زعيم المعارضة الصومالية يحذر من وقوع أعمال انتقامية والمعارضة تنقل مقرها لمقديشو

واشنطن تشيد باستقالة الرئيس.. وأديس أبابا ترى أنها تساهم في تسوية الأزمة

TT

حذر الشيخ شريف شيخ أحمد، زعيم تحالف المعارضة، من حدوث عمليات انتقامية في الصومال بعد انسحاب القوات الإثيوبية المرتقب بداية يناير (كانون الثاني) المقبل من الصومال. وأعرب الشيخ شريف في تصريحات صحافية أدلى بها في العاصمة مقديشو عن قلقه العميق من أن يقوم البعض بارتكاب عمليات انتقامية ضد مجموعات أخرى بسبب الحرب التي وقعت أثناء وجود القوات الإثيوبية. وذكرَ الشيخ شريف أن التحالفَ بصددِ استكمال تشكيل قوات أمنية للمحافظة على الأمن والنظام بعد الانسحاب الإثيوبي. وأضاف «أن عمليات دمج القوات بين الطرفين لم تتم بعد، لكن كل طرف (تحالف المعارضة والحكومة الانتقالية) سيقوم بحفظ الأمن في مناطق معينة ستخليها القوات الإثيوبية». وأشار الشيخ شريف إلى أن اللجان الأمنية المشتركة التي شكلت بعد اتفاقية جيبوتي تدرس هذا الأمر حالياً. وسئل الشيخ شريف عن موقفه من تنظيم الشباب والجماعات المسلحة الأخرى المعارضة لاتفاقية جيبوتي، فرد قائلا: «إذا كانوا يقاتلون من أجل إخراج القوات الإثيوبية فها هم يخرجون. وبعدها سنعرف ما إذا كان لدى بعض الفصائل الرافضة أجندة أخرى غير شعار إخراج القوات الإثيوبية الذي رفعوه في الماضي». من جهته، كشف عبد الرحمن جَنَقو، الأمين العام لتحالف إعادة تحرير الصومال، أن التحالف سيتخذ من العاصمة مقديشو مقرا له، وأن جميع مكاتبه وقياداته ستنتقل تباعاً إلى العاصمة. وأدلى القيادي في المعارضة الصومالية بهذا التصريح إثر وصوله إلى مقديشو، قادما من المنفى في جيبوتي، حيث مقر تحالف المعارضة منذ إنشائه قبل عام ونصف. وكشف الشيخ جنقو أيضا عن اتصالات مع قياديين من جناح أسمرة من المعارضة؛ بينهم حسين عيديد (وزير الداخلية السابق) وزكرياء حاج محمود (نائب الشيخ شريف سابقا) وآخرون من قيادات جناح أسمرة بهدف انضمامهم إلى جناح جيبوتي المتصالح مع الحكومة، لكن زعيم جناح المعارضة في أسمرة الشيخ حسن طاهر أويس، نفى هذه الأنباء بشدة ووصفها بأنها عارية عن الصحة، وقال «لا يمكن الانضمام إلى جناح جيبوتي ما دام العدو موجودا في البلاد». وأضاف أويس «أن عودة الشيخ شريف إلى العاصمة مقديشو قرار غريب، وهو بمثابة استسلام للعدو». وكان الشيخ شريف قد عاد لأول مرة إلى العاصمة مقديشو منذ الإطاحة بنظام المحاكم الإسلامية قبل عامين. وجاءت عودته وعودة القياديين من تحالف المعارضة جناح جيبوتي نتيجة اتفاقية جيبوتي للسلام بين الطرفين في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي برعاية الأمم المتحدة. على صعيد آخر، تتواصل الاشتباكات الطائفية في إقليم «جل جدود» وسط الصومال بين مقاتلي تنظيم الشباب في مدينة طوسا مريب عاصمة الإقليم وبين مليشيات جماعات الطرق الصوفية. وجرت معارك دموية بين الطرفين في مدينتي طوسا مريب وجوري عيل بالإقليم أسفرت عن مصرع نحو 40 شخصاً وعددا مماثلا من الجرحى. وتتهم جماعات الطرق الصوفية تنظيمَ الشباب بأن لهم أجندة خفية لمحاربة علماء الصوفية، وهدم أضرحة علماء دين بارزين، كان لهم دور تاريخي في نشر الإسلام بالقرن الأفريقي. واتهم متحدث باسم علماء الصوفية المعروفة أيضا باسم «تجمع أهل السنة والجماعة» بأن تنظيم الشباب يريد القضاء علي نشاطات الطرق الصوفية. وزاد من غضب أتباع الطرق الصوفية قيام تنظيم الشباب بهدم ونبش عدد من الأضرحة التي تعود لعلماء طرق صوفية في جنوب البلاد؛ بينهم الشيخ نور حسين والشيخ مرجان والشيخ سخاء الدين؛ وهم من أبرز علماء الطرق الصوفية نهاية القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين. وترددت أنباء بأن الشباب يعتزمون هدم وإزالة جميع أضرحة شيوخ الطرق الصوفية في المناطق التي يسيطرون عليها، لكن المتحدثَ باسم تنظيم الشباب، الشيخ مختار روبو، نفى استهدف مقاتلي التنظيم الطرق الصوفية. وقال ان التنظيم ليس طرفاً في أي حرب ضد الجماعات الصوفية، والمعارك الجارية بوسط البلاد هي بين مقاتلي التنظيم ومليشيات يدعمها الجيش الإثيوبي لمحاربة الإسلاميين بالوكالة».

