المدخنين، في حين كان بيل كلينتون يحب شرب السيجار من حين لآخر، بالرغم من انه كان يمضغه أكثر من أن يدخنه.

أما أوباما، فان أقصى معدل تدخين لديه في اليوم، هو سبع أو ثماني سجائر، لكن المعدل المعتاد بالنسبة له هو ثلاثة سجائر، وذلك بحسب ما قال في المقابلة التي أجرتها معه مجلة صحة الرجل «منز هلث» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وفي بيان بعث به إلى المراسلين الصحافيين قبل الانتخابات، وصف طبيب أوباما عاداته في التدخين بأنها «متقطعة»، وقال إنه أقلع مرات عدة وأنه كان يستخدم علكة النيكوريت، وهو شكل آخر لاستبدال النيكوتين «أثبتت نجاحها»، فكثيرا ما كان أوباما يمضع تلك العلكة أثناء الحملة الانتخابية.

تتشابه تجربة أوباما في الإقلاع عن التدخين مع ملايين آخرين قرروا الإقلاع عن التدخين، لكنهم لم يتمكنوا من ترك السجائر. وقد انخفض معدل المدخنين في الولايات المتحدة إلى 21 في المائة من 28 في المائة في العام 1988، ومسلسل الإقلاع عن التدخين أمر شائع الآن باستخدام علكة النيكوتين واللصقات.

يقول دكتور ستيفن سكرودر، مدير مركز الريادة للإقلاع عن التدخين بجامعة كاليفورنيا، «ان الامر يتطلب من المدخن العادي من 8 إلى 10 محاولات للإقلاع عن التدخين»، وأضاف سكرودر إن الاستشارة ستكون نافعة جدا إذا ما خضع أوباما لعلاجه، وأنه سيشجعه على الإقلاع حتى وإن كان ذلك بالهاتف، وبشكل مجاني. ويضيف سكرودر مشيرا إلى أن معدلات الإقلاع عن التدخين باستخدام بدائل النيكوتين والاستشارة تتراوح ما بين 15 في المائة إلى 30 في المائة وهو ضعف عدد من يحاولون الإقلاع عن التدخين دون الحصول على مساعدة. لكن هل علكة النيكوتين التي يمضغها أوباما منذ فترة آمنة؟ يجيب الدكتور نيل بينوويتز وهو خبير أيضا في إدمان النيكوتين من جامعة كاليفورنيا، بأن استخدام العلكة واللصقات على المدى الطويل إذا نجح في إبعاد الشخص عن السجائر فلا بأس بها. وقال إن أفضل النتائج تقع عندما يستخدم الشخص أكثر من بديل للنيكوتين في ذات الوقت، كارتداء لصقة كل يوم مع استخدام العلكة إذا انتابته رغبة ملحة في التدخين. وقد وجدت الدراسات أن 5 إلى 10 في المائة ممن يستعملون بدائل النيكوتين لا يزالون يستخدمونها بعد مضي عام، وأن النيكوتين ذاته غير ضار في ما عدا فترات الحمل لدى النساء وللأشخاص الذين يعانون من مرض السكري. وقال بينوويتز إن سرطان وأمراض الرئة الأخرى وأمراض القلب تنتج عن المواد الكيميائية الأخرى التي تضاف الى التبغ. وقال: «إذا كان النيكوتين ضارا فإنه أخف ضررا من تدخين السجائر، وإذا ما رغب الأفراد في مضغ العلكة واستعمال اللصقات وليس السجائر فسوف تتحسن حالتهم الصحية».

وأضاف انه يمكن للنيكوتين أن يزيد من سرعة ضربات القلب في بعض الأحيان ويرفع ضغط الدم بنسبة قليلة، لكن الأخطر أنه قد يخفض من حساسية الجسم للأنسولين وهو ما قد يفاقم مرض السكري أو يحدث مضاعفات حرجة. كما يعمل أيضا على تضييق الأوعية الدموية في الجلد ويؤخر من عملية التئام الجروح. غير أن بينوويتز شدد على أنه إذا وجب أن يكون هناك خيار بين تعاطي النيكوتين والتدخين فالنيكوتين هو الخيار الصائب إلى حد بعيد. ويشير بينوويتز إلى أن العودة إلى التدخين أمر عادي، لكن الشهور الثلاثة أو الستة الأولى أو العام الأول هي الخطوة الأكبر بالنسبة للمدخنين، وغالبية الأشخاص الذين يقلعون عن التدخين لمدة عام يكون ذلك جيدا بالنسبة لهم، لكن 10 في المائة يعودون إلى التدخين مرة أخرى حتى بعد انقضاء عام على إقلاعهم عنه.

ويقول بينوويتز ان السبب وراء ذلك «يرجع في الأغلب إلى تعرضهم لموقف فيه ضغط عصبي يشعرون فيه بالتعب وأنهم بحاجة إلى التركيز والاهتمام»، وقد تحدث أوباما عن ذلك بالقول إن الناس اعتادوا على أن يدخنوا سيجارة في مثل هذه المواقف.

ويعتبر النيكوتين إدمانا بالنسبة للكثيرين من الأشخاص، ويمكن يتسبب الإقلاع عنه في اضطرابات مثل القلق والتوتر وقلة النوم والاكتئاب وضعف التركيز، ويقول الخبراء إن الإقلاع عنه أصعب من الكوكايين والهيروين. ويقول بينوويتز: «هناك مادة تدعى المادة الممتعة يطلقها النيكوتين، وعندما يتوقف الشخص عن التدخين لا يشعر بتلك اللذة التي اعتاد عليها. وليست الأمور مرحة كما تبدو فتلك أمور تعتاد عليها بمرور الوقت».

وقد أصبح الناس متعلقين بالتدخين لأنه يشبه إلى حد ما الكحوليات والمواد المخدرة في أنه يغيب العقل، فبعض التغييرات تستمر لفترة طويلة. فإقدام الشباب على التدخين يزيد من إدمانهم له. يشير بينوويتز إلى «الأدلة المتزايدة التي تشير إلى تكوين دوائر عصبية جديدة في الجسم ترتبط بالتدخين وتكون تلك الخلايا عبارة عن مسارات للذاكرة»، ويقول إن «النيكوتين والصور الأخرى من التدخين تقوم بذلك، ومن ثم يكون المخ قد تغير إلى الأبد». ربما تكون تلك المسارات هي التي تعيق ارادة أوباما بالإقلاع عن التدخين. يقول سكرودر «إن بدائل النيكوتين قد تكون قليلة الفائدة إذا ما دخن أقل من عشر سجائر في اليوم، كما يفعل أوباما، لأنه بذلك أدمن التدخين وليس النيكوتين». وفي المقابل، فان أفضل مميزات أوباما انه يحب الجري، ولذا فإن بينوويتز يقول «هناك أدلة متزايدة على أن الرياضة تساعد في الإقلاع عن التدخين، لذا آمل أن يمارس أوباما رياضة السلة بصورة منتظمة».

* خدمة «نيويورك تايمز»