أحداث العالم 2008: أزمات.. وانتخابات.. وقراصنة

الرئيس الأميركي جورج بوش يؤدي حركة بوجهه وهو يرتدي العباءة البيروفية التقليدية خلال قمة في ليما ويبدو أمامه رئيس الوزراء الياباني تارو آسو (أ.ب)
TT

لم ينس العالم أعواما كثيرة مرت عليه، شهد خلالها الناس أحداثا مزلزلة، حفرت في ذاكرتهم.. مثل أعوام 1917، قيام الحرب العالمية الكبرى، 1929 عام الكساد الكبير.. 1939 تاريخ بداية الحرب العامية الثانية.. و2001 الذي شهد اعتداءات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة، وأعوام أخرى شبيهة، محفورة في الذاكرة.

ولن ينسى العالم عام 2008 الذي دخل التاريخ كعام «الأزمة المالية» التي عصفت بدول عظمى وقصفت باقتصاداتها التي باتت تترنح من جرائها. وأدت هذه الازمة الى انهيار بنوك شهيرة، وما زالت تلقي بظلالها كسادا.. حتى اليوم. وقد دفعت هذه الأزمة الى طرح اسئلة كثيرة ومطالب بوجوب اعمال اصلاحات على النظام الرأسمالي، وإعادة النظر في فكرة الاقتصاد الحر. ورغم البداية الهادئة التي شهدها العام.. إلا انها كانت مثل الهدوء الذي يسبق العاصفة.. فسرعان ما تسارعت الاحداث، وشهدنا انفجارات في اماكن ودول عديدة.. وعمليات انتحارية دامية اوقعت عشرات القتلى والجرحى في العراق. ورغم انها كانت الاكثر دموية إلا انها كانت قليلة في عددها. كما لوحظ بروز ظاهرة جديدة في تنفيذ الهجمات الانتحارية، ألا وهي استخدام النساء. وما ان عاد الهدوء المتوتر الى العراق.. حتى اشتعلت منطقة الشريط الحدودي بين باكستان وأفغانستان والهند. لنشهد في ختام العام هجمات مدمرة شهدتها مدينة مومباي الهندية التي أوقعت 172 قتيلاً في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قورنت من حيث التنظيم والاعداد والتخطيط، بأحداث 11 سبتمبر. وتعتبر هذه الاعتداءات الحدث الأبرز في عام 2008. وشهد العام حربا بين روسيا وجورجيا. وتوترا شديدا بين إيران والغرب. ولعل ما يميز هذا العام ايضا هو صحوة انتخابية شهدها العالم في نحو 22 دولة.. ابرزها الولايات المتحدة، التي شهدت انتخابات رئاسية مثيرة، توجت بوصول أول رجل أسود الى كرسي الرئاسة في البيت الابيض، هو باراك اوباما. ويعد وصوله تاريخا لنهاية آخر فصول العنصرية في الولايات المتحدة. وتميزت تلك الانتخابات بانها أطول حملة خلال التاريخ الاميركي وأكثرها تكلفة. وفي منطقة الشرق الاوسط شهد العام جولات جديدة من مفاوضات السلام.. بين الفلسطينيين واسرائيل، ورغم ان هذه المفاوضات لم تراوح مكانها، الا ان اختراقا حدث بقبول اسرائيل ولو ضمنيا بالمبادرة العربية التي اطلقتها القمة العربية في بيروت عام 2002. كما حدثت صفقة تبادل أسرى مع حزب الله.. ومفاوضات مع سورية.. وتهدئة مع «حماس».. الا ان الامور عادت الى نقطة البداية بوقوع الغارات الاسرائيلية على قطاع غزة، في 27 ديسمبر (كانون الاول)، التي تعد الاعنف منذ 60 عاما، سقط فيها أكثر من الف قتيل وجريح.

وشهد العام قرصنة بحرية صومالية منقطعة النظير، وصعق السودانيون بتوجيه اتهامات الى رئيسهم عمر البشير بارتكاب جرائم حرب وإبادة في دارفور، من قبل مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي، الذي طلب من قضاة المحكمة في يوليو (حزيران) الماضي، بإصدار أمر بتوقيف البشير. ولا يزال السودانيون يحبسون انفاسهم انتظارا لقرار قضاة المحكمة. فيما تفاعلت قضية دارفور بالسودان، بعد غزوة مسلحة قامت بها احدى الحركات المتمردة في دارفور، مهاجمة الخرطوم. ويتخوف البعض ان تنتقل «السخونة» التي شهدها العام 2008.. الى العام التالي. لكن البعض الاخر يؤمن بالمثل القائل «لا يلتقي ساخنان..»، فالدعوات إذن ان يكون العام المقبل بردا وسلاما ومحبة على سكان المعمورة.