من جهتها، أشادت الولايات المتحدة باستقالة الرئيس الصومالي عبد الله يوسف احمد، ودعت الى تنظيم انتخابات لتعيين خليفة له وتشكيل حكومة وحدة وطنية. وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية غوردن ديغويد «نحن ندعم ونحترم قرار الرئيس يوسف بالاستقالة من منصبه كرئيس للحكومة الاتحادية الانتقالية. ونشيد بتعهده بمتابعة عملية السلام في جيبوتي». واضاف «ونحن نعترف بجهود الرئيس يوسف لمصلحة السلام والاستقرار في الصومال على الامد البعيد».. وامام البرلمان 30 يوماً لانتخاب رئيس جديد، وشدد المتحدث الاميركي على ضرورة الالتزام بهذه المهلة. وعلى أن الولايات المتحدة تأمل من قادة البلاد «ان يكثفوا جهودهم للتوصل الى تشكيل حكومة وحدة وطنية، ويحسنوا ظروف الامن ويقيموا قوة امنية مشتركة». وقال ان واشنطن مستعدة لدعمها بـ5 ملايين دولار.

من جهة اخرى، أعلنت إثيوبيا أمس ان استقالة الرئيس «ستساهم في تعزيز الحكومة وتسوية الازمة» في هذا البلد الذي دمرته الحرب الاهلية.

وقال بيريكيت سيمون، مستشار رئيس الوزراء الاثيوبي ملس زيناوي لوكالة الصحافة الفرنسية، «ان الرئيس يوسف ونور حسن حسين (رئيس الوزراء) كانا صديقين لنا، ولكن يوسف قرر الاستقالة. وسوف تساهم استقالته في تعزيز الحكومة في الصومال وتسوية الأزمة». واضاف سيمون «ولكن الصوماليين وحدهم هم الذين يقع على عاتقهم العمل من جديد في هذا الاتجاه». واشار الى ان هذه الاستقالة لن تغير شيئا من الخطة المقررة لانسحاب الجيش الإثيوبي من الصومال قبل بداية 2009. وقال مستشار رئيس الوزراء الإثيوبي ان «جدولنا الزمني للانسحاب قد وضع بعد استعراض عام للوضع في الصومال، وهو غير مرتبط باستقالة احد كائنا من كان». وفي نفس الوقت، ناشدت منظمة المؤتمر الإسلامي الحكومة الاتحادية الانتقالية في الصومال إعادة تأكيد التزامها باتفاق السلام الذي تم توقيعه في جيبوتي. ودعا أمين عام المنظمة أكمل الدين إحسان أوغلو، في بيان له امس عقب الإعلان عن استقالة الرئيس الصومالي، إلى تعزيز روح الوحدة وتكريس مبدأ وحدة الهدف لدى الحكومة الاتحادية الانتقالية من أجل التنفيذ السريع لاتفاق جيبوتي للسلام الذي لا يزال يمثل العملية الوحيدة التي تتمتع بالمصداقية السياسية والجارية حالياً في الصومال. وأشاد أمين عام المنظمة التي تتخذ من مدينة جدة السعودية مقرا لها بـ«إسهامات الرئيس الصومالي الماضية تجاه بلاده»، مجددا عزم المنظمة مواصلة العمل بصورة نشطة للمساهمة في إعادة ركائز السلام الدائم والاستقرار والتنمية بالصومال.