تونس: أحزاب معارضة تبحث عن «خط ثالث بين الموالاة والمغالاة»

القوماني: هناك مكاسب اجتماعية لكن يجب تعزيز التعددية السياسية وتطوير الإعلام

TT

يبدو ان بعض أحزاب المعارضة التونسية صارت تبحث عن «خط ثالث بين الموالاة والمغالاة» يخرجها من عنق الزجاجة ويمكنها من مواجهة الحزب الحاكم القادر على الفوز بسهولة في جميع المناسبات السياسية. ورغم الدعوات المتكررة إلى «التمترس في خندق واحد» وبروز تجارب مثل «اللقاء الديمقراطي» و«المبادرة الوطنية» التي حاولت جمع «فلول» المعارضة، فإن تلك التجارب لم تجد صدى كافياً لدى النشطاء السياسيين في تونس، مما خلف حديثا تداوله بعض المتابعين عن وجود «خط ثالث» أسموه الوسطية والاعتدال في المطالب، واحترام محلية النشاط السياسي، والتواصل الايجابي مع مبادرات السلطة دون الانسياق الكامل وراء ما تطرحه من برامج وسياسات.

وقال المحلل السياسي التونسي خالد الحداد: «الحياة السياسيّة في تونس عرفت تفكّكا في أواسط التسعينيات والمعارضة انقسمت إلى قسمين أحدهما اختار الموالاة للسلطة والآخر المعارضة الراديكاليّة». وأضاف: «هذا الانقسام لم يؤت نتائج إيجابيّة إذ تماهى الموالون للسلطة مع برامج الحكومة وأصبحوا من أكثر المدافعين عنها، كما ابتعد الشق الثاني عن النظر بإيجابيّة إلى ما يُقدّم من مبادرات». واعتبر الحداد أن تجريب الخيار الثالث، بإمكانه أن يوفّر للحياة السياسيّة فرصة البحث عن مخرج يعطي آفاقا واسعة لإيجاد ديناميكيّة جديدة للمشهد السياسي، وهو ما بدأ في التبلور في أدبيات عديد السياسيّين والحزبيّين من كلا الضفتين منهم على وجه الخصوص تيّاران داخل «حركة التجديد» و«الحزب الديمقراطي التقدّمي».

ويرى محمد القوماني من «الحزب الديمقراطي التقدمي» (يساري) أن هناك أحزابا في المعارضة تناست دورها المعارض وأصبح قسم هام منها في وفاق تام من السلطة. ويضيف: «التفكير في الانطلاق من النقطة الصفر في الحالة التونسية لا مبرر له، فالمكاسب الاجتماعية والاقتصادية لا يمكن إنكارها، لكننا في حاجة إلى النهوض بمحاور التعددية السياسية والحقوق الأساسية وتطوير الإعلام».

ويقول العروسي النالوتي من «حركة الديمقراطيين الاشتراكيين» (اشتراكي)، إن المغالاة لا تؤدي إلى نتائج، فالبلاد حققت منذ الاستقلال الكثير من المكاسب ولسنا على استعداد للتفريط فيها واستهدافها من قبل اليسار أو اليمين، والتغيير يمكن أن يتم بأسلوب ديمقراطي متحضر أما الاستقواء بالأجانب باسم تحقيق الديمقراطية فحزبنا حسم هذا الأمر واختار النضال بالوسائل المتاحة عبر الحوار وترويض الحزب الحاكم على قبول المزيد من الإصلاحات. واضاف: «نحن حقا من مناصري الخط الثالث الذي لا يوالي ولا يغالي».

أما عادل الشاوش من «حركة التجديد» (الحزب الشيوعي سابقا)، فيقول: «نحن لا نرفض أن يكون هناك حزب مساند للسلطة، ولكن ما نعيبه هو أن أحزاب المعارضة لم تعد تعارض». واضاف: «نحن ضد المغالاة في شكلها المطروح حاليا، فالقول بعدم وجود مكتسبات في تونس وتغليب الشؤم التام عملية مجانبة للحقيقة. والقول بوجود الشر المطاق مجانب للحقيقة فالحركة تنطلق من المعارضة الوطنية الواضحة والمسؤولية تراعي مصالح البلاد العليا ويهمنا مصير تلك المكاسب». وتابع: «الحركة وضعت خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها لكنها لا تنكر مثلا ضرورة الرفع من نسق الانفتاح السياسي ودعم حرية الإعلام ومواصلة نهج الإصلاح السياسي».