مدير المركز السينمائي المغربي: لا يمكن القضاء على القرصنة ولو تمت الاستعانة بالجيش

مختصون يناقشون في طنجة واقع السينما المغربية

مشهد من فيلم «كزا نيكرا» للمخرج نور الدين لخماري
TT

على الرغم من الدينامية التي تعرفها حركة الإنتاج السينمائي ظاهريا، حيث أنتج خلال العام الحالي 14 فيلما دخل المنافسة في المهرجان الوطني العاشر للفيلم بطنجة، والذي أصبح موعدا سنويا، فإن واقع السينما بالمغرب يعاني الكثير من المشاكل، بل يمكن الحديث عن أزمة سينمائية مغربية شكلت موضوع ندوة عقدت على هامش المهرجان، حاول خلالها السينمائيون تشخيص المشاكل والعراقيل، وكذا البحث عن حلول أو اقتراحات عملية للخروج من الأزمة.

وفي هذا السياق، قال صارم الفاسي الفهري، رئيس غرفة المنتجين المغاربة، انه في ظل الوفرة على مستوى الإنتاج، حيث انتقل المغرب من إنتاج 10 إلى 15 فيلما في السنة «نجد أنفسنا أمام واقع مقلق يتمثل في إغلاق عدد من قاعات العرض، إلى جانب ظاهرة القرصنة، ونقص الموارد البشرية، خصوصا على مستوى التقنيين المؤهلين، والأهم من ذلك، غياب الجمهور عن القاعة، وهو اكبر مشكلة تواجهها السينما المغربية حالياً، اذ انه لا يمكن الحديث عن سينما من دون جمهور».

واستعرض المخرج لطيف لحلو، مجموعة من العناصر التي من شأنها عرقلة حركة الإنتاج السينمائي المغربي؛ وعلى رأسها غياب سوق وطني للأفلام المنتجة، واعتماد السينما المغربية على مصدر واحد للتمويل هو الدعم الحكومي الذي تقدمه الدولة للمخرجين، والذين يشعرون بأن المستقبل يبقى غامضا، خصوصا في غياب إطار قانوني يحدد طريقة تدبير المنح المالية المقدمة من قبل صندوق الدعم السينمائي.

واشار لحلو الى غياب التكوين في الميدان السينمائي بالمغرب، إلى جانب أن حقوق المؤلفين غير معترف بها في هذا المجال. كما نبه الى غياب متخصصين في كتابة السيناريو، وهو ما يؤثر على جودة الأفلام.

واقترح لحلو إنشاء مركبات سينمائية بالتعاون مع المجالس البلدية في مختلف المدن المغربية لا تقتصر على العروض السينمائية، بل تخصص أيضا للعروض المسرحية والغنائية، كمساهمة في إنعاش الحركة الثقافية ككل، حيث لاحظ انه يتم في المغرب تشييد عدد من المدن الجديدة بالقرب من المدن الكبرى، دون أن تتضمن أي مسارح أو قاعات سينمائية.

من جانبه، ركز عبد الحميد المراكشي، رئيس الغرفة المغربية لأصحاب القاعات السينمائية، في مداخلته، على موضوع القرصنة واعتبره المشكلة الرئيسية التي «قتلت» السينما المغربية، حيث اصبحت الافلام تقرصن بسهولة عن طريق الانترنت، واعتمادا على تقنيات متطورة جدا، ويتحكم في هذه العملية قراصنة كبار، يطرحون آلافا من الاقراص في السوق بثمن لا يتعدى 5 دراهم (نصف دولار).

وحمل المراكشي مسؤولية انتشار القرصنة على نطاق واسع، للسلطات الحكومية بالدرجة الاولى. وقال ان وزارة الداخلية تمتلك كل الامكانات للقضاء على هذه الظاهرة في اسبوع او شهر على اكثر تقدير.

ودعا المراكشي الى تكثيف الحملات الإعلانية بمختلف الوسائل لمحاربة الظاهرة بمساهمة المخرجين انفسهم، وتوعية المشترين بخطورة القرصنة كمرادف للسرقة، واعتبارها بمثابة «سرطان» يجب استئصاله.

وشدد المراكشي على دور العدالة في محاربة القرصنة، داعيا الى تكوين قضاة متخصصين في المجال. واعترض نور الدين الصايل، مدير المركز السينمائي المغربي، ورئيس المهرجان الوطني للفيلم، بشدة على اختزال مشكلة السينما المغربية في موضوع القرصنة. وقال اذا «اعتبرنا القرصنة هي المشكلة الوحيدة التي تهدد السينما المغربية، فاننا بذلك نخدع الجمهور» ،فالقرصنة، برأيه، ليست سوى احد الجوانب، والتي يتم حاليا مواجهتها بعنف، الا انه لا يمكن استئصالها في مدينة الدار البيضاء وحدها، حتى لو تمت الاستعانة بالجيش وليس بالشرطة فقط، مشيرا الى ان ازمة السينما بدأت قبل خمسة عشر عاما، حيث كان للمحطات التلفزيونية دور كبير في هذه الازمة.

ووجه الصايل نقدا لاذعا لأصحاب القاعات السينمائية في المغرب الذين تركوا تلك القاعات على حالها منذ انشائها في عقد السبعينات من القرن الماضي، بحيث لم تعد صالحة لتقديم العروض السينمائية سواء على مستوى التجهيزات التقنية من صوت وصورة، أو على مستوى توفر كراسي مريحة. واكد الصايل على اولوية انشاء مركبات سينمائية «تحترم المتفرج»، مزودة باحدث وسائل التكنولوجيا، وكذا انشاء صالات عروض صغيرة في الاحياء بالتعاون مع البلديات لعودة ما سماه «سينما القرب».

وانتقد عزيز السالمي، المخرج السينمائي المغربي، بدوره، الوضع الذي آلت اليه بعض القاعات السينمائية التي ما زالت تفتح ابوابها في وجه الجمهور. وقال انها تحولت الى اماكن مخيفة، بسبب العتمة التي تميزها، حيث تفتقر واجهاتها الى الاضاءة، منتقدا حتى المضيفات اللواتي يعملن في تلك القاعات.