تهاوي فرص إنقاذ الجرحى بسبب نقص التجهيزات

ممرات المستشفيات أصبحت غرفاً للعمليات بعدما طفحت مسارح العمليات بالجرحى

TT

رغم السنين الطويلة التي قضاها في عمله ممرضاً. ومع أنه شارك في إسعاف المئات من الذين سقطوا في عمليات القصف والتوغل الإسرائيلي التي استهدفت قطاع غزة على مدى 16 عاماً، إلا أن خالد ابو اسماعيل، 36 عاماً، الممرض في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، لم يقدر على حبس دموعه التي كانت تندفع من مآقيه بين الفينة والأخرى كلما تعالت أصوات سيارات الإسعاف مؤذنة بقدوم قتيل أو جريح آخر. وكما قال ابو اسماعيل لـ«الشرق الأوسط» إن ما يبكيه ويدمي قلبه هو حقيقة أنه في كثير من الأحيان من الصعب على الطاقم الطبي العامل في المستشفى، كما هو الحال في كل المستشفيات انقاذ حياة المصابين بسبب نقص التجهيزات الطبية والأدوية، مشيراً الى أن هناك نقصا حتى في الضمادات التي تلف بها الجروح. ويشير ابو اسماعيل إلى أن نقص التجهيزات والمعدات الطبية اللازمة يجعل من الصعب انقاذ حياة الكثير من المصابين الذين كان بالإمكان انقاذ حياتهم في الظروف الطبيعية. ويشل الحصار اقسام العناية المركزة في بعض المستشفيات المركزية في القطاع، حيث تفتقد هذه المستشفيات لتجهيزات قادرة على التعامل مع أوضاع الطوارئ. أحد الممرضين في مستشفى «شهداء الأقصى»، المستشفى المركزي في المنطقة الوسطى من القطاع أبلغ «الشرق الاوسط» أن الكثير من أجهزة العناية المكثفة عاطلة عن العمل، الأمر الذي يجعل من المستحيل التعامل مع بعض الجرحى من ذوي الاصابات الخطرة، فيفارقون الحياة بعد وصولهم المستشفى. وقال «معظم الإصابات التي تصل المستشفى جراء عمليات القصف المتواصل هي حالات حرجة وخطرة، وبسبب كثرة هذه الحالات، فإن بعض المصابين لا يمكنهم الاستفادة من إمكانات تجهيزات العناية المكثفة المحدودة» على حد تعبيره. ومن المشاكل التي تعجل بوفاة الجرحى هو حقيقة عدم وجود غرف عمليات قادرة على استقبال العدد الكبير من الجرحى، الأمر الذي دفع الكثير من المستشفيات الى تحويل الممرات فيها الى غرف عمليات. واكد أحد الممرضين الذين يعملون في مستشفى دار الشفاء، لـ«الشرق الأوسط» أنه في ظل هذا الواقع، فإنه من المستحيل توفير الظروف الصحية لإجراء العمليات الجراحية حيث يتوجب تعقيم البيئة المحيطة بالشخص الذي تجرى له العملية. ومن أجل أن يبين حجم الكارثة الإنسانية التي يحياها الفلسطينيون، يقارن ممرض آخر بين الواقع في غزة وفي إسرائيل، ويشير الى أنه في الوقت الذي يتم فيه إجلاء المستوطنين الذين يصابون بالصدمة للمستشفيات ويقدم العلاج لهم، فأن الذين يصابون بجراح خفيفة في القطاع لا يتم نقلهم للمستشفيات بسبب الضغط الكبير على غرف الاستقبال والعمليات. وما يزيد الأمور تعقيداً هو حقيقة اضطرار الفلسطينيين في كثير من الأحيان إلى نقل المصابين في سيارات خاصة وليس في سيارات الإسعاف، حيث أن هذا الأمر أدى الى زيادة التدهور في حالات الكثير من المصابين، حيث أن الناس العاديين الذين يقومون بنقل المصابين يكونون في الغالب غير مدربين على إجلاء المصابين، فضلاً عن عدم وجود التجهيزات الطبية المناسبة في السيارات الخاصة. وأصبح من المستحيل جراء عدد الإصابات الهائل، أن تتمكن سيارات الإسعاف من نقل المصابين للمستشفيات. في كثير من الأحيان لا تتمكن سيارات الإسعاف حتى من الوصول الى ساحات القصف بسبب تعرضها الى النيران الاسرائيلية ناهيك من نقل الجرحى والضحايا. وإلى جانب كل ذلك، فإنه لا يمكن تجاهل العبء الكبير جداً الملقى على عاتق الطواقم الطبية المحدودة أصلاً في مستشفيات قطاع غزة. وعلمت «الشرق الأوسط» أن الكثير من الأطباء والممرضين لم يغادروا المستشفيات منذ أن شرعت إسرائيل في هجومها الوحشي على القطاع يوم السبت الماضي. والنقص في عدد أطباء الجراحة الى جانب العدد الكبير من المصابين ألزما الأطباء والطواقم الطبية بمواصلة العمل دون انقطاع.

من ناحيته، قال وزير الصحة في الحكومة المقالة باسم نعيم أن عدد الأجهزة الطبية المعطلة بلغ أكثر من 220 جهازاً بسبب منع إدخال قطع الغيار اللازمة لها، مضيفاً أن أكثر من 105 أصناف دوائية نفدت تماماً من مستشفيات غزة إضافة إلى نفاد 225 صنفاً من المستهلكات الطبية المهمة. وأوضح نعيم أن 10% من القتلى هم من الأطفال والنساء، مبيناً أن الجرحى تجاوزوا الألف؛ منهم 35% من الأطفال والنساء.